حَتَّى سمعُوا كَلَامه توبيخا وحسرة وندامة وَمِنْهُم من خصّه بِبَعْض أَحْوَال الْمَوْتَى كوقت المساءلة لَا فِيمَا بعد المساءلة وَمِنْهُم من أول الحَدِيث وَحمل الْآيَة على ظَاهرهَا وعمومها وَالْمَسْأَلَة مَشْهُورَة جدا وَقد حررتها فِي شرح البُخَارِيّ وَالله أعلم بِالصَّوَابِ
الْحَمد لله
سُئِلت عَن الْحِكْمَة فِي تفَاوت الْمَوَاقِيت فِي الْمسَافَة إِلَى مَكَّة فأجبت بِأَن الَّذِي وقفت عَلَيْهِ من ذَلِك لأهل الْعلم شَيْئَانِ أَحدهمَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ القَاضِي عِيَاض فِي الْإِكْمَال فِي شرح مُسلم لما تكلم على حَدِيثي ابْن عمر وَابْن عَبَّاس فِي الْمَوَاقِيت قَالَ وَفِي الحَدِيث (رفق النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بأمته حَيْثُ بأمته جعل لَهُم هَذِه الْمَوَاقِيت لِأَن الْمَدِينَة أقرب الْبِلَاد إِلَى مَكَّة فَجعل ميقاتها أبعد الْمَوَاقِيت إِلَى مَكَّة رفق بالآخرين) هَذَا كَلَامه أَو مَعْنَاهُ وَثَانِيهمَا مَا أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو مُحَمَّد بن حزم فَإِنَّهُ قَالَ وَإِنَّمَا كَانَ مِيقَات أهل الْمَدِينَة أبعد لِأَنَّهَا أشرف فَيكون ذَلِك أعظم أجرا لأَهْلهَا زِيَادَة فِي فَضلهمْ على غَيرهم هَذَا كَلَامه أَو مَعْنَاهُ فَأَما كَلَام عِيَاض فَهُوَ وَاضح فِي الْمَدِينَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَقِيَّة الْبِلَاد وَلَكِن فِي نِسْبَة بعض الْبِلَاد الْأُخْرَى إِلَى بعض نظر لِأَن أبعد الْمَوَاقِيت بعد الْمَدِينَة من مَكَّة مِيقَات أهل الشَّام وَالشَّام إِلَى مَكَّة أبعد الْبِلَاد الَّتِي جعلت لَهَا الْمَوَاقِيت كاليمن ونجد وَالْعراق مَعَ أَن ميقاتها أبعد فَكَانَ قِيَاس قَوْله أَن يكون أقرب فَلم يسْتَمر مَا أَشَارَ إِلَيْهِ عِيَاض فِي الْمَوَاقِيت كلهَا
وَأما كَلَام ابْن حزم فَهُوَ يتألم من هَذَا الِاعْتِرَاض وَذَلِكَ أَنه وَاضح فِي الْمَدِينَة بِالنِّسْبَةِ إِلَى بَقِيَّة الْبِلَاد الَّتِي نَص على مواقيتها والمواقيت المنصوصة بعد ذِي الحليفة هِيَ الْجحْفَة وَقرن ويلملم وَذَات عرق على اخْتِلَاف فِيهَا هَل هِيَ منصوصة من النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَو بِاجْتِهَاد من عمر فأبعد هَذِه الْمَوَاقِيت من مَكَّة بعد ذِي الحليفة