قَصَّرَ الثَّوْبَ قَصَّارٌ أَوْ خَاطَهُ خَيَّاطٌ أَوْ صَبَغَهُ صَبَّاغٌ بِأُجْرَةٍ فَاخْتَارَ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَنْ يَأْخُذَ ثَوْبَهُ أَخَذَهُ فَإِنْ زَادَ عَمَلُ الْقَصَّارِ فِيهِ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ، وَكَانَتْ إجَارَتُهُ فِيهِ دِرْهَمًا أَخَذَ الدِّرْهَمَ، وَكَانَ شَرِيكًا بِهِ فِي الثَّوْبِ لِصَاحِبِ الثَّوْبِ، وَكَانَ صَاحِبُ الثَّوْبِ أَحَقَّ بِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ، وَكَانَتْ الْأَرْبَعَةُ الدَّرَاهِمُ لِلْغُرَمَاءِ شُرَكَاءَ بِهَا لِلْقَصَّارِ وَصَاحِبِ الثَّوْبِ، وَإِنْ كَانَ عَمَلُهُ زَادَ فِي الثَّوْبِ دِرْهَمًا، وَإِجَارَتُهُ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ كَانَ شَرِيكًا لِصَاحِبِ الثَّوْبِ بِالدِّرْهَمِ وَضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ فِي مَالِ الْمُفْلِسِ بِأَرْبَعَةِ دَرَاهِمَ.
وَلَوْ كَانَتْ تَزِيدُ فِي الثَّوْبِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ وَالْإِجَارَةُ دِرْهَمٌ أَعْطَيْنَا الْقَصَّارَ دِرْهَمًا يَكُونُ بِهِ شَرِيكًا فِي الثَّوْبِ؟ وَلِلْغُرَمَاءِ أَرْبَعَةٌ يَكُونُونَ بِهَا فِي الثَّوْبِ شُرَكَاءَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ جَعَلْتَهُ أَحَقَّ بِإِجَارَتِهِ مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي الثَّوْبِ. فَإِنَّمَا جَعَلْتُهُ أَحَقَّ بِهَا إذَا كَانَتْ زَائِدَةً فِي الثَّوْبِ فَمَنَعَهَا صَاحِبُ الثَّوْبِ لَمْ يَكُنْ لِلْغُرَمَاءِ أَنْ يَأْخُذُوا مَا زَادَ عَمَلُ هَذَا فِي الثَّوْبِ دُونَهُ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ، فَإِنْ قَالُوا: فَمَا بَالُهَا إذَا كَانَتْ أَزْيَدَ مِنْ إجَارَتِهِ لَمْ تَدْفَعْهَا إلَيْهِ كُلَّهَا، وَإِذَا كَانَتْ أَنْقَصَ مِنْ إجَارَتِهِ لَمْ تَقْتَصِرْ بِهِ عَلَيْهَا كَمَا تَجْعَلُهَا فِي الْبُيُوعِ؟ قُلْنَا: إنَّهَا لَيْسَتْ بِعَيْنِ بَيْعٍ يَقَعُ فَاجْعَلْهَا هَكَذَا، وَإِنَّمَا كَانَتْ إجَارَةً مِنْ الْإِجَارَاتِ لَزِمَتْ الْغَرِيمَ الْمُسْتَأْجِرَ فَلَمَّا وَجَدْتُ تِلْكَ الْإِجَارَةَ قَائِمَةً جَعَلْتُهُ أَحَقَّ بِهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ إجَارَتِهِ كَالرَّهْنِ لَهُ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ لَهُ رَهْنٌ يَسْوَى عَشَرَةً بِدِرْهَمٍ أَعْطَيْته مِنْهَا دِرْهَمًا وَالْغُرَمَاءَ تِسْعَةً، وَلَوْ كَانَ رَهْنٌ يَسْوَى دِرْهَمًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ أَعْطَيْته مِنْهَا دِرْهَمًا وَجَعَلْته يُحَاصُّ الْغُرَمَاءَ بِتِسْعَةٍ فَإِنْ قَالَ فَمَا بَالُهُ يَكُونُ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ أَوْلَى بِالرَّهْنِ مِنْهُ بِالْبَيْعِ؟ .
قُلْت كَذَلِكَ تَزْعُمُ أَنْتَ فِي الثَّوْبِ يَخِيطُهُ الرَّجُلُ أَوْ يَغْسِلُهُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ عَنْ صَاحِبِهِ حَتَّى يُعْطِيَهُ أَجْرَهُ كَمَا يَكُونُ لَهُ أَنْ يَحْبِسَهُ فِي الرَّهْنِ حَتَّى يُعْطِيَهُ مَا فِيهِ؛ لِأَنَّ لَهُ فِيهِ عَمَلًا قَائِمًا فَلَا يُسَلِّمُهُ إلَيْهِ حَتَّى يُوَفِّيَهُ الْعَمَلَ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قُلْتُ لَا أَجْعَلُ لَهُ حَبْسَهُ، وَلَا لِصَاحِبِ الثَّوْبِ أَخْذَهُ وَآمُرُ بِبَيْعِ الثَّوْبِ فَأُعْطِي كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَقَّهُ إذَا أَفْلَسَ فَإِنْ أَفْلَسَ صَاحِبُ الثَّوْبِ كَانَ الْخَيَّاطُ أَحَقَّ بِمَا زَادَ عَمَلُهُ فِي الثَّوْبِ فَإِنْ كَانَتْ إجَارَتُهُ أَكْثَرَ مِمَّا زَادَ عَمَلُهُ فِي الثَّوْبِ أَخَذَ مَا زَادَ عَمَلُهُ فِي الثَّوْبِ؛ لِأَنَّهُ عَيْنُ مَالِهِ، وَكَانَتْ بَقِيَّةُ الْإِجَارَةِ دَيْنًا عَلَى الْغَرِيمِ يُحَاصُّ بِهِ الْغُرَمَاءَ.
