الام للشافعي (صفحة 751)

عَلَى أَنْ يُقْطَعَ إذَا حَلَّ الْحَقُّ فَيُبَاعُ مَقْطُوعًا بِحَالِهِ. وَإِذَا حَلَّ بَيْعُ الثَّمَرِ حَلَّ رَهْنُهُ إلَى أَجَلٍ كَانَ الْحَقُّ أَوْ حَالًّا، وَإِذَا بَلَغَ، وَلَمْ يَحِلَّ الْحَقُّ لَمْ يَكُنْ لِلرَّاهِنِ بَيْعُهُ إذَا كَانَ يَبِسَ إلَّا بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ فَإِذَا رَضِيَ قِيمَتَهُ رُهِنَ إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ الرَّاهِنُ فَيَجْعَلَهُ قِصَاصًا، وَلَا أَجْعَلُ دَيْنًا إلَى أَجَلٍ حَالًّا أَبَدًا إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهِ صَاحِبُ الدَّيْنِ، وَإِذَا رَهَنَهُ ثَمَرَةً فَزِيَادَتُهَا فِي عِظَمِهَا وَطِيبِهَا رَهْنٌ لَهُ، كَمَا أَنَّ زِيَادَةَ الرَّهْنِ فِي يَدَيْهِ رَهْنٌ لَهُ، فَإِنْ كَانَ مِنْ الثَّمَنِ شَيْءٌ يَخْرُجُ فَرَهَنَهُ إيَّاهُ، وَكَانَ يَخْرُجُ بَعْدَهُ غَيْرُهُ مِنْهُ فَلَا يَتَمَيَّزُ الْخَارِجُ عَنْ الْأَوَّلِ الْمَرْهُونِ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ فِي الْأَوَّلِ، وَلَا فِي الْخَارِجِ؛ لِأَنَّ الرَّهْنَ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِمَعْرُوفٍ، وَلَا يَجُوزُ الرَّهْنُ فِيهِ حَتَّى يَقْطَعَ مَكَانَهُ أَوْ يَشْتَرِطَ أَنَّهُ يُقْطَعُ فِي مُدَّةٍ قَبْلَ أَنْ تَخْرُجَ الثَّمَرَةُ الَّتِي تَخْرُجُ بَعْدَهُ أَوْ بَعْدَمَا تَخْرُجُ قَبْلَ أَنْ يُشْكِلَ أَهِيَ مِنْ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ أَمْ لَا، فَإِذَا كَانَ هَذَا جَازَ.

وَإِنْ تَرَكَ حَتَّى تَخْرُجَ بَعْدَهُ ثَمَرَةٌ لَا يَتَمَيَّزُ حَتَّى تُعْرَفَ، فَفِيهَا قَوْلَانِ. أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَفْسُدُ الرَّهْنُ كَمَا يَفْسُدُ الْبَيْعُ؛ لِأَنِّي لَا أَعْرِفُ الرَّهْنَ مِنْ غَيْرِ الرَّهْنِ. وَالثَّانِي: أَنَّ الرَّهْنَ لَا يَفْسُدُ، وَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ فِي قَدْرِ الثَّمَرَةِ الْمَرْهُونَةِ مِنْ الْمُخْتَلِطَةِ بِهَا كَمَا لَوْ رَهَنَهُ حِنْطَةً أَوْ تَمْرًا فَاخْتَلَطَتْ بِحِنْطَةٍ لِلرَّاهِنِ، أَوْ تَمْرٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي قَدْرِ الْحِنْطَةِ الَّتِي رَهَنَ مَعَ يَمِينِهِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) : وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ فِي الْبَيْعِ إنَّهُ إذَا بَاعَهُ ثَمَرًا فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى حَدَثَتْ ثَمَرَةٌ أُخْرَى فِي شَجَرِهَا لَا تَتَمَيَّزُ الْحَادِثَةُ مِنْ الْمَبِيعِ قَبْلَهَا كَانَ الْبَائِعُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يُسَلِّمَ لَهُ الثَّمَرَةَ الْحَادِثَةَ مَعَ الْمَبِيعِ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ قَدْ زَادَهُ خَيْرًا أَوْ يَنْقُضَ الْبَيْعَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ بَاعَ مِمَّا حَدَثَ مِنْ الثَّمَرَةِ.

وَالرَّهْنُ عِنْدِي مِثْلُهُ فَإِنْ رَضِيَ أَنْ يُسَلِّمَ مَا زَادَ مَعَ الرَّهْنِ الْأَوَّلِ لَمْ يُفْسَخْ الرَّهْنُ، وَإِذَا رَهَنَهُ زَرْعًا عَلَى أَنْ يَحْصُدَهُ إذَا حَلَّ الْحَقُّ بِأَيِّ حَالٍ مَا كَانَ فَيَبِيعُهُ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ يَزِيدُ بِأَنْ يَنْبُتَ مِنْهُ مَا لَمْ يَكُنْ نَابِتًا فِي يَدِهِ إذَا تَرَكَهُ لَمْ يَجُزْ الرَّهْنُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ الرَّهْنَ مِنْهُ الْخَارِجَ دُونَ مَا يَخْرُجُ بَعْدَهُ. فَإِنْ قَالَ: قَائِلٌ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ الثَّمَرَةِ تَكُونُ طَلْعًا وَبَلَحًا صِغَارًا، ثُمَّ تَصِيرُ رُطَبًا عِظَامًا وَبَيْنَ الزَّرْعِ؟ قِيلَ: الثَّمَرَةُ وَاحِدَةٌ، إلَّا أَنَّهَا تَعْظُمُ كَمَا يَكْبُرُ الْعَبْدُ الْمَرْهُونُ بَعْدَ الصِّغَرِ وَيَسْمَنُ بَعْدَ الْهُزَالِ.

