يلْزم من ذَلِك أَن يكون الشَّافِعِي قَائِلا بوصول ثَوَاب الْقُرْآن لِأَن الْقُرْآن أشرف الذّكر وَالذكر يحْتَمل بِهِ بركَة للمكان الَّذِي يَقع فِيهِ وتعم تِلْكَ الْبركَة سكان الْمَكَان وأصل ذَلِك وضع الجريدتين فِي الْقَبْر بِنَاء على أَن فائدتهما أَنَّهُمَا مَا دامتا رطبتين تسبحان فَتحصل الْبركَة بتسبيحهما لصَاحب الْقَبْر وَلِهَذَا جعل غَايَة التَّخْفِيف جفافهما وَهَذَا على بعض التأويلات فِي ذَلِك وَإِذا حصلت الْبركَة بتسبيح الجمادات فبالقرآن الَّذِي هُوَ أشرف الذّكر من الْآدَمِيّ الَّذِي هُوَ أشرف الْحَيَوَان أولى بِحُصُول الْبركَة بقرَاءَته وَلَا سِيمَا إِن كَانَ الْقَارئ رجلا صَالحا وَالله أعلم
وَاسْتدلَّ جمَاعَة مِنْهُم عبد الْحق على حُصُول الِاسْتِمَاع من الْمَيِّت بمشروعية السَّلَام على الْمَوْتَى فَقَالُوا لَو لم يسمعوا السَّلَام لَكَانَ خطابهم بِهِ عَبَثا وَهُوَ بحث ضَعِيف لِأَنَّهُ يحْتَمل خلاف ذَلِك
فقد ثَبت فِي التَّشَهُّد مُخَاطبَة النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَهُوَ لَا يسمع جَمِيع ذَلِك قطعا فخطاب الْمَوْتَى بِالسَّلَامِ فِي قَول الَّذِي يدْخل الْمقْبرَة السَّلَام عَلَيْكُم أهل الْقُبُور من الْمُؤمنِينَ لَا يسْتَلْزم أَنهم يسمعُونَ ذَلِك بل هُوَ بِمَعْنى الدُّعَاء فالتقدير اللَّهُمَّ اجْعَل السَّلَام عَلَيْكُم كَمَا تقدر فِي قَوْلنَا الصَّلَاة وَالسَّلَام عَلَيْك يَا رَسُول الله فَإِن الْمَعْنى اللَّهُمَّ اجْعَل الصَّلَاة وَالسَّلَام على رَسُول الله فقد ثَبت فِي الحَدِيث الصَّحِيح فِي أَن العَبْد إِذا قَالَ السَّلَام علينا وعَلى عباد الله الصَّالِحين أصَاب كل عبد صَالح // صَحِيح // فَهُوَ خبر بِمَعْنى الطّلب فالتقدير اللَّهُمَّ سلم عَلَيْهِم وَالله أعلم
وَأما قَوْله إِذا دفن الْمَيِّت قَرِيبا من قبر آخر أَو بَعيدا هَل يعرفهُ ويسأله عَن أَحْوَال الدُّنْيَا فَالْجَوَاب نعم قد ورد فِي عدَّة أَحَادِيث مَا يدل لذَلِك مِنْهَا مَا أخرجه ابْن أبي الدُّنْيَا من طَرِيق أبي الزبير عَن جَابر قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَحْسنُوا