وعدت ليلة أخرى وقرأت عليه أشياء من هذا الفنّ.
منها: عقد هشام بن عبد الملك لسعيد بن عمرو الجرشيّ أيّام التّرك، فقال سعيد: يا فتح، يا نصر، خذا اللّواء. فقام هشام: أعمدا قلت هذا؟ قال: لا، ولكنّهما غلاماي دعوتهما. قال هشام: هو الفتح والنّصر إن شاء الله. وكان ذلك كذاك.
وكان عمر بن الخطّاب- رضي الله عنه- يعرض، فمرّ به حيّة بن نكّاز، فقال:
لا حاجة لنا في هذا، هذا حيّة وأبوه ينكز.
ورمى رجل الجمار، فأصاب صلعة عمر بحصاة فشجّه. فقال رجل: أشعرت يا أمير المؤمنين لا يقوم عمر هذا المقام أبدا. فكان ذلك كذلك.
وخرج رجل ينظر الحسن بن علي- صلوات الله عليه- فلقي رجلا، فقال له:
ما اسمك؟ قال: عقال. قال: ابن من؟ قال ابن عقيل. قال: من بني من؟ قال: من بني عقيل. قال عقلته عقلك الله.
هذا الجزء أيّها الشيخ- أبقاك الله ما تمنّيت البقاء- هو الجزء الثاني، والثالث يتلوه، والظّنّ الجميل بك، يعدنا بالحسنى منك، وقد علمت الغرض في جمع هذا كلّه والتعب فيه، وأرجو ألّا يخيب الأمل، ولا يبور العمل، وإن كان ذلك لا يخلو من بعض الخلل والزّلل. فإذا أخذت بحكم الفضل الذي هو عادتك وديدنك مع الصغير والكبير، والقريب والبعيد، فاز قدحي، وصدق نوئي، وصحّ زجري وفألي.
حرس الله نفسك، وصان نعمتك، وكبت كلّ عدوّ لك.