يقول الله - جل جلاله -: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلا النَّارَ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) (البقرة:174)

إذا ما نظرت في هذه الجملة رأيت أنَّ خبر المسند إليه المعبَّر عنه باسم الإشارة جاء جملة بُنِيَتْ من أسلوب قصْرٍ طريقه النفي والاستثناء، والنظر يقف عند كلمتين من عناصرهذه الجملة الواقعة موقع المسند: "يأكلون" و" النّار" فيحسب حاسِبٌ أنّ في كلٍّ تحولا دلاليّا، ولكنّ البقاعي يرى في اصطفاء النفي والاستثناء طرقَ حصر في الآية مانعًا يمنع حسبان التجوز، فيقول:

" وفي ذكره بصيغة الحصر نفي لتأويل المتأول بكونه سببًا، وصرفٌ له إلى وجه التحقيق الذي يناله كشف يقصر عنه الحسّ، فكانوا في ذلك كالحَدِر الذي تحصل يده في الماء ولا يحسّ به، فيشعر ذلك بموت حواس هؤلاء عن حال ما تناولوه " (?)

سياق الآية متحدثٌ عن أولئك الأحبار الكاتمين ما أنزل الله - سبحانه وتعالى - ليشتروا به ثمنا قليلا، وذلك أحطُّ ما يمكن أن يصل إليه مشتغل بالعلم او منتسب إليه، فبيّن "البقاعيّ" أنّ التصريح بقوله - سبحانه وتعالى - (في بطونهم) يتناسب مع عطاء الحصر إذ يرفعان حسبان التجوز في الأكل أو النار، فكلاهما حقيقة لامجاز (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015