وَإِنْ لَمْ يُفْلِسْ، وَقَدْ عُمِلَ لَهُ ثَوْبٌ فَلَمْ يَرْضَ صَاحِبُ الثَّوْبِ بِكَيْنُونَةِ الثَّوْبِ فِي يَدِ الْخَيَّاطِ أَخَذَ مَكَانَهُ مِنْهُمَا حَتَّى يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا بِمَا وَصَفْتُ أَوْ يُبَاعُ عَلَيْهِ الثَّوْبُ فَيُعْطَى إجَارَتُهُ مِنْ ثَمَنِهِ وَبِهِ أَقُولُ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إنَّهُ غَرِيمٌ فِي إجَارَتِهِ؛ لِأَنَّ مَا عُمِلَ فِي الثَّوْبِ لَيْسَ بِعَيْنٍ، وَلَا شَيْءَ مِنْ مَالِهِ زَائِدٌ فِي الثَّوْبِ إنَّمَا هُوَ أَثَرٌ فِي الثَّوْبِ وَهَذَا يَتَوَجَّهُ.
قَالَ: وَإِذَا اسْتَأْجَرَ الرَّجُلُ أَجِيرًا فِي حَانُوتٍ أَوْ زَرْعٍ أَوْ شَجَرٍ بِإِجَارَةٍ مَعْلُومَةٍ لَيْسَتْ مِمَّا اسْتَأْجَرَهُ عَلَيْهِ إمَّا بِمَكِيلَةِ طَعَامٍ مَضْمُونٍ، وَإِمَّا بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ أَوْ اسْتَأْجَرَ حَانُوتًا يَبِيعُ فِيهِ بَزًّا أَوْ اسْتَأْجَرَ رَجُلًا يُعَلِّمُ لَهُ عَبْدًا أَوْ يَرْعَى لَهُ غَنَمًا أَوْ يُرَوِّضُ لَهُ بَعِيرًا ثُمَّ أَفْلَسَ فَالْأَجِيرُ أُسْوَةُ الْغُرَمَاءِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْ هَؤُلَاءِ الْأُجَرَاءِ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ مُخْتَلِطٌ بِهَذَا زَائِدٌ فِيهِ كَزِيَادَةِ الصَّبْغِ وَالْقِصَارَةِ فِي الثَّوْبِ وَهُوَ مِنْ مَالِ الصَّبَّاغِ وَزِيَادَةُ الْخِيَاطَةِ فِي الثَّوْبِ مِنْ مَالِ الْخَيَّاطِ وَعَمَلِهِ وَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذَا غَيْرُ مَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ وَغَيْرُ شَيْءٍ قَائِمٍ فِيمَا اُسْتُؤْجِرَ عَلَيْهِ.
أَلَا تَرَى أَنَّ قِيمَةَ الثَّوْبِ غَيْرَ مَصْبُوغٍ، وَقِيمَتَهُ مَصْبُوغًا، وَقِيمَتَهُ غَيْرَ مَخِيطٍ وَغَيْرَ مَقْصُورٍ، وَقِيمَتَهُ مَخِيطًا وَمَقْصُورًا مَعْرُوفَةٌ حِصَّةُ زِيَادَةِ الْعَامِلِ فِيهِ، وَلَيْسَ فِي الثِّيَابِ الَّتِي فِي الْحَانُوتِ، وَلَا فِي الْمَاشِيَةِ الَّتِي تُرْعَى، وَلَا فِي الْعَبْدِ الَّذِي يُعَلِّمُهُ شَيْءٌ قَائِمٌ مِنْ صَنْعَةِ غَيْرِهِ فَيُعْطِي ذَلِكَ صَنْعَتَهُ أَوْ مَالَهُ، وَإِنَّمَا هُوَ غَرِيمٌ مِنْ الْغُرَمَاءِ. أَوَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ تَوَلَّى الزَّرْعَ كَانَ الزَّرْعُ وَالْمَاءُ وَالْأَرْضُ مِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ، وَكَانَتْ صَنْعَتُهُ فِيهِ إنَّمَا هِيَ إلْقَاءٌ فِي الْأَرْضِ لَيْسَتْ بِشَيْءٍ زَائِدٍ فِيهِ وَالزِّيَادَةُ فِيهِ بَعْدَ شَيْءٍ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ - وَمِنْ مَالِ الْمُسْتَأْجِرِ لَا صَنْعَةَ فِيهَا لِلْأَجِيرِ. أَوَلَا تَرَى أَنَّ الزَّرْعَ لَوْ هَلَكَ كَانَتْ لَهُ إجَارَتُهُ وَالثَّوْبَ لَوْ هَلَكَ فِي يَدَيْهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إجَارَتُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُسَلِّمْ عَمَلَهُ إلَى مَنْ اسْتَأْجَرَهُ؟ .
وَلَوْ تَكَارَى رَجُلٌ مِنْ رَجُلٍ أَرْضًا وَاشْتَرَى مِنْ