الام للشافعي (صفحة 822)

عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ أَقَرُّوا لَهُ بِمَحْمَلِ هَذَا الْخَشَبِ وَمَبْلَغِ شُرُوعِهِ بِحَقٍّ عَرَفُوهُ لَهُ فَلَا يَكُونُ لَهُمْ بَعْدَهُ أَنْ يَنْزِعُوهُ.

قَالَ: وَإِنْ ادَّعَى رَجُلٌ حَقًّا فِي دَارٍ أَوْ أَرْضٍ فَأَقَرَّ لَهُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصَالَحَهُ مِنْ دَعْوَاهُ عَلَى خِدْمَةِ عَبْدٍ أَوْ رُكُوبِ دَابَّةٍ أَوْ زِرَاعَةِ أَرْضٍ أَوْ سُكْنَى دَارٍ أَوْ شَيْءٍ مِمَّا يَكُونُ فِيهِ الْإِجَارَاتُ ثُمَّ مَاتَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ أَحَدُهُمَا فَالصُّلْحُ جَائِزٌ وَلِوَرَثَةِ الْمُدَّعِي السُّكْنَى وَالرُّكُوبُ وَالزِّرَاعَةُ وَالْخِدْمَةُ وَمَا صَالَحَهُمْ عَلَيْهِ الْمُصَالِحُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ كَانَ الَّذِي تَلِفَ الدَّابَّةَ الَّتِي صَالَحَ عَلَى رُكُوبِهَا أَوْ الْمَسْكَنَ الَّذِي صَالَحَ عَلَى سَكْنِهِ أَوْ الْأَرْضَ الَّتِي صُولِحَ عَلَى زِرَاعَتِهَا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ الْمُصَالِحُ شَيْئًا فَهُوَ عَلَى حَقِّهِ فِي الدَّارِ وَقَدْ انْتَقَضَتْ الْإِجَارَةُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَمَا أَخَذَ مِنْهُ شَيْئًا تَمَّ مِنْ الصُّلْحِ بِقَدْرِ مَا أَخَذَ إنْ كَانَ نِصْفًا أَوْ ثُلُثًا أَوْ رُبْعًا وَانْتَقَضَ مِنْ الصُّلْحِ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ يَرْجِعُ بِهِ فِي أَصْلِ السَّكَنِ الَّذِي صُولِحَ عَلَيْهِ. قَالَ: وَهَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ أَوْ ثَوْبٍ بِعَيْنِهِ أَوْ دَارٍ بِعَيْنِهَا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى هَلَكَ انْتَقَضَ الصُّلْحُ، وَرَجَعَ عَلَى أَصْلِ مَا أَقَرَّ لَهُ بِهِ، وَلَوْ كَانَ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ بِصِفَةٍ أَوْ غَيْرِ صِفَةٍ أَوْ ثَوْبٍ بِصِفَةٍ أَوْ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ كَيْلٍ أَوْ وَزْنٍ بِصِفَةٍ تَمَّ الصُّلْحُ بَيْنَهُمَا، وَكَانَ عَلَيْهِ مِثْلُ الصِّفَةِ الَّتِي صَالَحَهُ عَلَيْهَا.

وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى رُبُعِ أَرْضٍ مَشَاعٍ مِنْ دَارٍ مَعْلُومَةٍ جَازَ. وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى أَذْرُعٍ مِنْ دَارٍ مُسَمَّاةٍ وَهُوَ يَعْرِفُ أَذْرُعَ الدَّارِ وَيَعْرِفُهُ الْمُصَالَحُ جَازَ وَهَذَا كَجُزْءٍ مِنْ أَجْزَاءٍ وَإِنْ كَانَ صَالَحَهُ عَلَى أَذْرُعٍ وَهُوَ لَا يَعْرِفُ الذَّرْعَ كُلَّهُ لَمْ يَجُزْ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ قَدْرُ الذَّرْعِ فِيهَا ثُلُثًا أَوْ رُبُعًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أَقَلَّ. وَلَوْ صَالَحَهُ عَلَى طَعَامٍ جُزَافٍ أَوْ دَرَاهِمَ جُزَافٍ أَوْ عَبْدٍ فَجَائِزٌ فَإِنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ قَبْلَ الْقَبْضِ أَوْ بَعْدَهُ بَطَلَ الصُّلْحُ وَإِنْ هَلَكَ قَبْلَ الْقَبْضِ بَطَلَ الصُّلْحُ. وَلَوْ كَانَ صَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، وَلَمْ يَرُدَّ الْعَبْدَ فَلَهُ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ فَإِنْ اخْتَارَ أَخْذَهُ جَازَ الصُّلْحُ وَإِنْ اخْتَارَ رَدَّهُ رَدَّ الصُّلْحَ. (قَالَ الرَّبِيعُ) : (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : بَعْدُ لَا يَجُوزُ شِرَاءُ عَبْدٍ بِعَيْنِهِ، وَلَا غَيْرِهِ إلَى أَجَلٍ وَيَكُونُ لَهُ خِيَارُ رُؤْيَتِهِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْبَيْعَ لَا يَعْدُو بَيْعَ عَيْنٍ يَرَاهَا الْمُشْتَرِي وَالْبَائِعُ عِنْدَ تَبَايُعِهِمَا وَبَيْعُ صِفَةٍ مَضْمُونٌ إلَى أَجَلٍ مَعْلُومٍ يَكُونُ عَلَى صَاحِبِهَا أَنْ يَأْتِيَ بِهَا مِنْ جَمِيعِ الْأَرْضِ وَهَذَا الْعَبْدُ الَّذِي بِعَيْنِهِ إلَى أَجَلٍ إنْ تَلِفَ بَطَلَ الْبَيْعُ فَهَذَا مَرَّةً يَتِمُّ فِيهِ الْبَيْعُ وَمَرَّةً يَبْطُلُ فِيهِ الْبَيْعُ، وَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَتِمَّ فِي كُلِّ حَالٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَهَكَذَا كُلُّ مَا صَالَحَهُ عَلَيْهِ بِعَيْنِهِ مِمَّا كَانَ غَائِبًا فَلَهُ فِيهِ خِيَارُ الرُّؤْيَةِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) : رَجَعَ الشَّافِعِيُّ عَنْ خِيَارِ رُؤْيَةِ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ قَبَضَهُ فَهَلَكَ فِي يَدَيْهِ وَبِهِ عَيْبٌ رَجَعَ بِقِيمَةِ الْعَيْبِ، وَلَوْ لَمْ يَجِدْ عَيْبًا، وَلَكِنَّهُ اُسْتُحِقَّ نِصْفُهُ أَوْ سَهْمٌ مِنْ أَلْفِ سَهْمٍ مِنْهُ كَانَ لِقَابِضِ الْعَبْدِ الْخِيَارُ فِي أَنْ يُجِيزَ مِنْ الصُّلْحِ بِقَدْرِ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ الْعَبْدِ وَيَرْجِعَ بِقَدْرِ مَا اسْتَحَقَّ مِنْهُ أَوْ يُنْقَضُ الصُّلْحُ كُلُّهُ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) : الَّذِي يَذْهَبُ إلَيْهِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ إذَا بِيعَ الشَّيْءُ فَاسْتُحِقَّ بَعْضُهُ بَطَلَ الْبَيْعُ كُلُّهُ؛ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ جَمَعَتْ شَيْئَيْنِ حَلَالًا وَحَرَامًا فَبَطَلَ كُلُّهُ وَالصُّلْحُ مِثْلُهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ حَقًّا فِي دَارٍ فَأَقَرَّ لَهُ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَصَالَحَهُ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ فَهُوَ جَائِزٌ وَإِنْ وَجَدَ بِالْعَبْدِ عَيْبًا فَرَدَّهُ أَوْ اسْتَحَقَّ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ شَيْءٌ وَرَجَعَ عَلَى دَعْوَاهُ فِي الدَّارِ وَهَكَذَا لَوْ صَالَحَهُ عَلَى عَرَضٍ مِنْ الْعُرُوضِ، وَلَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ أَوْ عَرَضٍ بِصِفَةٍ أَوْ عَبْدٍ بِصِفَةٍ فَدَفَعَهُ إلَيْهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِ تِلْكَ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ وَذَلِكَ الْعَرَضِ بِتِلْكَ الصِّفَةِ.

وَلَوْ كَانَ الْأَجْنَبِيُّ إنَّمَا صَالَحَهُ عَلَى دَنَانِيرَ بِأَعْيَانِهَا فَهِيَ مِثْلُ الْعَبْدِ بِعَيْنِهِ يُعْطِيهِ إيَّاهَا وَإِنْ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ وَجَدَ عَيْبًا فَرَدَّهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ تِبَاعَةٌ وَكَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَصْلِ دَعْوَاهُ وَالْأَجْنَبِيُّ إذَا كَانَ صَالَحَ بِغَيْرِ إذْنِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ فَتَطَوَّعَ بِمَا أَعْطَى عَنْهُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ عَلَى صَاحِبِهِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ إذَا أَمَرَهُ أَنْ يُصَالِحَ عَنْهُ قَالَ: وَلَوْ ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فِي دَارٍ فَصَالَحَهُ عَلَى بَيْتٍ مَعْرُوفٍ سِنِينَ مَعْلُومَةً يَسْكُنُهُ كَانَ جَائِزًا أَوْ عَلَى سَطْحٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015