وَمَنْ لَهُ مَالٌ يَمْلِكُهُ وَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ، وَلَا ذِمَّةَ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ مُدَبَّرًا، أَوْ مُكَاتَبًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، وَالْمُدَبَّرُ وَالْمُدَبَّرَةُ كُلُّهُمْ فِي مَعْنَى الْعَبْدِ إلَّا أَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تُبَاعُ وَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهَا إنْ لَمْ يَعْلَمْهُ السَّيِّدُ، وَفِي مَالِ الْمُوَلِّي إنْ عَلِمَ.
(قَالَ الرَّبِيعُ) وَفِي الْقَوْلِ الثَّانِي إنْ عَلِمَ السَّيِّدُ أَنَّ عَبْدَهُ الْتَقَطَهَا، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ فَأَقَرَّهَا فِي يَدِهِ فَهِيَ كَالْجِنَايَةِ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ، وَلَا يَلْزَمُ السَّيِّدُ فِي مَالِهِ شَيْءٌ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَالْمُكَاتَبُ فِي اللُّقَطَةِ بِمَنْزِلَةِ الْحُرِّ؛ لِأَنَّهُ يَمْلِكُ مَالَهُ وَالْعَبْدُ بَعْضُهُ حُرٌّ وَبَعْضُهُ عَبْدٌ يَقْضِي بِقَدْرِ رِقِّهِ فِيهِ فَإِنْ الْتَقَطَ اللُّقَطَةَ فِي الْيَوْمِ الَّذِي يَكُونُ لِنَفْسِهِ فِيهِ أُقِرَّتْ فِي يَدَيْهِ وَكَانَتْ مَالًا مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ مَا كَسَبَ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فِي مَعَانِي كَسْبِ الْأَحْرَارِ، وَإِنْ الْتَقَطَهَا فِي الْيَوْمِ الَّذِي هُوَ فِيهِ لِلسَّيِّدِ أَخَذَهَا السَّيِّدُ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مَا كَسَبَهُ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لِلسَّيِّدِ، وَقَدْ قِيلَ: إذَا الْتَقَطَهَا فِي يَوْمِ نَفْسِهِ أَقَرَّ فِي يَدَيْ الْعَبْدِ بِقَدْرِ مَا عَتَقَ مِنْهُ وَأَخَذَ السَّيِّدُ بِقَدْرِ مَا يَرِقُّ مِنْهُ، وَإِذَا اخْتَلَفَا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْعَبْدِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّهَا فِي يَدَيْهِ، وَلَا يَحِلُّ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ اللُّقَطَةُ بِشَيْءٍ حَتَّى تَمْضِيَ سَنَةٌ، وَإِذَا بَاعَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ اللُّقَطَةَ قَبْلَ السَّنَةِ ثُمَّ جَاءَ رَبُّهَا كَانَ لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ، وَإِنْ بَاعَهَا بَعْدَ السَّنَةِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَيَرْجِعُ رَبُّ اللُّقَطَةِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ، أَوْ قِيمَتِهَا إنْ شَاءَ فَأَيُّهُمَا شَاءَ كَانَ لَهُ.
(قَالَ: الرَّبِيعُ) لَيْسَ لَهُ إلَّا مَا بَاعَ إذَا كَانَ بَاعَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، فَإِنْ كَانَ بَاعَ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، غَلَّهُ مَا نَقَصَ عَمَّا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا كَانَتْ الضَّالَّةُ فِي يَدَيْ الْوَالِي فَبَاعَهَا فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلِسَيِّدِ الضَّالَّةِ ثَمَنُهَا فَإِنْ كَانَتْ الضَّالَّةُ عَبْدًا فَزَعَمَ سَيِّدُ الْعَبْدِ أَنَّهُ أَعْتَقَهَا قَبْلَ الْبَيْعِ قَبِلْت قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ إنْ شَاءَ الْمُشْتَرِي يَمِينَهُ وَفَسَخْت الْبَيْعَ وَجَعَلْته حُرًّا وَرَدَدْت الْمُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ الَّذِي أَخَذَ مِنْهُ.
