الام للشافعي (صفحة 824)

أَتَمَّهَا، وَإِنْ شَاءَ لَمْ يُتِمَّهَا، وَإِنْ كَانَ لَمْ يُقِرَّ لَهُ الْأَعْلَى أَنْ يَسْكُنَهَا فَالصُّلْحُ بَاطِلٌ، وَهُمَا عَلَى أَصْلِ خُصُومَتِهَا، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى دَارًا فَبَنَاهَا مَسْجِدًا ثُمَّ جَاءَ رَجُلٌ فَادَّعَاهَا فَأَقَرَّ لَهُ بَانِي الْمَسْجِدِ بِمَا ادَّعَى فَإِنْ كَانَ فَضَلَ مِنْ الدَّارِ فَضْلٌ فَهُوَ لَهُ وَإِنْ كَانَ لَمْ يَتَصَدَّقْ بِالْمَسْجِدِ فَهُوَ لَهُ وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ مَا هَدَمَ مِنْ دَارِهِ. وَلَوْ صَالَحَهُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى صُلْحٍ فَهُوَ جَائِزٌ قَالَ وَإِنْ أَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَأَقَرَّ الَّذِينَ الْمَسْجِدُ وَالدَّارُ بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ وَصَالَحُوهُ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا. وَإِذَا بَاعَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ دَارًا ثُمَّ ادَّعَى فِيهَا رَجُلٌ شَيْئًا فَأَقَرَّ الْبَائِعُ لَهُ وَصَالَحَهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ. وَهَكَذَا لَوْ غَصَبَ رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ دَارًا فَبَاعَهَا أَوْ لَمْ يَبِعْهَا وَادَّعَى فِيهَا رَجُلٌ آخَرُ دَعْوَى فَصَالَحَهُ بَعْدَ الْإِقْرَارِ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى شَيْءٍ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ فِي يَدِهِ عَارِيَّةٌ أَوْ وَدِيعَةٌ.

وَإِذَا ادَّعَى رَجُلٌ دَارًا فِي يَدَيْ رَجُلٍ فَأَقَرَّ لَهُ بِهَا ثُمَّ جَحَدَهُ ثُمَّ صَالَحَهُ فَالصُّلْحُ جَائِزٌ، وَلَا يَضُرُّهُ الْجَحْدُ؛ لِأَنَّهَا ثَبَتَتْ لَهُ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ إذَا تَصَادَقَا أَوْ قَامَتْ بَيِّنَةٌ بِالْإِقْرَارِ الْأَوَّلِ فَإِنْ أَنْكَرَ الْمُصَالِحُ الْآخِذُ لِثَمَنِ الدَّارِ أَنْ يَكُونَ أَقَرَّ لَهُ بِالدَّارِ، وَقَالَ: إنَّمَا صَالَحْته عَلَى الْجَحْدِ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ وَالصُّلْحُ مَرْدُودٌ وَهُمَا عَلَى خُصُومَتِهِمَا.

وَلَوْ صَالَحَ رَجُلٌ مِنْ دَعْوَى أَقَرَّ لَهُ بِهَا عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ سَنَةً فَقُتِلَ خَطَأً اُنْتُقِضَ الصُّلْحُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى الْمُصَالِحِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا غَيْرَهُ يَخْدُمُهُ، وَلَا عَلَى رَبِّ الْعَبْدِ أَنْ يَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا غَيْرَهُ يَخْدُمُهُ. قَالَ: وَهَكَذَا لَوْ كَانَ لَهُ سُكْنَى بَيْتٍ فَهَدَمَهُ إنْسَانٌ أَوْ انْهَدَمَ، وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ سَنَةً فَبَاعَهُ الْمَوْلَى كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ إنْ شَاءَ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيَكُونَ لِهَذَا الْمِلْكِ وَلِهَذِهِ الْخِدْمَةِ فَعَلَ وَإِنْ شَاءَ أَنْ يَرُدَّ الْبَيْعَ رَدَّهُ وَبِهِ نَأْخُذُ. وَفِيهِ قَوْلٌ ثَانٍ: أَنَّ الْبَيْعَ مُنْتَقَضٌ؛ لِأَنَّهُ مَحُولٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ. وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَأَعْتَقَهُ السَّيِّدُ كَانَ الْعِتْقُ جَائِزًا وَكَانَتْ الْخِدْمَةُ عَلَيْهِ إلَى مُنْتَهَى السَّنَةِ يَرْجِعُ بِهَا عَلَى السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْإِجَارَةَ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ عِنْدَنَا لَا نَنْقُضُهُ مَا دَامَ الْمُسْتَأْجِرُ سَالِمًا. قَالَ: وَلِصَاحِبِ الْخِدْمَةِ أَنْ يُخْدِمَهُ غَيْرَهُ وَيُؤَاجِرَهُ غَيْرَهُ فِي مِثْلِ عَمَلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخْرِجَهُ مِنْ الْمِصْرِ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ.

وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ فِي دَارٍ دَعْوَى فَأَقَرَّ بِهَا الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَصَالَحَهُ مِنْهَا عَلَى عَبْدٍ قِيمَتُهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ وَمِائَةُ دِرْهَمٍ وَالْعَبْدُ بِعَيْنِهِ فَلَمْ يَقْبِضْ الْمُصَالِحُ الْعَبْدَ حَتَّى جَنَى عَلَى حُرٍّ أَوْ عَبْدٍ فَسَوَاءٌ ذَلِكَ كُلُّهُ وَلِلْمُصَالِحِ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَقْبِضَ الْعَبْدَ ثُمَّ يَفْدِيَهُ أَوْ يُسَلِّمَهُ فَيُبَاعَ أَوْ يَرُدَّهُ عَلَى سَيِّدِهِ وَيَنْقُضَ الصُّلْحَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُجِيزَ مِنْ الصُّلْحِ بِقَدْرِ الْمِائَةِ، وَلَوْ كَانَ قَبَضَهُ ثُمَّ جَنَى فِي يَدَيْهِ كَانَ الصُّلْحُ جَائِزًا وَكَانَ كَعَبْدٍ اشْتَرَاهُ ثُمَّ جَنَى فِي يَدَيْهِ قَالَ: وَلَوْ كَانَ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا لَمْ يَكُنْ أَنْ يَرُدَّهُ وَيَحْبِسَ الْمِائَةَ؛ لِأَنَّهَا صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّهَا إلَّا مَعًا، وَلَا يُجِيزَهَا إلَّا مَعًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ ذَلِكَ الْمَرْدُودُ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ اسْتَحَقَّ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي أَنْ يَأْخُذَ الْمِائَةَ بِنِصْفِ الصُّلْحِ وَيَرُدَّ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ عَلَى شَيْئَيْنِ. أَحَدُهُمَا: لَيْسَ لِلْبَائِعِ، وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي إمْسَاكُهُ، وَلَهُ فِي الْعَيْبِ إمْسَاكُهُ إنْ شَاءَ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) : أَصْلُ قَوْلِهِ إنَّهُ إذَا اسْتَحَقَّ بَعْضَ الْمُصَالَحِ بِهِ أَوْ الْبَيْعَ بِهِ بَطَلَ الصُّلْحُ وَالْبَيْعُ جَمِيعًا؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ حَلَالًا وَحَرَامًا فَبَطَلَ ذَلِكَ كُلُّهُ. (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ كَانَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي الْعَيْبِ فِي الدَّرَاهِمِ وَإِنَّمَا بَاعَهُ بِالدَّرَاهِمِ بِأَعْيَانِهَا كَانَ كَهُوَ فِي الْعَبْدِ، وَلَوْ بَاعَهُ بِدَرَاهِمَ مُسَمَّاةٍ رَجَعَ بِدَرَاهِمَ مِثْلِهَا، وَلَوْ كَانَ الصُّلْحُ بِعَبْدٍ وَزَادَهُ الْآخِذُ لِلْعَبْدِ ثَوْبًا فَاسْتَحَقَّ الْعَبْدُ انْتَقَضَ الصُّلْحُ، وَكَانَ عَلَى دَعْوَاهُ، وَأَخَذَ ثَوْبَهُ الَّذِي زَادَهُ الَّذِي فِي يَدَيْهِ الدَّارُ إنْ وَجَدَهُ قَائِمًا أَوْ قِيمَتَهُ إنْ وُجِدَ مُسْتَهْلَكًا، وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا وَتَقَابَضَا وَجُرِحَ الْعَبْدُ جُرْحًا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الصُّلْحَ وَهَذَا مِثْلُ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا ثُمَّ جُرِحَ عِنْدَهُ. قَالَ: وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فِي الْعَبْدِ وَالثَّوْبِ فَوَجَدَ بِالثَّوْبِ عَيْبًا فَلَهُ الْخِيَارُ بَيْنَ أَنْ يُمْسِكَهُ أَوْ يَرُدَّهُ وَيُنْتَقَضُ الصُّلْحُ لَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرُدَّ بَعْضَ الصَّفْقَةِ دُونَ بَعْضٍ، وَلَوْ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ انْتَقَضَ الصُّلْحُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَأْخُذَ مَا مَعَ الْعَبْدِ، وَلَا يَرْجِعُ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) : إذَا اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ بَطَلَ الصُّلْحُ فِي مَعْنَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015