الام للشافعي (صفحة 879)

بِالنَّقْصِ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ وَيَفْسَخَ الْكِرَاءَ كَانَ ذَلِكَ لَهُ إذَا كَانَ بَعْضُ مَا بَقِيَ مِنْ الدَّارِ وَالْأَرْضِ لَيْسَ مِثْلَ مَا ذَهَبَ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَكَذَلِكَ لَوْ اشْتَرَى مِائَةَ إرْدَبٍّ طَعَامًا فَلَمْ يَسْتَوْفِهَا حَتَّى تَلِفَ نِصْفُهَا فِي يَدَيْ الْبَائِعِ كَانَ لَهُ إنْ شَاءَ أَنْ يَأْخُذَ النِّصْفَ بِنِصْفِ الثَّمَنِ (قَالَ الرَّبِيعُ) الطَّعَامُ عِنْدِي خِلَافُ الدَّارِ يَنْهَدِمُ بَعْضُهَا؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ شَيْءٌ وَاحِدٌ وَالدَّارُ لَا يَكُونُ بَعْضُهَا مِثْلَ بَعْضٍ سَوَاءً مِثْلَ الطَّعَامِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَأَصْلُ هَذَا أَنْ يَنْظُرَ إلَى الْبَيْعَةِ، فَإِذَا وَقَعَتْ عَلَى شَيْءٍ يَتَبَعَّضُ وَيَجُوزُ أَنْ يَقْبِضَ بَعْضَهُ دُونَ بَعْضٍ فَتَلِفَ بَعْضُهُ قُلْت فِيهِ هَكَذَا، وَإِنْ وَقَعَتْ عَلَى شَيْءٍ لَا يَتَبَعَّضُ مِثْلُ عَبْدٍ اشْتَرَيْته فَلَمْ تَقْبِضْهُ حَتَّى حَدَثَ بِهِ عَيْبٌ كُنْت فِيهِ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَخْذِهِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ أَوْ رَدِّهِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْلَمْ لَك فَتَقْبِضَهُ غَيْرَ مَعِيبٍ.

فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: مَا فَرْقُ مَا بَيْنَ هَذَيْنِ؟ قِيلَ: لَا يَكُونُ الْعَبْدُ يَتَبَعَّضُ مِنْ الْعَيْبِ، وَلَا الْعَيْبُ يَتَبَعَّضُ مِنْ الْعَبْدِ، فَقَدْ يَكُونُ الْمَسْكَنُ مُتَبَعِّضًا مِنْ الْمَسْكَنِ مِنْ الدَّارِ وَالْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ إذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ الْأَرْضَ عَشْرَ سِنِينَ بِمِائَةِ دِينَارٍ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يُسَمِّيَ لِكُلِّ سَنَةٍ شَيْئًا مَعْلُومًا، وَإِذَا اكْتَرَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ أَرْضَهُ، أَوْ دَارِهِ فَقَالَ: أَكْتَرِيهَا مِنْك كُلَّ سَنَةٍ بِدِينَارٍ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَمْ يُسَمِّ السَّنَةَ الَّتِي يَكْتَرِيهَا، وَلَا السَّنَةَ الَّتِي يَنْقَطِعُ إلَيْهَا الْكِرَاءُ فَالْكِرَاءُ فَاسِدٌ لَا يَجُوزُ إلَّا عَلَى أَمْرٍ يَعْرِفُهُ الْمُكْرِي وَالْمُكْتَرِي.

كَمَا لَا تَجُوزُ الْبُيُوعُ إلَّا عَلَى مَا يُعْرَفُ، وَهَذَا كَلَامٌ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْكِرَاءُ فِيهِ يَنْقَضِي إلَى مِائَةِ سَنَةٍ، أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَنَةً وَيُحْتَمَلُ أَقَلَّ مِنْ سَنَةٍ فَكَانَ هَذَا كِرَاءً مَجْهُولًا يَفْسَخُهُ قَبْلَ السُّكْنَى.

فَإِنْ فَاتَ فِيهِ السُّكْنَى جَعَلْنَا فِيهِ عَلَى الْمُكْتَرِي أَجْرَ مِثْلِهِ كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا وَقَعَ بِهِ الْكِرَاءُ، أَوْ أَقَلَّ: إذَا أَبْطَلْنَا أَصْلَ الْعَقْدِ فِيهِ وَصَيَّرْنَاهُ قِيمَةً لَمْ نَجْعَلْ الْبَاطِلَ دَلِيلًا عَلَى الْحَقِّ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِذَا زَرَعَ الرَّجُلُ أَرْضَ رَجُلٍ فَادَّعَى أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ أَكْرَاهُ، أَوْ أَعَارَهُ إيَّاهَا وَجَحَدَ رَبُّ الْأَرْضِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْأَرْضِ مَعَ يَمِينِهِ وَيُقْلِعُ الزَّارِعُ فِي زَرْعِهِ وَعَلَى الزَّارِعِ كِرَاءُ مِثْلِ أَرْضِهِ إلَى يَوْمِ يُقْلِعُ زَرْعَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ فِي إبَّانِ الزَّرْعِ، أَوْ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ إذَا كَانَ زَارِعُ الْأَرْضِ الْمُدَّعِي لِلْكِرَاءِ حَبَسَهَا عَنْ مَالِكِهَا فَإِنَّمَا أَحْكُمُ عَلَيْهِ حُكْمَ الْغَاصِبِ، وَإِذَا تَكَارَى الرَّجُلُ مِنْ الرَّجُلِ أَرْضًا فِيهَا زَرْعٌ لِغَيْرِهِ لَا يَسْتَطِيعُ إخْرَاجَهُ مِنْهَا إلَى أَنْ يَحْصُدَهُ فَالْكِرَاءُ مَفْسُوخٌ لَا يَجُوزُ حَتَّى يَكُونَ الْمُكْتَرِي يَرَى الْأَرْضَ لَا حَائِلَ دُونَهَا مِنْ الزَّرْعِ وَيَقْبِضُهَا لَا حَائِلَ دُونَهَا مِنْ الزَّارِعِينَ لِأَنَّا نَجْعَلُهُ بَيْعًا مِنْ الْبُيُوعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ لِرَجُلٍ عَيْنًا لَا يَقْدِرُ الْمُبْتَاعُ عَلَى قَبْضِهَا حِينَ تَجِبُ لَهُ وَيَدْفَعُ الثَّمَنَ، وَلَا أَنْ نَجْعَلَ عَلَى الْمُبْتَاعِ وَالْمُكْتَرِي الثَّمَنَ وَلَعَلَّ الْمُكْتَرَى أَنْ يَتْلَفَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ نَقُولَ لَهُ الثَّمَنُ دَيْنٌ إلَى أَنْ يَقْبِضَ فَذَلِكَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَا بَأْسَ بِالسَّلَفِ فِي الْأَرْضِ وَالدَّارِ قَبْلَ أَنْ يَكْتَرِيَهُمَا وَيَقْبِضَهُمَا، وَلَكِنْ يَكْتَرِي الْأَرْضَ وَالدَّارَ وَيَقْبِضُهُمَا مَكَانَهُمَا لَا حَائِلَ بَيْنَهُمَا وَمَتَى حَدَثَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَادِثٌ يَمْنَعُ مِنْ مَنْفَعَتِهِ رَجَعَ الْمُكْتَرِي بِحِصَّتِهِ مِنْ الْكِرَاءِ مِنْ يَوْمِ حَدَثَ الْحَادِثُ، وَهَكَذَا الْعَبْدُ وَجَمِيعُ الْإِجَارَاتِ وَلَيْسَ هَذَا بَيْعٌ وَسَلَفٌ إنَّمَا الْبَيْعُ وَالسَّلَفُ أَنْ تَنْعَقِدَ الْعُقْدَةُ عَلَى إيجَابِ بَيْعٍ وَسَلَفٍ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ فَيَكُونُ الثَّمَنُ غَيْرَ مَعْلُومٍ مِنْ قِبَلِ أَنَّ لِلْمَبِيعِ حِصَّتَهُ مِنْ السَّلَفِ فِي أَصْلِ ثَمَنِهِ لَا تُعْرَفُ؛ لِأَنَّ السَّلَفَ غَيْرُ مَمْلُوكٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَكُلُّ مَا جَازَ لَك أَنْ تَشْتَرِيَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ جَازَ لَك أَنْ تَكْتَرِيَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ وَالْكِرَاءُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ وَكُلُّ مَا لَمْ يَجُزْ لَك أَنْ تَشْتَرِيَهُ عَلَى الِانْفِرَادِ لَمْ يَجُزْ لَك أَنْ تَكْتَرِيَهُ عَلَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015