(قَالَ: الرَّبِيعُ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْوَالِي كَبَيْعِ صَاحِبِهِ فَلَا يُفْسَخُ بَيْعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةِ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ بَيْعِهِ؛ لِأَنَّ رَجُلًا لَوْ بَاعَ عَبْدًا ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ قَبْلَ أَنْ يَبِيعَهُ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فَيُفْسَخُ عَلَى الْمُشْتَرِي بَيْعُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ تَقُومُ عَلَى ذَلِكَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا الْتَقَطَ الرَّجُلُ الطَّعَامَ الرَّطْبَ الَّذِي لَا يَبْقَى فَأَكَلَهُ ثُمَّ جَاءَ صَاحِبُهُ غَرِمَ قِيمَتَهُ وَلَهُ أَنْ يَأْكُلَهُ إذَا خَافَ فَسَادَهُ، وَإِذَا الْتَقَطَ الرَّجُلُ مَا يَبْقَى لَمْ يَكُنْ لَهُ أَكْلُهُ إلَّا بَعْدَ سَنَةٍ مِثْلَ الْحِنْطَةِ وَالتَّمْرِ وَمَا أَشْبَهَهُ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَالرِّكَازُ دَفْنُ الْجَاهِلِيَّةِ فَمَا وَجَدَ مِنْ مَالِ الْجَاهِلِيَّةِ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَهُوَ لُقَطَةٌ مِنْ اللُّقَطِ يُصْنَعُ فِيهِ مَا يَصْنَعُ فِي اللُّقَطَةِ؛ لِأَنَّ وُجُودَهُ عَلَى ظَهْرِ الْأَرْضِ، وَفِي مَوَاضِعِ اللُّقَطَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مِلْكٌ سَقَطَ مِنْ مَالِكِهِ، وَلَوْ تَوَرَّعَ صَاحِبٌ فَأَدَّى خُمْسَهُ كَانَ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا وَجَدَ الرَّجُلُ ضَالَّةَ الْإِبِلِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهَا فَإِنْ أَخَذَهَا ثُمَّ أَرْسَلَهَا حَيْثُ وَجَدَهَا فَهَلَكَتْ ضَمِنَ لِصَاحِبِهَا قِيمَتَهَا وَالْبَقَرُ وَالْحَمِيرُ وَالْبِغَالُ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ ضَوَالِّ الْإِبِلِ وَغَيْرِهَا، وَإِذَا أَخَذَ السُّلْطَانُ الضَّوَالَّ فَإِنْ كَانَ لَهَا حِمًى يَرْعُونَهَا فِيهِ بِلَا مُؤْنَةٍ عَلَى رَبِّهَا رَعَوْهَا فِيهِ إلَى أَنْ يَأْتِيَ رَبُّهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا حِمًى بَاعُوهَا وَدَفَعُوا أَثْمَانَهَا لِأَرْبَابِهَا، وَمَنْ أَخَذَ ضَالَّةً فَأَنْفَقَ عَلَيْهَا فَهُوَ مُتَطَوِّعٌ بِالنَّفَقَةِ لَا يَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهَا بِشَيْءٍ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى صَاحِبِهَا بِمَا أَنْفَقَ فَلْيَذْهَبْ إلَى الْحَاكِمِ حَتَّى يَفْرِضَ لَهَا نَفَقَةً وَيُوَكِّلَ غَيْرَهُ بِأَنْ يَقْبِضَ لَهَا تِلْكَ النَّفَقَةَ مِنْهُ وَيُنْفِقَ عَلَيْهَا، وَلَا يَكُونُ لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَأْذَنَ لَهُ أَنْ يُنْفِقَ عَلَيْهَا إلَّا الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِمَّا لَا يَقَعُ مِنْ ثَمَنِهَا مَوْقِعًا، فَإِذَا جَاوَزَ ذَلِكَ أَمَرَ بِبَيْعِهَا.
وَمَنْ الْتَقَطَ لُقَطَةً فَاللُّقَطَةُ مُبَاحَةٌ فَإِنْ هَلَكَتْ مِنْهُ بِلَا تَعَدٍّ فَلَيْسَ بِضَامِنٍ لَهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ، وَإِذَا الْتَقَطَهَا ثُمَّ رَدَّهَا فِي مَوْضِعِهَا فَضَاعَتْ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا، وَإِنْ رَآهَا فَلَمْ يَأْخُذْهَا فَلَيْسَ بِضَامِنٍ لَهَا وَهَكَذَا إنْ دَفَعَهَا إلَى غَيْرِهِ فَضَاعَتْ أُضَمِّنُهُ مِنْ ذَلِكَ مَا أُضَمِّنُ الْمُسْتَوْدَعَ وَأَطْرَحُ عَنْهُ الضَّمَانَ فِيمَا أَطْرَحُ عَنْ الْمُسْتَوْدَعِ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِذَا حَلَّ الرَّجُلُ دَابَّةَ الرَّجُلِ فَوَقَفَتْ ثُمَّ مَضَتْ، أَوْ فَتَحَ قَفَصًا لِرَجُلٍ عَنْ طَائِرٍ ثُمَّ خَرَجَ بَعْدُ لَمْ يَضْمَنْ؛ لِأَنَّ الطَّائِرَ وَالدَّابَّةَ أَحْدَثَا الذَّهَابَ وَالذَّهَابُ غَيْرُ فِعْلِ الْحَالِّ وَالْفَاتِحِ وَهَكَذَا الْحَيَوَانُ كُلُّهُ وَمَا فِيهِ رُوحٌ وَلَهُ عَقْلٌ يَقِفُ فِيهِ