وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْبَطْنُ مُنْخَرِقًا وَكَانَ مَعَهُ زَحِيرٌ، أَوْ تَقْطِيعٌ فَهُوَ مَخُوفٌ (قَالَ) : وَمَا أَشْكَلَ مِنْ هَذَا أَنْ يُخَلَّصَ بَيْنَ مَخُوفِهِ وَغَيْرِ مَخُوفِهِ سُئِلَ عَنْهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ، فَإِنْ قَالُوا: هُوَ مَخُوفٌ لَمْ تَجُزْ عَطِيَّتُهُ إذَا مَاتَ إلَّا مِنْ ثُلُثِهِ، وَإِنْ قَالُوا: لَا يَكُونُ مَخُوفًا جَازَتْ عَطِيَّتُهُ جَوَازَ عَطِيَّةِ الصَّحِيحِ، وَمَنْ سَاوَرَهُ الدَّمُ حَتَّى تَغَيَّرَ عَقْلُهُ أَوْ تَغَلَّبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ عَقْلُهُ، أَوْ الْمُزَارُ فَهُوَ فِي حَالِهِ تِلْكَ مَخُوفٌ عَلَيْهِ، وَإِنْ تَطَاوَلَ بِهِ كَانَ كَذَلِكَ، وَمَنْ سَاوَرَهُ الْبَلْغَمُ كَانَ مَخُوفًا عَلَيْهِ فِي حَالِ مُسَاوَرَتِهِ، فَإِنْ اسْتَمَرَّ بِهِ فَالِجٌ فَالْأَغْلَبُ أَنَّ الْفَالِجَ يَتَطَاوَلُ بِهِ وَأَنَّهُ غَيْرُ مَخُوفِ الْمُعَاجَلَةِ، وَكَذَلِكَ إنْ أَصَابَهُ سُلٌّ فَالْأَغْلَبُ أَنَّ السُّلَّ يَتَطَاوَلُ، وَهُوَ غَيْرُ مَخُوفِ الْمُعَاجَلَةِ، وَلَوْ أَصَابَهُ طَاعُونٌ فَهَذَا مَخُوفٌ عَلَيْهِ حَتَّى يَذْهَبَ عَنْهُ الطَّاعُونُ، وَمَنْ أَنْفَذَتْهُ الْجِرَاحُ حَتَّى تَصِلَ مِنْهُ إلَى جَوْفٍ فَهُوَ مَخُوفٌ عَلَيْهِ وَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ الْجِرَاحِ مَا لَا يَصِلُ مِنْهُ إلَى مَقْتَلٍ فَإِنْ كَانَ لَا يُحَمُّ عَلَيْهَا، وَلَا يَجْلِسُ لَهَا، وَلَا يَغْلِبُهُ لَهَا وَجَعٌ، وَلَا يُصِيبُهُ فِيهَا ضَرَبَانٌ وَلَا أَذًى، وَلَمْ يَأْكُلْ وَيَرْمِ فَهَذَا غَيْرُ مَخُوفٍ، وَإِنْ أَصَابَهُ بَعْضُ هَذَا فَهُوَ مَخُوفٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : ثُمَّ جَمِيعُ الْأَوْجَاعِ الَّتِي لَمْ تُسَمَّ عَلَى مَا وَصَفْت يُسْأَلُ عَنْهَا أَهْلُ الْعِلْمِ بِهَا فَإِنْ قَالُوا مَخُوفَةٌ فَعَطِيَّةُ الْمُعْطِي عَطِيَّةُ مَرِيضٍ، وَإِنْ قَالُوا: غَيْرُ مَخُوفَةٍ فَعَطِيَّتُهُ عَطِيَّةُ صَحِيحٍ، وَأَقَلُّ مَا يَكُونُ فِي الْمَسْأَلَةِ عَنْ ذَلِكَ وَالشَّهَادَةِ بِهِ شَاهِدَانِ ذَوَا عَدْلٍ.
ُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَتَجُوزُ عَطِيَّةُ الْحَامِلِ حَتَّى يَضْرِبَهَا الطَّلْقُ لِوِلَادٍ، أَوْ إسْقَاطٍ فَتَكُونَ تِلْكَ حَالَ خَوْفٍ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ بِهَا مَرَضٌ غَيْرَ الْحَمْلِ مِمَّا لَوْ أَصَابَ غَيْرَ الْحَامِلِ كَانَتْ عَطِيَّتُهَا عَطِيَّةَ مَرِيضٍ، وَإِذَا وَلَدَتْ الْحَامِلُ فَإِنْ كَانَ بِهَا وَجَعٌ مِنْ جُرْحٍ، أَوْ وَرَمٍ، أَوْ بَقِيَّةِ طَلْقٍ، أَوْ أَمْرٍ مَخُوفٍ فَعَطِيَّتُهَا عَطِيَّةُ مَرِيضٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ بِهَا مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ فَعَطِيَّتُهَا عَطِيَّةُ صَحِيحٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِنْ ضُرِبَتْ الْمَرْأَةُ، أَوْ الرَّجُلُ بِسِيَاطٍ، أَوْ خَشَبٍ، أَوْ حِجَارَةٍ فَثَقَبَ الضَّرْبُ جَوْفًا أَوْ وَرَّمَ بَدَنًا، أَوْ حَمَلَ قَيْحًا فَهَذَا كُلُّهُ مَخُوفٌ، وَهُوَ قَبْلَ أَنْ يَبْلُغَ هَذَا فِي أَوَّلِ مَا يَكُونُ الضَّرْبُ إنْ كَانَ مِمَّا يَصْنَعُ مِثْلُهُ مِثْلَ هَذَا مَخُوفٌ، فَإِنْ أَتَتْ عَلَيْهِ أَيَّامٌ يُؤْمَنُ فِيهَا أَنْ يَبْقَى بَعْدَهَا وَكَانَ مُقَتِّلًا فَلَيْسَ بِمَخُوفٍ.
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَتَجُوزُ عَطِيَّةُ الرَّجُلِ فِي الْحَرْبِ حَتَّى يَلْتَحِمَ فِيهَا، فَإِذَا الْتَحَمَ كَانَتْ عَطِيَّتُهُ كَعَطِيَّةِ الْمَرِيضِ كَانَ مُحَارِبًا مُسْلِمِينَ، أَوْ عَدُوًّا.
(قَالَ الرَّبِيعُ) وَلَهُ فِيمَا أَعْلَمُ قَوْلٌ آخَرُ: أَنَّ عَطِيَّتَهُ عَطِيَّةُ الصَّحِيحِ حَتَّى يُجْرَحَ.
(قَالَ) : وَقَدْ قَالَ: لَوْ قُدِّمَ فِي قِصَاصٍ؛ لِضَرْبِ عُنُقِهِ إنَّ عَطِيَّتَهُ عَطِيَّةُ الصَّحِيحِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُعْفَى عَنْهُ، فَإِذَا أُسِرَ فَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِي الْمُسْلِمِينَ جَازَتْ عَطِيَّتُهُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِي مُشْرِكِينَ لَا يَقْتُلُونَ أَسِيرًا فَكَذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ فِي أَيْدِي مُشْرِكِينَ يَقْتُلُونَ الْأَسْرَى وَيَدَعُونَهُمْ فَعَطِيَّتُهُ عَطِيَّةُ الْمَرِيضِ؛ لِأَنَّ الْأَغْلَبَ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا وَلَيْسَ يَخْلُو الْمَرْءُ فِي حَالٍ أَبَدًا مِنْ رَجَاءِ الْحَيَاةِ وَخَوْفِ الْمَوْتِ لَكِنْ إذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ الْخَوْفَ عَلَيْهِ فَعَطِيَّتُهُ عَطِيَّةُ مَرِيضٍ، وَإِذَا كَانَ الْأَغْلَبُ عِنْدَهُ، وَعِنْدَ غَيْرِهِ الْأَمَانَ عَلَيْهِ مِمَّا نَزَلَ بِهِ مِنْ وَجَعٍ أَوْ إسَارٍ، أَوْ حَالٍ كَانَتْ عَطِيَّتُهُ عَطِيَّةَ الصَّحِيحِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