وَإِذَا قُطِعَتْ لَمْ يَبْقَ مِنْهَا شَيْءٌ يُسْتَخْلَفُ وَالزَّرْعُ يُقْطَعُ أَعْلَاهُ، وَيُسْتَخْلَفُ أَسْفَلُهُ وَيُبَاعُ مِنْهُ شَيْءٌ قَصْلَةً بَعْدَ قَصْلَةٍ فَالْخَارِجُ مِنْهُ غَيْرُ الرَّهْنِ، وَالزَّائِدُ فِي الثَّمَرَةِ مِنْ الثَّمَرَةِ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُبَاعَ مِنْهُ مَا يُقْصَلُ إلَّا أَنْ يُقْصَلَ مَكَانَهُ قَصْلَةً، ثُمَّ تُبَاعُ الْقَصْلَةُ الْأُخْرَى بَيْعَةً أُخْرَى، وَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ رَهْنُهُ إلَّا كَمَا يَجُوزُ بَيْعُهُ. وَإِذَا رَهَنَهُ ثَمَرَةً فَعَلَى الرَّاهِنِ سَقْيُهَا وَصَلَاحُهَا وَجِدَادُهَا وَتَشْمِيسُهَا كَمَا يَكُونُ عَلَيْهِ نَفَقَةُ الْعَبْدِ. وَإِذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ أَنْ يَقْطَعَهَا قَبْلَ أَوَانِ قَطْعِهَا أَوْ أَرَادَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ مُنِعَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذَلِكَ حَتَّى يَجْتَمِعَا عَلَيْهِ، وَإِذَا بَلَغَتْ إبَّانَهَا جُبِرَ الرَّاهِنُ عَلَى قَطْعِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صَلَاحِهَا، وَكَذَلِكَ لَوْ أَبَى الْمُرْتَهِنُ جُبِرَ، فَإِذَا صَارَتْ تَمْرًا وُضِعَتْ عَلَى يَدَيْ الْمَوْضُوعِ عَلَى يَدَيْهِ الرَّهْنُ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ أَبَى الْعَدْلُ الْمَوْضُوعُ عَلَى يَدَيْهِ بِأَنْ يَتَطَوَّعَ أَنْ يَضَعَهَا فِي مَنْزِلِهِ إلَّا بِكِرَاءٍ قِيلَ لِلرَّاهِنِ عَلَيْك لَهَا مَنْزِلٌ تُحْرَزُ فِيهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صَلَاحِهَا فَإِنْ جِئْت بِهِ، وَإِلَّا يَكْتَرِي عَلَيْك مِنْهَا.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْتَهِنَ الرَّجُلُ شَيْئًا لَا يَحِلُّ بَيْعُهُ حِينَ يَرْهَنُهُ إيَّاهُ، وَإِنْ كَانَ يَأْتِي عَلَيْهِ مُدَّةٌ يَحِلُّ بَعْدَهَا، وَهُوَ مِثْلَ أَنْ يَرْهَنَهُ جَنِينَ الْأَمَةِ قَبْلَ أَنْ يُولَدَ عَلَى أَنَّهَا إذَا وَلَدَتْهُ كَانَ رَهْنًا، وَمِثْلَ أَنْ يَرْهَنَهُ مَا وَلَدَتْ أَمَتُهُ أَوْ مَاشِيَتُهُ أَوْ مَا أَخْرَجَتْ نَخْلُهُ عَلَى أَنْ يَقْطَعَهُ مَكَانَهُ، وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ مَا لَيْسَ مِلْكُهُ لَهُ بِتَامٍّ. وَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَرْهَنَهُ ثَمَرَةً قَدْ بَدَا صَلَاحُهَا لَا يَمْلِكُهَا بِشِرَاءٍ، وَلَا أُصُولِ نَخْلِهَا. وَذَلِكَ مِثْلَ أَنْ يَتَصَدَّقَ عَلَيْهِ وَعَلَى قَوْمٍ بِصِفَاتِهِمْ بِثَمَرَةِ نَخْلٍ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَدْ يَحْدُثُ فِي الصَّدَقَةِ مَعَهُ مَنْ يُنْقِصُ حَقَّهُ، وَلَا يَدْرِي كَمْ رَهَنَهُ.

وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ جُلُودَ مَيْتَةٍ لَمْ تُدْبَغْ؛ لِأَنَّ ثَمَنَهَا لَا يَحِلُّ مَا لَمْ تُدْبَغْ وَيَجُوزُ أَنْ يَرْهَنَهُ إيَّاهَا إذَا دُبِغَتْ؛ لِأَنَّ ثَمَنَهَا بَعْدَ دِبَاغِهَا يَحِلُّ، وَلَا يَرْهَنُهُ إيَّاهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ، وَلَوْ رَهَنَهُ إيَّاهَا قَبْلَ الدِّبَاغِ ثُمَّ دَبَغَهَا الرَّاهِنُ كَانَتْ خَارِجَةً مِنْ الرَّهْنِ؛ لِأَنَّ عُقْدَةَ رَهْنِهَا كَانَ وَبَيْعُهَا لَا يَحِلُّ.

وَإِذَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015