ولم يأت ما نزل في شيءٍ من البلدين مرتبا في نسق واحد؛ لأنَّ ترتيب النزول كان باعتبار الحاجة والوقائع، ثمَّ نسخه ترتيب المصحف العثمانيّ المنقول من المصحف التي استنسخها " أبو بكر الصديق " - رضي الله عنهم - المنقول من الرقاع المكتوبة بين يدي سيدنا رسول الله صلّى اللهُ عَلَيْهِ وَآَلِهِ وَصَحْبِهِ وسَلَّمَ بأمره، وعلى حسب ما امر بترتيبه كما أمره الله به - سبحانه وتعالى -، حيثُ كان يقول إذا أنزلت عليه الآية: ضعوها في سورة كذا بين آية كذا والآية التي قبلها " (?)
يقول في سورة " آل عمران ": " مدنية إجماعًا، هكذا قالوا، وقال " النجم النسفي" في تيسيره: مكية في قول " عكرمة" و" الحسن البصريّ " مدنية في قول عامة أهل التفسير , وقال " الجعبري" في شرح الشاطبية: مدنية إلا خمس آيات فمكية " (?)
ويقول في سورة النساء:
" مدنية إجماعا، كذا قال بعضهم، وقال " الأصبهاني " إلا آية واحدة نزلت بمكة عام الفتح في " عثمان بن أبي طلحة " وهي:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَىأَهْلِهَا وَإِذَاحَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً} (النساء:58
وقيلَ نزلت عند هجرة النبيّ - صلى الله عليه وسلم -
وقيل السورة مكية، ولا خلاف أنّ منها ما نزل بالمدينة
والظاهر الأول فإنّ في " البخاريّ " عن "عائشة " - رضي الله عنهم -: ما نزلت سورة " النساء " إلا وأنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولا خلاف أنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - إنَّما بنَى بها بالمدينة " (?)
وفي هذا المنهج إشارة منه إلى أن تحقيق معرفة ذلك معين على استبصار ملامح مقصود السورة ومعانيها.
- - -