فإذا قطعت هذه الطّبقة حتى تبلغ الشّأم فأكلة ربا وباغية وشربة خمر وباعتها إلّا قليلا، فإذا خلّفت هذا الرّمل حتى تأتي رمل يبرين وأعلام الرّوم فلا غسل من جنابة، ولا إسباغ وضوء، ولا إتمام صلاة، ولا علم بحدود ما أنزل الله على رسوله صلّى الله عليه وسلّم إلّا قليلا، فإذا صرت إلى الأمصار فأصحاب هذه الكراسيّ ليس منهم إلا ذئب مستغرّ بذنبه، يختلك عن دينارك ودرهمك، يكذب، ويبخس في الميزان، ويطفّف في المكيال، إلا قليلا، فإذا صرت إلى أصحاب الغلّات الّذين كفوا المؤونة وأنعم عليهم وجدتهم يمسي أحدهم سكران ويصبح مخمورا، إلّا قليلا، ومعي والله منهم قطيع في الدار، فإذا صرت إلى قوم لم ينعم عليهم بما أنعم على هؤلاء، وهم يشتهون ما يشتهي هؤلاء، فواحد لصّ، وآخر طرّار «1» ، وآخر مستقف «2» إلّا قليلا، فإذا صرت إلى أصحاب هذه السّواري «3» ، فهذا يشهد على هذا بالكفر. وهذا يبرأ من هذا، والله لئن لم يعمّنا الله برحمته إنها للفضيحة.
فقال الوزير: لقد شرّدت النوم عن عيني، وملأت قلبي عجبا، فإنّ الأمر لكما قال، فإذا كان هذا قوله في عصره، وشجرة الدين على نضارة أغصانها وخضرة أوراقها، وينع ثمارها، فما قوله- ترى- فينا لو لحقنا، وأدرك زماننا، إنّا لله وإنّا إليه راجعون.