المضارع فى:: (يخرج الحى) يكشف عن حقيقة قوله: (فالق) ، وفى البيان بالمضارع هنا تناسب مع السياق الخاص بالآية، وهو البعث، كما لايخفى، ومع السياق العام، والمقصود الأعظم لسورة "الأنعام" وهو الإيجاد الأول، والحمد لله عليه، فجمع بين الإيجادين: الأول تصريحاً، والثانى تلميحاً، وفى الوقت نفسه يتناسب البيان بالمضارع فى "يخرج الحى" مع طبيعة حركة وتجدّد وتنوّع الحدث، فلما انكشف بهذا معنى (فالق) عدل إلى اسم الفاعل (مخرج) فعطفه على اسم الفاعل (فالق) والبيان باسم الفاعل فى (مخرج الميت) يتناسب أيضا مع طبيعة المُخْرَجِ: "الميت" فهو ثابتٌ لايتحرك، ومنقضٍ لايتجدد، كما أنَّه يتناسب مع حال المخاطبين، فهم ليسوا بحاجة إلى استحضار ذلك الحدث فى عيونهم بالمضارع، لينفذ إلى قلوبهم إن اعتبروا؛ لأنهم لاينكرونه حتى يأتى البيان بالمضارع معلنا أنَّ من قَدِر على ماترى أبصاركم يقدر على ماتخبرون به صدقا وحقا ومن ثم كان البيان باسم الفاعل (مخرج الميت) وعطفه على اسم الفاعل نظيرة (فالق) لاعلى المضارع قبله (يخرج الحى) .
***
ما مضى جاء "المضارع" فى صحبة "اسم فاعل"، وقد يأتى "المضارع" فى صحبة "اسم مفعول" كما فى قول الله - سبحانه وتعالى -:
{اصْبِرْ عَلَى ما يَقُولُونَ واذْكُر عَبْدَنا داودَ ذا الأَيْدِ إنَّهُ أوَّابٌ * إنَّا سَخَّرْنا الْجِبالَ مَعَهُ يُسَبِّحْنَ بالعَشِىِّ والإشْراقِ * والطَّيْرَ مَحْشُورَةً كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ * وشَدَدْنَا مُلْكَهُ وأتَيْنَاه الحِكْمَةَ وفَصْلَ الْخِطابِ" (ص:17-20)
جعل تسبيح الجبال فى صورة "المضارع" (يسبحن) وحشر الطير فى صورة اسم المفعول (محشورة) وفى هذا تناسب وتآخ مع السياق والمقصود منه وطبيعة الحدث فى كل وفاعله ومفعوله، يقول البقاعى: