كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُسَلِّمَهُ إلَيْهِ، وَمَا نَقَصَ مَكِيلَتَهُ ثُمَّ إنْ كَانَتْ النَّارُ تُنْقِصُهُ شَيْئًا فِي الْقِيمَةِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَغْرَمَ لَهُ نُقْصَانَهُ، وَإِنْ لَمْ تُنْقِصْهُ شَيْئًا فِي الْقِيمَةِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
وَلَوْ اغْتَصَبَهُ حِنْطَةً جَدِيدَةً خَلَطَهَا بِرَدِيئَةٍ كَانَ كَمَا وَصَفْت فِي الزَّيْتِ يَغْرَمُ لَهُ مِثْلَهَا بِمِثْلِ كَيْلِهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يُمَيِّزَهَا حَتَّى تَكُونَ مَعْرُوفَةً وَإِنْ خَلَطَهَا بِمِثْلِهَا أَوْ أَجْوَدَ كَانَ كَمَا وَصَفْت فِي الزَّيْتِ. قَالَ: وَلَوْ خَلَطَهَا بِشَعِيرٍ أَوْ ذُرَةٍ أَوْ حَبٍّ غَيْرِ الْحِنْطَةِ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يُؤْخَذَ بِتَمْيِيزِهَا حَتَّى يُسَلِّمَهَا إلَيْهِ بِعَيْنِهَا بِمِثْلِ كَيْلِهَا، وَإِنْ نَقَصَ كَيْلَهَا شَيْئًا ضَمِنَهُ. قَالَ: وَلَوْ اغْتَصَبَهُ حِنْطَةً جَيِّدَةً فَأَصَابَهَا عِنْدَهُ مَاءٌ أَوْ عَفَنٌ أَوْ أَكَلَةٌ أَوْ دَخَلَهَا نَقْصٌ فِي عَيْنِهَا كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ وَقِيمَةُ مَا نَقَصَهَا تُقَوَّمُ بِالْحَالِ الَّتِي غَصَبَهَا وَالْحَالِ الَّتِي دَفَعَهَا بِهَا ثُمَّ يَغْرَمُ فَضْلَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ قَالَ، وَلَوْ غَصَبَهُ دَقِيقًا فَخَلَطَهُ بِدَقِيقٍ أَجْوَدَ مِنْهُ أَوْ مِثْلَهُ أَوْ أَرْدَأَ كَانَ كَمَا وَصَفْنَا فِي الزَّيْتِ.
قَالَ وَإِنْ غَصَبَهُ زَعْفَرَانًا وَثَوْبًا فَصَبَغَ الثَّوْبَ بِالزَّعْفَرَانِ كَانَ رَبُّ الثَّوْبِ بِالْخِيَارِ فِي أَنْ يَأْخُذَ الثَّوْبَ مَصْبُوغًا؛ لِأَنَّهُ زَعْفَرَانُهُ وَثَوْبُهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرُ ذَلِكَ أَوْ يُقَوَّمُ ثَوْبُهُ أَبْيَضَ وَزَعْفَرَانُهُ صَحِيحًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ ثَلَاثِينَ قُوِّمَ ثَوْبُهُ مَصْبُوغًا بِزَعْفَرَانٍ فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسَةً وَعِشْرِينَ ضَمَّنَهُ خَمْسَةً؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَيْهِ النَّقْصَ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إنْ غَصَبَهُ سَمْنًا وَعَسَلًا وَدَقِيقًا فَعَصَدَهُ كَانَ لِلْمَغْصُوبِ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَأْخُذَهُ مَعْصُودًا، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي الْحَطَبِ وَالْقِدْرِ وَالْعَمَلِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ مَا لَهُ فِيهِ أَثَرٌ لَا عَيْنٌ أَوْ يُقَوَّمُ لَهُ الْعَسَلُ مُنْفَرِدًا وَالسَّمْنُ وَالدَّقِيقُ مُنْفَرِدِينَ فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ عَشَرَةً، وَهُوَ مَعْصُودٌ قِيمَتُهُ سَبْعَةٌ غَرِمَ لَهُ ثَلَاثَةً مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ أَدْخَلَ عَلَيْهِ النَّقْصَ. وَلَوْ غَصَبَهُ دَابَّةً وَشَعِيرًا فَعَلَفَ الدَّابَّةَ الشَّعِيرَ رَدَّ الدَّابَّةَ وَالشَّعِيرَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ هُوَ الْمُسْتَهْلِكُ لَهُ، وَلَيْسَ فِي الدَّابَّةِ عَيْنٌ مِنْ الشَّعِيرِ يَأْخُذُهُ إنَّمَا فِيهَا مِنْهُ أَثَرٌ.
قَالَ: وَلَوْ غَصَبَهُ طَعَامًا فَأَطْعَمَهُ إيَّاهُ وَالْمَغْصُوبُ لَا يَعْلَمُ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِالْإِطْعَامِ، وَكَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الطَّعَامِ وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ يَعْلَمُ أَنَّهُ طَعَامُهُ فَأَكَلَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَيْهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ سُلْطَانَهُ إنَّمَا كَانَ عَلَى أَخْذِ طَعَامِهِ فَقَدْ أَخَذَهُ. قَالَ: وَلَوْ اخْتَلَفَا فَقَالَ الْمَغْصُوبُ: أَكَلْته، وَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ طَعَامِي وَقَالَ الْغَاصِبُ: أَكَلْته، وَأَنْتَ تَعْلَمُهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ يَخْفَى ذَلِكَ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ.
