ويقف عند آية من بعدها تؤكِّد ذلك المعنى القائم في ذلك النهي الجليل، يقول الحق - عز وجل - في سورة (المائدة:57) :
{يأيّها الذين آمنوا لاتتَّخِذُوا الّذينَ اتَّخَذُوا دينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذين أُوتُوا الكِتَابَ مِنْ قَبْلِكمْ والْكُفَّارَ أوْلِيَاء وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتم مُّؤمِنُينَ}
فهذا من تصريف معانى البيان القرآني الكريم ترسيخًا للمعنى الرئيس في القلوب وتوجيها إلى معانى آخرى جديرة بالملاحظة.
يقول البقاعي: " ولمّا نبه - سبحانه وتعالى - على العلل المانعة من ولاية الكفار وحصر الولاية فيه - سبحانه وتعالى - أنتج ذلك قطعًا قوله منبهًا على علل أخرى موجها للبراءة منهم {يأيها الذين آمنوا} أي أقروا بالإيمان، ونبه بصيغة الافتعال على أنّ من يواليهم يجاهد عقله على ذلك اتباعًا لهواه، فقال {لاتتخذوا الذين اتخذوا} أي بغاية الجدّ والاجتهاد منهم " دينكم..هزوًا ولعبًا...." (?)
ففي الآية السابقه كان فيها المناداة بقوله" بعضهم أولياء بعض" وكأنّ فيه إغراءَ الذين آمنوا ألاَّ يكونوا دونهم في هذا فلا بدَّ أنْ يكون الذين آمنوا بعضهم أولياء بعض لاأولياء غيرهم، ولهذا أردف هذا الإغراء بالترهيب والتنفير بقوله {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} وهذه لايطيقها من في قلبه ذرة من إيمان، لأن فيها إعلانًا بانتفائه من جماعة الذين آمنوا وارتكاسه في هاوية اليهود والنصارى