ويمكنك أن تستثمر مقالة " الحرالِّيِّ" فترى أن كلمة " إبليس" في دلالتها على " اليأس والتحير تشير إلى أنَّ عدوَّ الله في أوَّلِ أمره عندما أمر بالسجود كان حائرًا بين قياسات عقله وموازناته بين الطين والنار، ونداءات القلب بالتسليم للأمر الإلهي بالسجود، عاش أولاً في حيرة، ثُمَّ مال إلى صوت العقل وقياسه، فجهر قائلا: " أنا خيرٌ منه"، " أأسجد لمن خلقت طينًا"، أمَّا الملائكة فقد خضعت للتسليم المطلق لمراد الله - عز وجل - منها، ولم تقف موقف التحير الذي وقفه " إبليس"، فترتَّبَ على ما مال إليه " عدو الله" أن طرد من رحمة الله - سبحانه وتعالى -، وأحرق بغضبه تعالى عليه، فكان شيطانًا مدحورًا محروقًا بلعنة الله - عز وجل - (?)
ولعله ممَّا يقرب هذا أنَّ القرآنَ الكريم لا يطلق كلمة" إبليس" إلا على أول الشياطين وجودا وهو المأمور بالسجود.
ولو أنَّ كلمة" إبليس" استخدمت في سياق الإغواء والإغراء لكان في هذا اقناطًا عظيمًا لبنى آدم، ولكن فيض الرحمانية والرحيمية تجلى في اصطفاء كلمة " الشيطان " في هذا السياق.
وهذا من لطائف المعانى الإحسانية للقرآن الكريم التى لايلتفت إليها إلا أهل الإحسان في فقه بيان القرآن الكريم.
***