[كِتَابُ النُّذُورِ] [بَابُ النُّذُورِ الَّتِي كَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ أَيْمَانٍ]
ِ بَابُ النُّذُورِ الَّتِي كَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ أَيْمَانٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَمَنْ قَالَ عَلَيَّ نَذْرٌ وَلَمْ يُسَمِّ شَيْئًا فَلَا نَذْرَ وَلَا كَفَّارَةَ، لِأَنَّ النَّذْرَ مَعْنَاهُ مَعْنَى عَلَيَّ أَنْ أَبَرَّ وَلَيْسَ مَعْنَاهُ مَعْنَى أَنِّي أَثِمْت وَلَا حَلَفْت، فَلَمْ أَفْعَلْ وَإِذَا نَوَى بِالنَّذْرِ شَيْئًا مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ، فَهُوَ مَا نَوَى.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِنَّا نَقُولُ فِيمَنْ قَالَ: " عَلَيَّ نَذْرٌ، إنْ كَلَّمْت فُلَانًا، أَوْ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ أُكَلِّمَ فُلَانًا، يُرِيدُ هِجْرَتَهُ، أَنَّ عَلَيْهِ كَفَّارَةَ يَمِينٍ. وَأَنَّهُ إنْ قَالَ: " عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ أَهْجُرَهُ، يُرِيدُ بِذَلِكَ نَذْرَ هِجْرَتِهِ نَفْسِهَا، لَا يَعْنِي قَوْلَهُ أَنْ أَهْجُرَهُ أَوْ لَمْ أَهْجُرْهُ. فَإِنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ، وَلِيُكَلِّمَهُ، لِأَنَّهُ نَذْرٌ فِي مَعْصِيَةٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُكَلِّمَ فُلَانًا أَوْ لَا يَصِلَ فُلَانًا، فَهَذَا الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْحِنْثُ فِي الْيَمِينِ خَيْرٌ لَك مِنْ الْبِرِّ فَكَفِّرْ وَاحْنَثْ، لِأَنَّك تَعْصِي اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فِي هِجْرَتِهِ، وَتَتْرُكُ الْفَضْلَ فِي مَوْضِعِ صِلَتِهِ. وَهَذَا فِي مَعْنَى الَّذِي قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» وَهَكَذَا كُلُّ مَعْصِيَةٍ حَلَفَ عَلَيْهَا أَمَرْنَاهُ أَنْ يَتْرُكَ الْمَعْصِيَةَ وَيَحْنَثَ وَيَأْتِيَ الطَّاعَةَ. وَإِذَا حَلَفَ عَلَى بِرٍّ، أَمَرْنَاهُ أَنْ يَأْتِيَ الْبِرَّ وَلَا يَحْنَثُ، مِثْلُ قَوْلِهِ " وَاَللَّهِ لَأَصُومَن الْيَوْمَ، وَاَللَّهِ لِأُصَلِّيَن كَذَا وَكَذَا رَكْعَةً نَافِلَةً " فَنَقُولُ لَهُ: بِرَّ يَمِينَك وَأَطِعْ رَبَّك، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ، حَنِثَ وَكَفَّرَ. وَأَصْلُ مَا نَذْهَبُ إلَيْهِ، أَنَّ النَّذْرَ لَيْسَ بِيَمِينٍ، وَأَنَّ مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَطَاعَهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ، وَلَمْ يُكَفِّرْ.
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ فِي كُلِّ شَيْءٍ سِوَى الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ مِنْ قَوْلِهِ: مَالِي هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ دَارِي هَذِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا يَمْلِكُ صَدَقَةً أَوْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ إذَا كَانَ عَلَى