مَالٍ وَحِجَارَةٍ وَخَشَبٍ غَيْرِ مَبْنِيَّةٍ كَانَ لِلْبَائِعِ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ وَضَعَهُ فِي الْأَرْضِ غَيْرِ الْأَرْضِ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ الْبَذْرُ فِي أَنَّ الْبَائِعَ يَمْلِكُهُ إلَّا مِثْلَهُ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ وَضَعَهُ الْبَائِعُ غَيْرَ الْأَرْضِ، فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ كَيْفَ لَا يُخْرِجُ زَرْعَهُ كَمَا يُخْرِجُ مَا دَفَنَ فِي الْأَرْضِ مِنْ مَالٍ وَخَشَبٍ؟ قِيلَ دَفَنَ تِلْكَ فِيهَا لِيُخْرِجَهَا كَمَا دَفَنَهَا لَا لِتَنْمِي بِالدَّفْنِ.
وَإِذَا مَرَّ بِالْمَدْفُونِ مِنْ الْحَبِّ وَقْتٌ فَلَوْ أَخْرَجَهُ لَمْ يَنْفَعْهُ لِقَلْبِ الْأَرْضِ لَهُ وَتِلْكَ لَا تُقَلِّبُهَا فَأَمَّا وَلَدُ الْجَارِيَةِ فَشَيْءٌ لَا حُكْمَ لَهُ إلَّا حُكْمَ أُمِّهِ أَلَا تَرَى أَنَّهَا تُعْتَقُ وَلَا يُقْصَدُ قَصْدُهُ بِعِتْقٍ فَيُعْتَقُ وَتُبَاعُ وَلَا يُبَاعُ فَيَمْلِكُهُ الْمُشْتَرِي وَأَنَّ حُكْمَهُ فِي الْعِتْقِ وَالْبَيْعِ حُكْمُ عُضْوٍ مِنْهَا، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ كَانَ لِلْمُشْتَرِي الْخِيَارُ لِاخْتِلَافِ الزَّرْعِ فِي مَقَامِهِ فِي الْأَرْضِ وَإِفْسَادِهِ إيَّاهَا (قَالَ) : وَإِنْ كَانَ الْبَائِعُ قَدْ أَعْلَمَ الْمُشْتَرِيَ أَنَّ لَهُ فِي الْأَرْضِ الَّتِي بَاعَهُ بَذْرًا سَمَّاهُ لَا يَدْخُلُ فِي بَيْعِهِ فَاشْتَرَى عَلَى ذَلِكَ فَلَا خِيَارَ لِلْمُشْتَرِي وَعَلَيْهِ أَنْ يَدَعَهُ حَتَّى يَصْرِمَ، فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَثْبُتُ مِنْ الزَّرْعِ تَرَكَهُ حَتَّى يَصْرِمَهُ ثُمَّ كَانَ لِلْمُشْتَرِي أَصْلُهُ وَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ قَلْعُهُ وَلَا قَطْعُهُ.
(قَالَ) : وَإِنْ عَجَّلَ الْبَائِعُ فَقَلَعَهُ قَبْلَ بُلُوغِ مِثْلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَدَعَهُ لِيَسْتَخْلِفَهُ وَهُوَ كَمَنْ جَذَّ ثَمَرَةً غَضَّةً فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ أُخْرَى حَتَّى تَبْلُغَ؛ لِأَنَّهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مِمَّا خَرَجَ مِنْهُ إلَّا مَرَّةً فَتَعَجَّلَهَا فَلَا يَتَحَوَّلُ حَقُّهُ فِي غَيْرِهَا بِحَالٍ وَالْقَوْلُ فِي الزَّرْعِ مِنْ الْحِنْطَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا لَا يُصْرَمُ إلَّا مَرَّةً أَشْبَهُ أَنْ يَكُونَ قِيَاسًا عَلَى الثَّمَرَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً فِي السَّنَةِ إلَّا أَنَّهُ يُخَالِفُ الْأَصْلَ فَيَكُونُ الْأَصْلُ مَمْلُوكًا بِمَا تُمْلَكُ بِهِ الْأَرْضُ وَلَا يَكُونُ هَذَا مَمْلُوكًا بِمَا تُمْلَكُ بِهِ الْأَرْضُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِيهَا.
(قَالَ) : وَمَا كَانَ مِنْ الشَّجَرِ يُثْمِرُ مِرَارًا فَهُوَ كَالْأَصْلِ الثَّابِتِ يُمْلَكُ بِمَا تُمْلَكُ بِهِ الْأَرْضُ، وَإِنْ بَاعَهُ وَقَدْ صَلُحَ وَقَدْ ظَهَرَ ثَمَرُهُ فِيهِ فَثَمَرُهُ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهَا الْمُبْتَاعُ كَمَا يَكُونُ النَّخْلُ الْمُلَقَّحُ (قَالَ) : وَذَلِكَ مِثْلُ الْكُرْسُفِ إذَا بَاعَهُ وَقَدْ تَشَقَّقَ جَوْزُ كُرْسُفِهِ عَنْهُ فَالثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ كَمَا تَشَّقَّقُ الطَّلْعَةُ فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ ذَلِكَ حِينَ يُلَقَّحُ، فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ يَتَشَقَّقَ مِنْ جَوْزِ كُرْسُفِهِ شَيْءٌ فَالثَّمَرَةُ لِلْمُشْتَرِي وَمَا كَانَ مِنْ الشَّجَرِ هَكَذَا يَتَشَقَّقُ ثَمَرُهُ لِيَصْلُحَ مِثْلَ النَّخْلِ وَمَا كَانَ يَبْقَى بِحَالِهِ فَإِذَا خَرَجَتْ الثَّمَرَةُ فَخُرُوجُهُ كَتَشَقُّقِ الطَّلْعِ وَجَوْزِ الْكُرْسُفِ فَهُوَ لِلْبَائِعِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُشْتَرِي.
