صِنَاعَةَ التَّعْلِيمِ، وَمَلَكَةَ التَّلَقِّي، لَمْ تَبْلَغْ فَاسًا، كَمَا هِيَ بِمَدِينَةِ تُونِسَ، اتَّصَلَتْ إِلَيْهِمْ مِنَ الإِمَامِ المَازَرِيِّ، كَمَا تَلَقَّاهَا عَنْ الشَّيْخِ اللَّخْمِّيِّ، وَتَلَقَّاهَا اللَّخْمِّيُّ عَنْ حُذَّاقِ القَرَوِيِّينَ (*)، وَاِنْتَقَلَتْ مُلْكَةُ هَذَا التَّعْلِيمِ إِلَى الشَّيْخِ اِبْنِ عَبْدِ السَّلاَمِ - مُفْتِي البِلادِ الإِفْرِيقِيَّةِ [وأصقاعها]-، المَشْهُودِ لَهُ بِرُتَبِ التَّبْرِيزِ وَالإِمَامَةِ، وَاسْتَقَرَّتْ تِلْكَ المُلْكَةُ فِي تِلْميذِهِ اِبْنِ عَرَفَةَ [رَحِمَهُ اللهُ] ... ».

يضاف إلى ذلك أنه في أثناء تلك المدة وفد إلى حضرة تونس نخبة كبيرة من وجوه العلماء، نزحوا إليها من بلاد الأندلس بعد سقوط مدينتي «بلنسية» و «إشبيلية» في يد الإسبان نذكر منهم الحافظ محمد بن الأبار، وأبا المطرف بن عُميرة، وأبا بكر بن سيد الناس، وعبد الحق بن برطلة، وعلي بن عصفور، وحازم القرطاجني، وأحمد بن عجلان، وأبا جعفر البلي، والقاضي أحمد بن الغماز الخزرجي، وبني خلدون الإشبيليين، وسواهم ممن لا يحصون عَدًّا، وقد أثار مقدم هؤلاء المهاجرين نشطة كانت نواة حية للنهضة العلمية في تونس. ولا سيما نهضة علوم الشريعة، وكان اللاجئون جميعًا ممن يذهبون مذهب مالك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015