وقد أخبرناك بما تقدم لمالك وأصحابه وغيرهم من العلماء فلا ينبغي التساهل في هذه المعاني وَلاَ يُغْفَلُ عَنْ تَفقُّدِهَا ولا عما وقع منها، فصغار الأمر تجر كبارها، وربما كانت هذه حِيَلاً لاسْتِمَالَةْ قُلُوبِ النَّاسِ وَصَيْدِ دَرَاهِمِهِمْ، فإن قال هؤلاء المُسْتَفْتَى فِيهِمْ: لسنا نريد إلا وجه الله؛ قيل لهم: أصل امال حماية الذارئع، ففي بعض مسائل " المدونة ": أخاف إن صح من هؤلاء أن لا يصح من غيرهم، وقد سئلت عن بعض لباس هؤلاء المتهمين للخز والمسوح والصوف الخشن الأسود فأنكرت ذلك. وَسُئِلَ مَالِكٌ عَنْ لِبَاسِ الصُّوفِ لِلرِّجَالِ فَقَالَ: «لاَ خَيْرَ فِي الشُّهْرَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُخْفي الإِنْسَانُ مِنْ عَمَلِهِ». فقيل له: «إِنَّمَا يَقْصِدُ بِهَذَا التَّوَاضُعُ». [قَالَ]: «يَجِدُ بِثَمَنِهِ مِنْ غَلِيظِ القُطْنِ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ!» (*).

فأنت ترى كيف أنكر هذه، فكيف به لو سئل عن لباس المسوح والثياب السود من الصوف؟ هذا، وقد قال النبي - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البَسُوا البَيَاضَ [فَإِنَّهَا أَطْهَرُ وَأَطْيَبُ]، وَكَفِّنُوا فِيهَا مَوْتَاكُمْ» (**) «فَإِنَّهَا [خَيْرُ ثِيَابِكُمُ]» ( ... ). الحديث، فهذه الصفة مخالفة للحديث.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015