الام للشافعي (صفحة 672)

وَلَوْ تَغَيَّرَ فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ جَبَرْنَاهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ طَعَامًا غَيْرَهُ، وَقَدْ يَكُونُ يَتَكَلَّفُ مُؤْنَةً فِي خَزْنِهِ وَيَكُونُ حُضُورُ حَاجَتِهِ إلَيْهِ عِنْدَ ذَلِكَ الْأَجَلِ، فَكُلُّ مَا كَانَ لِخَزْنِهِ مُؤْنَةٌ أَوْ كَانَ يَتَغَيَّرُ فِي يَدَيْ صَاحِبِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى أَخْذِهِ قَبْلَ حُلُولِ الْأَجَلِ وَكُلُّ مَا كَانَ لَا يَتَغَيَّرُ وَلَا مُؤْنَةَ فِي خَزْنِهِ مِثْلُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ وَمَا أَشْبَهَهُمَا جُبِرَ عَلَى أَخْذِهِ قَبْلَ مَحَلِّ الْأَجَلِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فِي الشَّرِكَةِ وَالتَّوْلِيَةِ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يَحِلُّ بِمَا تَحِلُّ بِهِ الْبُيُوعُ وَيَحْرُمُ بِمَا تَحْرُمُ بِهِ الْبُيُوعُ فَحَيْثُ كَانَ الْبَيْعُ حَلَالًا فَهُوَ حَلَالٌ وَحَيْثُ كَانَ الْبَيْعُ حَرَامًا فَهُوَ حَرَامٌ، وَالْإِقَالَةُ فَسْخُ الْبَيْعِ فَلَا بَأْسَ بِهَا قَبْلَ الْقَبْضِ؛ لِأَنَّهَا إبْطَالُ عُقْدَةِ الْبَيْعِ بَيْنَهُمَا وَالرُّجُوعُ إلَى حَالِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَتَبَايَعَا.

(قَالَ) : وَمَنْ سَلَّفَ رَجُلًا مِائَةَ دِينَارٍ فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ طَعَامًا إلَى أَجَلٍ فَحَلَّ الْأَجَلُ فَسَأَلَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ خَمْسِينَ إرْدَبًّا وَيَفْسَخُ الْبَيْعَ فِي خَمْسِينَ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ فِي الْمِائَةِ كَانَتْ الْخَمْسُونَ أَوْلَى أَنْ تَجُوزَ، وَإِذَا كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ الْمِائَةَ كَانَتْ الْخَمْسُونَ أَوْلَى أَنْ يَقْبِضَهَا، وَهَذَا أَبْعَدُ مَا خَلَقَ اللَّهُ مِنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ، وَالْبَيْعُ وَالسَّلَفُ الَّذِي نَهَى عَنْهُ أَنْ تَنْعَقِدَ الْعُقْدَةُ عَلَى بَيْعٍ وَسَلَفٍ، وَذَلِكَ أَنْ أَقُولَ أَبِيعُك هَذَا لِكَذَا عَلَى أَنْ تُسَلِّفَنِي كَذَا، وَحُكْمُ السَّلَفِ أَنَّهُ حَالٌّ فَيَكُونُ الْبَيْعُ وَقَعَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَمَجْهُولٍ وَالْبَيْعُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَهَذَا الْمُسْلَفُ لَمْ يَكُنْ لَهُ قَطُّ إلَّا طَعَامٌ وَلَمْ تَنْعَقِدْ الْعُقْدَةُ قَطُّ إلَّا عَلَيْهِ، فَلَمَّا كَانَتْ الْعُقْدَةُ صَحِيحَةً، وَكَانَ حَلَالًا لَهُ أَنْ يَقْبِضَ طَعَامَهُ كُلَّهُ وَأَنْ يَفْسَخَ الْبَيْعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ فِي كُلِّهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ بَعْضَهُ وَيَفْسَخَ الْبَيْعَ بَيْنَهُ بَيْنَهُ فِي بَعْضِ، وَهَكَذَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ، وَسُئِلَ عَنْهُ فَقَالَ هَذَا الْمَعْرُوفُ الْحَسَنُ الْجَمِيلُ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَمَنْ سَلَّفَ رَجُلًا دَابَّةً أَوْ عَرَضًا فِي طَعَامٍ إلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ فَسَأَلَهُ أَنْ يُقِيلَهُ مِنْهُ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ كَانَتْ الدَّابَّةُ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا أَوْ فَائِتَةً؛ لِأَنَّهُ لَوْ كَانَتْ الْإِقَالَةُ بَيْعًا لِلطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ لَمْ يَكُنْ لَهُ إقَالَتُهُ فَيَبِيعُهُ طَعَامًا لَهُ عَلَيْهِ بِدَابَّةٍ لِلَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ وَلَكِنَّهُ كَانَ فَسَخَ الْبَيْعَ وَفَسْخُ الْبَيْعِ إبْطَالُهُ لَمْ يَكُنْ بِذَلِكَ بَأْسٌ كَانَتْ الدَّابَّةُ قَائِمَةً أَوْ مُسْتَهْلَكَةً فَهِيَ مَضْمُونَةٌ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهَا إذَا كَانَتْ مُسْتَهْلَكَةً.