(قَالَ الرَّبِيعُ) : وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ إذَا أَكَلَهُ عَالِمًا أَوْ غَيْرَ عَالَمٍ فَقَدْ وَصَلَ إلَيْهِ شَيْؤُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَى الْغَاصِبِ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَقَصَ عَمَلُهُ فِيهِ شَيْئًا فَيَرْجِعُ بِمَا نَقَصَهُ الْعَمَلُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَإِنْ غَصَبَهُ ذَهَبَا فَحَمَلَ عَلَيْهِ نُحَاسًا أَوْ حَدِيدًا أَوْ فِضَّةً أَخَذَ بِتَمْيِيزِهِ بِالنَّارِ وَإِنْ نَقَصَتْ النَّارُ ذَهَبَهُ شَيْئًا ضَمِنَ مَا نَقَصَتْ النَّارُ وَزْنَ ذَهَبِهِ وَسَلَّمَ إلَيْهِ ذَهَبَهُ ثُمَّ نَظَرْنَا فَإِنْ كَانَتْ النَّارُ نَقَصَتْ مِنْ ذَهَبِهِ شَيْئًا فِي الْقِيمَةِ ضَمِنَ لَهُ مَا نَقَصَتْهُ النَّارُ فِي الْقِيمَةِ. وَقَالَ: وَلَوْ سَبَكَهُ مَعَ ذَهَبٍ مِثْلِهِ أَوْ أَجْوَدَ أَوْ أَرْدَأَ كَانَ هَذَا مِمَّا لَا يَتَمَيَّزُ وَكَانَ الْقَوْلُ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِي الزَّيْتِ. قَالَ: وَلَوْ اغْتَصَبَهُ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ قَضِيبًا ثُمَّ أَضَافَ إلَيْهِ قَضِيبًا مِنْ ذَهَبٍ غَيْرِهِ أَوْ قَضِيبًا مِنْ نُحَاسٍ أَوْ فِضَّةٍ مَيَّزَ بَيْنَهُمَا ثُمَّ دَفَعَ إلَيْهِ قَضِيبَهُ إنْ كَانَ بِمِثْلِ الْوَزْنِ الَّذِي غَصَبَهُ بِهِ ثُمَّ نَظَرَ إلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ وَإِلَيْهِ فِي الْحَالِ الَّتِي غَصَبَهُ إيَّاهُ فِيهَا مَعًا فَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ حِينَ رَدَّهُ أَقَلَّ مِنْهَا حِينَ غَصَبَهُ ضَمِنَ لَهُ فَضْلَ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ مِثْلَهُ أَوْ أَكْثَرَ أَخَذَ ذَهَبَهُ، وَلَا شَيْءَ لَهُ غَيْرَ ذَلِكَ، وَلَا لِلْغَاصِبِ فِي الزِّيَادَةِ؛ لِأَنَّ الزِّيَادَةَ مِنْ عَمَلٍ إنَّمَا هُوَ أَثَرٌ.
قَالَ: وَلَوْ غَصَبَهُ شَاةً فَأَنْزَى عَلَيْهَا تَيْسًا فَجَاءَتْ بِوَلَدٍ كَانَتْ الشَّاةُ وَالْوَلَدُ لِلْمَغْصُوبِ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي عَسْبِ التَّيْسِ مِنْ قِبَلِ شَيْئَيْنِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا يَحِلُّ ثَمَنُ عَسْبِ الْفَحْلِ. وَالْآخَرُ: أَنَّهُ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ أَقَرَّهُ فِيهَا فَانْقَلَبَ الَّذِي أَقَرَّ إلَى غَيْرِهِ وَاَلَّذِي انْقَلَبَ لَيْسَ بِشَيْءٍ يُمْلَكُ إنَّمَا يَمْلِكُهُ رَبُّ الشَّاةِ.
قَالَ: وَلَوْ غَصَبَهُ نَقْرَةَ ذَهَبٍ فَضَرَبَهَا دَنَانِيرَ كَانَ لِرَبِّ النَّقْرَةِ أَنْ يَأْخُذَ الدَّنَانِيرَ إنْ كَانَتْ بِمِثْلِ وَزْنِ النَّقْرَةِ، وَكَانَتْ بِمِثْلِ قِيمَةِ النَّقْرَةِ أَوْ أَكْثَرَ، وَلَا شَيْءَ لِلْغَاصِبِ فِي زِيَادَةِ عَمَلِهِ إنَّمَا هُوَ أَثَرٌ وَإِنْ كَانَتْ يَنْقُصُ وَزْنُهَا أَخَذَ الدَّنَانِيرَ وَمَا نَقَصَ الْوَزْنَ. قَالَ: وَإِنْ كَانَ قِيمَتُهَا تَنْقُصُ مَعَ ذَلِكَ أَخَذَ الدَّنَانِيرَ وَمَا نَقَصَ الْوَزْنَ وَمَا