وَمِنْهَا تَحْرِيم مَا وَرَاء الزَّوْجَات والمملوكات
وَمِنْهَا ثَمَانِي مأمورات الْإِيمَان والخشوع وَترك اللَّغْو وَفعل الزَّكَاة وَحفظ الْفروج ورعاية العهود والأمانات والمحافظة على الصَّلَوَات
فَهَذِهِ كلهَا مأمورات فَإِن الله جلّ جَلَاله افتتحها بالمدح بالفلاح وختمها بالوعد بالفردوس ثمَّ اسْتثْنى الزَّوْجَات والمملوكات من الْمَدْح بِحِفْظ الْفروج عَنْهُن فخرجن من الْمَدْح بالتحفظ عَن وطئهن فَلَمَّا خرجن من حيّز الْمَدْح جَازَ أَن يكون وطئهن مُبَاحا وَأَن لَا يكون فَأخْرجهُ من حيّز النَّهْي إِلَى حيّز الْإِبَاحَة بقوله {فَإِنَّهُم غير ملومين} ثمَّ بَين أَن مَا عداهن محرم بقوله {فَمن ابْتغى وَرَاء ذَلِك فَأُولَئِك هم العادون}
وَقد تدل اللَّفْظَة الْوَاحِدَة على حكمين أَحدهمَا مُسْتَفَاد من الدّلَالَة الصِّيغَة وَالْآخر مُسْتَفَاد من دلَالَة اللُّزُوم كَقَوْلِه تَعَالَى {وَبشر الَّذين آمنُوا وَعمِلُوا الصَّالِحَات} يدل على أَمر الرَّسُول بالتبشير وعَلى أَمر المخاطبين بِالْإِيمَان وَالْعَمَل الصَّالح لتَعلق الْبشَارَة بهما وَقَوله {وَقل للَّذين لَا يُؤمنُونَ اعْمَلُوا على مكانتكم} يدل على أَمر الرَّسُول بإبلاغهم هَذَا القَوْل وعَلى تَحْرِيم الْعَمَل على مكانتهم
فَإِن قَوْله {اعْمَلُوا} أَمر تهديد ووعيد وَكَذَلِكَ قَوْله {قل أطِيعُوا الله}