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَمَنْ أَقَالَ رَجُلًا فِي طَعَامٍ وَفَسَخَ الْبَيْعَ وَصَارَتْ لَهُ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ مَضْمُونَةٌ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا سَلَفًا فِي شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا، كَمَا لَوْ كَانَتْ لَهُ عَلَيْهِ دَنَانِيرُ سَلَفٍ أَوْ كَانَتْ لَهُ فِي يَدَيْهِ دَنَانِيرُ وَدِيعَةٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَجْعَلَهَا سَلَفًا فِي شَيْءٍ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهَا، وَمَنْ سَلَّفَ مِائَةً فِي صِنْفَيْنِ مِنْ التَّمْرِ وَسَمَّى رَأْسَ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَأَرَادَ أَنْ يُقِيلَ فِي أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ فَلَا بَأْسَ؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ بَيْعَتَانِ مُفْتَرِقَتَانِ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ رَأْسَ مَالِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فَهَذَا بَيْعٌ أَكْرَهُهُ، وَقَدْ أَجَازَهُ غَيْرِي، فَمَنْ أَجَازَهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ أَنْ يُقِيلَ مِنْ الْبَعْضِ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُمَا جَمِيعًا صَفْقَةٌ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ لَا تُعْرَفُ إلَّا بِقِيمَةٍ وَالْقِيمَةُ مَجْهُولَةٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَا خَيْرَ فِي أَنْ أَبِيعَك تَمْرًا بِعَيْنِهِ وَلَا مَوْصُوفًا بِكَذَا عَلَى أَنْ تَبْتَاعَ مِنِّي تَمْرًا بِكَذَا، وَهَذَانِ بَيْعَتَانِ فِي بَيْعَةٍ؛ لِأَنِّي لَمْ أَمْلِكْ هَذَا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ إلَّا وَقَدْ شَرَطْت عَلَيْك فِي ثَمَنِهِ ثَمَنًا لِغَيْرِهِ فَوَقَعَتْ الصَّفْقَةُ عَلَى ثَمَنٍ مَعْلُومٍ وَحِصَّةٌ فِي الشَّرْطِ فِي هَذَا الْبَيْعِ مَجْهُولَةٌ وَكَذَلِكَ وَقَعَتْ فِي الْبَيْعِ الثَّانِي، وَالْبُيُوعُ لَا تَكُونُ إلَّا بِثَمَنٍ مَعْلُومٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَمَنْ سَلَّفَ رَجُلًا فِي مِائَةِ إرْدَبٍّ فَاقْتَضَى مِنْهُ عَشَرَةً أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ ثُمَّ سَأَلَهُ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ الْعَشَرَةَ الَّتِي أَخَذَ مِنْهُ أَوْ مَا أَخَذَ وَيُقِيلُهُ، فَإِنْ كَانَ مُتَطَوِّعًا بِالرَّدِّ عَلَيْهِ تَمَّتْ الْإِقَالَةُ فَلَا بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى شَرْطِ أَنِّي لَا أَرُدُّهُ عَلَيْك إلَّا أَنْ تَفْسَخَ الْبَيْعَ بَيْنَنَا فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ، وَمَنْ كَانَتْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ دَنَانِيرُ فَسَلَّفَ الَّذِي عَلَيْهِ الدَّنَانِيرُ رَجُلًا غَيْرَهُ دَنَانِيرَ فِي طَعَامٍ فَسَأَلَهُ الَّذِي لَهُ عَلَيْهِ الدَّنَانِيرُ أَنْ يَجْعَلَ لَهُ تِلْكَ الدَّنَانِيرَ فِي سَلَفِهِ أَوْ يَجْعَلَهَا لَهُ تَوْلِيَةً فَلَا خَيْرَ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ التَّوْلِيَةَ بَيْعٌ وَهَذَا بَيْعُ الطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ وَدَيْنٌ بِدَيْنٍ، وَهُوَ مَكْرُوهٌ فِي الْآجِلِ وَالْحَالِّ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَمَنْ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015