الْحَدَاثَةِ وَالْعِتْقِ فَإِنْ بَايَنَتْ الْعَسَلَ وَالسَّمْنَ فِي هَذَا فَكَانَتْ لَا يُقَلِّبُهَا الزَّمَانُ، وَلَا تُغَيَّرُ قُلْت عَصِيرُ سَنَةِ كَذَا وَكَذَا لَا يُجْزِئُهُ غَيْرُ ذَلِكَ وَالْقَوْلُ فِي عُيُوبِهَا كَالْقَوْلِ فِي عُيُوبِ مَا قَبْلَهَا كُلُّ مَا نَسَبَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ إلَى الْعَيْبِ فِي جِنْسٍ مِنْهَا لَمْ يَلْزَمْ مُشْتَرِيَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ هُوَ مُتَطَوِّعًا.
(قَالَ) : وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ يَقُولَ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ أُسْلِمُ إلَيْك فِي أَجْوَدِ مَا يَكُونُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ أَجْوَدِ مَا يَكُونُ مِنْهُ أَبَدًا فَأَمَّا أَرْدَأُ مَا يَكُونُ مِنْهُ فَأَكْرَهُهُ، وَلَا يَفْسُدُ بِهِ الْبَيْعُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ إنْ أَعْطَى خَيْرًا مِنْ أَرْدَأِ مَا يَكُونُ مِنْهُ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِالْفَضْلِ وَغَيْرُ خَارِجٍ مِنْ صِفَةِ الرَّدَاءَةِ كُلُّهُ.
(قَالَ) : وَمَا اُشْتُرِيَ مِنْ الْآدَامِ كَيْلًا اُكْتِيلَ وَمَا اُشْتُرِيَ وَزْنًا بِظُرُوفِهِ لَمْ يَجُزْ شِرَاؤُهُ بِالْوَزْنِ فِي الظُّرُوفِ لِاخْتِلَافِ الظُّرُوفِ وَأَنَّهُ لَا يُوقَفُ عَلَى حَدِّ وَزْنِهَا فَلَوْ اشْتَرَى جُزَافًا وَقَدْ شَرَطَ وَزْنًا فَلَمْ يَأْخُذْ مَا عَرَفَ مِنْ الْوَزْنِ الْمُشْتَرَى إلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا، الْبَائِعُ وَالْمُشْتَرِي، بَعْدَ وَزْنِ الزَّيْتِ فِي الظُّرُوفِ بِأَنْ يَدَعَ مَا يَبْقَى لَهُ مِنْ الزَّيْتِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاضَيَا وَأَرَادَ اللَّازِمَ لَهُمَا وُزِنَتْ الظُّرُوفُ قَبْلَ أَنْ يُصَبَّ فِيهَا الْإِدَامُ ثُمَّ وُزِنَتْ بِمَا يُصَبُّ فِيهَا ثُمَّ يُطْرَحُ وَزْنُ الظُّرُوفِ، وَإِنْ كَانَ فِيهَا زَيْتٌ وُزِنَ ثُمَّ فُرِّغَتْ وُزِنَتْ الظُّرُوفُ ثُمَّ أُلْقِيَ مِنْ الزَّيْتِ وَمَا أُسْلِفَ فِيهِ مِنْ الْإِدَامِ فَهُوَ لَهُ صَافٍ مِنْ الرُّبِّ وَالْعَكَرِ وَغَيْرِهِ مِمَّا خَالَفَ الصَّفَاءَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ -: السَّلَفُ فِي الزُّبْدِ كَهُوَ فِي السَّمْنِ يُسَمَّى زُبْدَ مَاعِزٍ أَوْ زُبْدَ ضَأْنٍ أَوْ زُبْدَ بَقَرٍ وَيَقُولُ نَجْدِيٌّ أَوْ تِهَامِيٌّ لَا يُجْزِئُ غَيْرُهُ وَيَشْرِطُهُ مَكِيلًا أَوْ مَوْزُونًا وَيَشْرِطُهُ زُبْدَ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فِي غَدِهِ بِتِهَامَةَ حَتَّى يَحْمُضَ وَيَتَغَيَّرُ فِي الْحَرِّ وَيَتَغَيَّرُ فِي الْبَرْدِ تَغَيُّرًا دُونَ ذَلِكَ وَبِنَجْدٍ يُؤْكَلُ غَيْرَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ زُبْدَ يَوْمِهِ كَزُبْدِ غَدِهِ، فَإِنْ تَرَكَ مِنْ هَذَا شَيْئًا لَمْ يَجُزْ السَّلَفُ فِيهِ وَلَيْسَ لِلْمُسَلِّفِ أَنْ يُعْطِيَهُ زُبْدًا نَجِيخًا وَذَلِكَ أَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ بِزُبْدِ يَوْمِهِ إنَّمَا هُوَ زُبْدٌ تَغَيَّرَ فَأُعِيدَ فِي سِقَاءٍ فِيهِ لَبَنٌ مُخِضَ لِيَذْهَبَ تَغَيُّرُهُ فَيَكُونُ عَيْبًا فِي الزُّبْدِ؛ لِأَنَّهُ جَدَّدَهُ وَهُوَ غَيْرُ جَدِيدٍ وَمِنْ أَنَّ الزُّبْدَ يَرِقُّ عَنْ أَصْلِ خِلْقَتِهِ وَيَتَغَيَّرُ طَعْمُهُ وَالْقَوْلُ فِيمَا عَرَفَهُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِهِ عَيْبًا أَنَّهُ يُرَدُّ بِهِ كَالْقَوْلِ فِيمَا وَصَفْنَا قَبْلَهُ.
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ -: وَيَجُوزُ السَّلَفُ فِي اللَّبَنِ كَمَا يَجُوزُ فِي الزُّبْدِ وَيَفْسُدُ كَمَا يَفْسُدُ فِي الزُّبْدِ بِتَرَكَ أَنْ يَقُولَ مَاعِزٌ أَوْ ضَأْنٌ أَوْ بَقَرٌ، وَإِنْ كَانَ إبِلًا أَنْ يَقُولَ لَبَنُ غَوَادٍ أَوْ أَوْرَاكٍ أَوْ خَمِيصَةٍ وَيَقُولَ فِي هَذَا كُلِّهِ لَبَنُ الرَّاعِيَةِ وَالْمُعْلَفَةِ لِاخْتِلَافِ أَلْبَانِ الرَّوَاعِي وَالْمُعْلَفَةِ وَتَفَاضُلِهَا فِي الطَّعْمِ وَالصِّحَّةِ وَالثَّمَنِ فَأَيُّ هَذَا سَكَتَ عَنْهُ لَمْ يَجُزْ مَعَهُ السَّلَمُ وَلَمْ يَجُزْ إلَّا بِأَنْ يَقُولَ حَلِيبًا أَوْ يَقُولَ لَبَنَ يَوْمِهِ؛ لِأَنَّهُ يَتَغَيَّرُ فِي غَدِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَالْحَلِيبُ مَا يُحْلَبُ مِنْ سَاعَتِهِ وَكَانَ مُنْتَهَى حَدِّ صِفَةِ الْحَلِيبِ أَنْ تَقِلَّ حَلَاوَتُهُ فَذَلِكَ حِينَ يَنْتَقِلُ إلَى أَنْ يَخْرُجَ مِنْ اسْمِ الْحَلِيبِ.
(قَالَ) : وَإِذَا أَسْلَفَ فِيهِ بِكَيْلٍ: فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَكِيلَهُ بِرَغْوَتِهِ؛ لِأَنَّهَا تَزِيدُ فِي كَيْلِهِ وَلَيْسَتْ بِلَبَنٍ تَبْقَى بَقَاءَ اللَّبَنِ وَلَكِنْ إذَا سَلَّفَ فِيهِ وَزْنًا: فَلَا بَأْسَ عِنْدِي أَنْ يَزِنَهُ بِرَغْوَتِهِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَزِيدُ فِي وَزْنِهِ فَإِنْ زَعَمَ أَهْلُ الْعِلْمِ أَنَّهَا تَزِيدُ فِي وَزْنِهِ فَلَا يَزِنُهُ حَتَّى تَسْكُنَ كَمَا لَا يَكِيلُهُ حَتَّى تَسْكُنَ.
.