وكما اعتنى علماء الأمة الإسلامية بصحيح البخاري الذي هو أصح كتاب بعد كتاب الله عز وجل فقد كانت عنايتهم عظيمة بصحيح مسلم الذي هو أصح كتاب يليه. فقد شرحه شارحون واختصره مختصرون وألف في رجاله مؤلفون واستخرج عليه مستخرجون، وعنايتهم بهذين الكتابين جاءت على قدر منزلة كل منهما، فهي بالنسبة لصحيح البخاري بالدرجة الأولى وبالنسبة لصحيح مسلم بالدرجة الثانية، فالكتب التي ألفت في صحيح مسلم كثيرة وأكثر منها المؤلفات المتعلقة بصحيح البخاري، ومع كثرة شروح صحيح مسلم ليس فيها ما يقرب من الكتاب العظيم الذي وفق الله لوضعه الحافظ ابن حجر العسقلاني في شرح البخاري الذي أسماه ((فتح الباري)) وأشهر شروحه وأكثرها رواجا في هذا العصر شرح الإمام النووي وهو شرح يغلب عليه الاختصار، وأكثر عنياته فيه في ضبط الألفاظ والتنبيه على لطائف الإسناد مع الإشارة إلى بيان فقه الحديث أحيانا.
وممن عني بصحيح مسلم عناية تامة من المعاصرين الشيخ محمد فؤاد عبد الباقي، فقد بذل جهدا مشكورا في ترقيمه وتنويع فهارسه حتى كان الوصول إلى المطلوب فيه سهلا ميسورا لا يحوج الناظر إلى عناء ومشقة وخصص لهذه الفهارس مجلدا حافلا بأنواع شتى من الوسائل المؤدية إلى الوقوف على ما في هذا الكتاب المبارك بيسر وسهولة.
وقد طبع صحيح مسلم في أربع مجلدات وتلك الفهارس في مجلد، وما أحوج طالب العلم إلى اقتناء هذه الفهارس التي هي في الحقيقة مفتاح لصحيح مسلم.