ثُمَّ قَالَ فِي سِيَاقِ الْآيَةِ {وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ} [البقرة: 283] فَلَمَّا أَمَرَ إذَا لَمْ يَجِدُوا كَاتِبًا بِالرَّهْنِ ثُمَّ أَبَاحَ تَرْكَ الرَّهْنِ وَقَالَ {فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} [البقرة: 283] دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ الْأَوَّلَ دَلَالَةٌ عَلَى الْحَضِّ لَا فَرْضٌ مِنْهُ يَعْصِي مَنْ تَرَكَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ حُفِظَ «عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ بَايَعَ أَعْرَابِيًّا فِي فَرَسٍ فَجَحَدَ الْأَعْرَابِيُّ بِأَمْرِ بَعْضِ الْمُنَافِقِينَ وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ» فَلَوْ كَانَ حَتْمًا لَمْ يُبَايِعْ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِلَا بَيِّنَةٍ وَقَدْ حُفِظَتْ عَنْ عِدَّةٍ لَقِيتهمْ مِثْلَ مَعْنَى قَوْلِي مِنْ أَنَّهُ لَا يَعْصِي مَنْ تَرَكَ الْإِشْهَادَ وَأَنَّ الْبَيْعَ لَازِمٌ، إذَا تَصَادَقَا لَا يُنْقِضُهُ أَنْ لَا تَكُونَ بَيِّنَةٌ كَمَا يُنْقَضُ النِّكَاحُ، لِاخْتِلَافِ حُكْمِهِمَا.
ِ وَالْمُرَادُ بِهِ السَّلَمُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ} [البقرة: 282]