(قَالَ) : وَمَا أَثْمَرَ مِنْهُ فِي السَّنَةِ مِرَارًا فَبِيعَ وَفِيهِ ثَمَرَةٌ فَهِيَ لِلْبَائِعِ وَحْدَهَا فَإِذَا انْقَضَتْ فَمَا خَرَجَ بَعْدَهَا مِمَّا لَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ فَلِلْمُشْتَرِي الْأَصْلُ مَعَ الْأَرْضِ وَصِنْفٌ مِنْ الثَّمَرَةِ فَكَانَ يَخْرُجُ مِنْهُ الشَّيْءُ بَعْدَ الشَّيْءِ حَتَّى لَا يَنْفَصِلُ مَا وَقَعَتْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ وَهُوَ فِي شَجَرِهِ فَكَانَ لِلْبَائِعِ مَا لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ وَكَانَ لِلْمُشْتَرِي مَا حَدَثَ، فَإِنْ اخْتَلَطَ مَا اشْتَرَى بِمَا لَمْ يُشْتَرَ وَلَمْ يَتَمَيَّزْ فَفِيهَا قَوْلَانِ أَحَدُهُمَا لَا يَجُوزُ الْبَيْعُ فِيهِ إلَّا بِأَنْ يُسَلِّمَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي الثَّمَرَةَ كُلَّهَا فَيَكُونُ قَدْ أَوْفَاهُ حَقَّهُ وَزِيَادَةً أَوْ يَتْرُكَ الْمُشْتَرِي لَهُ هَذِهِ الثَّمَرَةَ فَيَكُونُ قَدْ تَرَكَ لَهُ حَقَّهُ (قَالَ) : وَمَنْ أَجَازَ هَذَا قَالَ هَذَا كَمَنْ اشْتَرَى طَعَامًا جُزَافًا فَأَلْقَى الْبَائِعُ فِيهِ طَعَامًا غَيْرَهُ ثُمَّ سَلَّمَ الْبَائِعُ لِلْمُشْتَرِي جَمِيعَ مَا اشْتَرَى مِنْهُ وَزَادَهُ مَا أَلْقَاهُ فِي طَعَامِهِ فَلَمْ يَظْلِمْهُ وَلَمْ يَنْقُصْهُ شَيْئًا مِمَّا بَاعَهُ وَزَادَهُ الَّذِي خَلَطَ، وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ الْمَبِيعُ مِنْهُ مِنْ غَيْرِ الْمَبِيعِ قَالَ فِي الْوَجْهِ الَّذِي يَتْرُكُ فِيهِ الْمُبْتَاعُ حَقَّهُ هَذَا كَرَجُلٍ ابْتَاعَ مِنْ رَجُلٍ طَعَامًا جُزَافًا فَأَلْقَى الْمُشْتَرِي فِيهِ طَعَامًا ثُمَّ أَخَذَ الْبَائِعُ مِنْهُ شَيْئًا فَرَضِيَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَ مَا بَقِيَ مِنْ الطَّعَامِ بِجَمِيعِ الثَّمَنِ وَيَتْرُكَ لَهُ حَقَّهُ فِيمَا أَخَذَ مِنْهُ فَإِنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ صَحِيحَةً إلَّا أَنَّ فِيهَا خِيَارًا لِلْمُشْتَرِي فَأُجِيزُهَا وَيَكُونُ لِلْمُشْتَرِي تَرْكُ رَدِّهَا بِخِيَارِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ يُفْسِدُ الْبَيْعَ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ، وَإِنْ وَقَعَ صَحِيحًا قَدْ اخْتَلَطَ حَتَّى لَا يَتَمَيَّزَ الصَّحِيحُ مِنْهُ الَّذِي وَقَعَتْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ مِمَّا لَمْ تَقَعْ عَلَيْهِ صَفْقَةُ الْبَيْعِ.
(قَالَ) : وَالْقَصَبُ وَالْقِثَّاءُ وَكُلُّ مَا كَانَ يُصْرَمُ مَرَّةً بَعْدَ الْأُخْرَى مِنْ الْأُصُولِ فَلِلْمُشْتَرِي مِلْكُهُ كَمَا يَمْلِكُ النَّخْلَ إذَا اشْتَرَى الْأَصْلَ وَمَا خَرَجَ فِيهِ مِنْ ثَمَرَةٍ مَرَّةً فَتِلْكَ الثَّمَرَةُ لِلْبَائِعِ وَمَا بَعْدَهَا لِلْمُشْتَرِي، فَأَمَّا الْقَصَبُ فَلِلْبَائِعِ أَوَّلَ صِرْمَةٍ مِنْهُ وَمَا بَقِيَ بَعْدَهَا لِلْمُشْتَرِي فَعَلَى هَذَا، هَذَا الْبَابُ كُلُّهُ وَقِيَاسُهُ وَهَكَذَا الْبُقُولُ كُلُّهَا إذَا