الام للشافعي (صفحة 314)

جَهَالَةٌ أَوْ تَجَاهُلٌ فَإِنْ زَعَمْت أَنَّ لَنَا، وَلَك أَنْ نَكُونَ مُتَكَلِّمِينَ سُنَّةً أَوْ أَثَرًا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ سَأَلْت فِي مَوْضِعِ مَسْأَلَةٍ وَإِنْ زَعَمْت أَنَّ أَقَاوِيلَهُمْ غَايَةٌ يُنْتَهَى إلَيْهَا لَا تُجَاوَزُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهَا سُنَّةٌ لَمْ يَكُنْ لِمَسْأَلَتِك مَوْضِعٌ (قَالَ) : أَفَرَأَيْت إنْ كَنَعْت عَنْ الْقَوْلِ فِي الصِّيَامِ، وَالطَّوَافِ، وَكَلَّمْتُك فِي الصَّلَاةِ وَزَعَمْت أَنِّي لَا أَقِيسُ شَرِيعَةً بِشَرِيعَةٍ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ لَك فَلَمَّا لَمْ أَجِدْ فِي الصَّوْمِ حَدِيثًا يَثْبُتُ يُخَالِفُ مَا ذَهَبْت إلَيْهِ، وَلَا فِي الطَّوَافِ، وَكَنَعْت عَنْ الْكَلَامِ فِيهِمَا قُلْت، وَرَجَعْت إلَى إجَازَةِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ صَوْمِ التَّطَوُّعِ، وَالطَّوَافِ؟ فَقَالَ بَلْ أَقِفُ فِيهِ قُلْت أَفَتَقْبَلُ مِنْ غَيْرِك الْوُقُوفَ عِنْدَ الْحُجَّةِ؟ قَالَ: لَعَلِّي سَأَجِدُ حُجَّةً فِيمَا قُلْتَ: قُلْت: فَإِنْ قَالَ لَك غَيْرُك فَلَعَلِّي سَأَجِدُ الْحُجَّةَ عَلَيْك فَلَا أَقْبَلُ مِنْك أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ، وَفَائِدَةُ وُقُوفِك، وَالْخَبَرُ الَّذِي يَلْزَمُ مِثْلُهُ عِنْدَك ثَابِتٌ بِخِلَافِ قَوْلِك فَإِنْ قَالَ فَإِنْ قُلْت لَك فِي الصَّلَاةِ إنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «صَلَاةُ اللَّيْلِ، وَالنَّهَارِ مَثْنَى مَثْنَى يُسَلِّمُ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ» قُلْت: فَأَنْتَ تُخَالِفُ هَذَا فَتَقُولُ: صَلَاةُ النَّهَارِ أَرْبَعٌ، وَصَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى قَالَ بِحَدِيثٍ قُلْت فَهُوَ إذَنْ يُخَالِفُ هَذَا الْحَدِيثَ فَأَيُّهُمَا الثَّابِتُ؟ قَالَ فَاقْتَصِرْ عَلَى صَلَاةِ اللَّيْلِ، وَأَنْتَ تَعْرِفُ الْحَدِيثَ لَيْلًا، وَتُثْبِتُهُ؟ قُلْت: نَعَمْ. وَلَيْسَتْ لَك حُجَّةٌ فِيهِ إنْ لَمْ تَكُنْ عَلَيْك قَالَ، وَكَيْفَ قُلْت: إنَّمَا سَنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ اللَّيْلِ مَثْنَى لِمَنْ أَرَادَ صَلَاةً تُجَاوِزُ مَثْنَى فَأَمَرَ بِأَنْ يُسَلِّمَ بَيْنَ كُلِّ رَكْعَتَيْنِ لِئَلَّا تَشْتَبِهَ بِصَلَاةِ الْفَرِيضَةِ لَا أَنَّهُ حَرَامٌ أَنْ يُصَلِّيَ أَقَلَّ مِنْ مَثْنَى، وَلَا أَكْثَرَ قَالَ، وَأَيْنَ أَجَازَ أَنْ يُصَلِّيَ أَقَلَّ مِنْ مَثْنَى؟ قُلْت فِي قَوْلِهِ «فَإِذَا خَشِيَ الصُّبْحَ صَلَّى وَاحِدَةً يُوتِرُ بِهَا مَا قَدْ صَلَّى» فَقَدْ صَلَّى رَكْعَةً وَاحِدَةً مُنْفَرِدَةً، وَجَعَلَهَا صَلَاةً، وَقَدْ رَوَى هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يُوتِرُ بِخَمْسِ رَكَعَاتٍ لَا يُسَلِّمُ، وَلَا يَجْلِسُ إلَّا فِي أُخْرَاهُنَّ» ، وَرَوَى ابْنُ عَبَّاسٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَّمَ مِنْ الرَّكْعَةِ وَالرَّكْعَتَيْنِ» ، وَأَخْبَرَ أَنَّ وَجْهَ الصَّلَاةِ فِي التَّطَوُّعِ أَنْ تَكُونَ مَثْنَى، وَلَمْ يُحَرِّمْ أَنْ تُجَاوِزَ مَثْنَى، وَلَا تَقْصُرَ عَنْهُ قَالَ فَإِنْ قُلْت بَلْ حَرَّمَ أَنْ لَا يُصَلِّيَ إلَّا مَثْنَى، قُلْت: فَأَنْتَ إذَنْ تُخَالِفُ إنْ زَعَمْت أَنَّ الْوِتْرَ وَاحِدَةٌ، وَإِنْ زَعَمْت أَنَّهُ ثَلَاثٌ لَا يَفْصِلُ بِسَلَامٍ بَيْنَهُنَّ أَوْ أَكْثَرَ فَلَيْسَ وَاحِدَةٌ وَلَا ثَلَاثٌ مَثْنَى، قَالَ: فَقَالَ بَعْضُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَصْحَابِهِ لَيْسَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ هَذَا بِحُجَّةٍ عَلَيْك عِنْدَهُ فَمَا زَالَ النَّاسُ يَأْمُرُونَ بِأَنْ يُصَلُّوا مَثْنَى، وَلَا يُحَرِّمُونَ دُونَ مَثْنَى فَإِذَا جَازَ أَنْ يُصَلِّيَ غَيْرَ مَثْنَى قُلْت: فَلِمَ أَحْتَجُّ بِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : قُلْت لَهُ: نَحْنُ وَأَنْتَ مُجْمِعُونَ عَلَى إنَّمَا يَجِبُ لِلرَّجُلِ إذَا قَرَأَ السَّجْدَةَ طَاهِرًا أَنْ يَسْجُدَ، وَأَنْتَ تُوجِبُهَا عَلَيْهِ أَفَسَجْدَةٌ لَا قِرَاءَةَ فِيهَا أَقَلُّ أَمْ رَكْعَةٌ؟ قَالَ: هَذَا سُنَّةٌ وَأَثَرٌ قُلْت لَهُ، وَلَا يَدْخُلُ عَلَى السُّنَّةِ وَلَا الْأَثَرِ؟ قَالَ: لَا. قُلْت: فَلِمَ أَدْخَلْتَهُ عَلَيْنَا فِي السُّنَّةِ وَالْأَثَرِ؟ وَإِذَا كَانَتْ سَجْدَةٌ تَكُونُ صَلَاةً، وَلَمْ تُبْطِلْهَا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةُ اللَّيْلِ " مَثْنَى لِأَنَّهُ لَمْ يَبْلُغْ بِهَا أَنْ يُجَاوِزَ بِهَا مَثْنَى فَيَقْصُرَ بِهَا عَلَى مَثْنَى فَكَيْفَ عَبَثٌ أَنْ نَقُولَ أَقَلُّ مِنْ مَثْنَى، وَأَكْثَرُ مِنْ سَجْدَةِ صَلَاةٌ؟ قَالَ: فَإِنْ قُلْت: السُّجُودُ وَاجِبٌ قُلْنَا فَذَلِكَ أَوْكَدُ لِلْحُجَّةِ عَلَيْك أَنْ يُحِبَّ مِنْ الصَّلَاةِ سَجْدَةً بِلَا قِرَاءَةٍ، وَلَا رُكُوعٍ ثُمَّ تَعِيبَ أَنْ يَجُوزَ أَكْثَرُ مِنْهَا قُلْت لَهُ سَجَدَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَجْدَةَ شُكْرٍ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ الدَّرَاوَرْدِيُّ وَسَجَدَ أَبُو بَكْرٍ شُكْرًا لِلَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى حِينَ جَاءَهُ قَتْلُ مُسَيْلِمَةَ،، وَسَجَدَ عُمَرُ حِينَ جَاءَهُ فَتْحُ مِصْرَ شُكْرًا لِلَّهِ جَلَّ اسْمُهُ فَإِذَا جَازَ أَنْ يُتَطَوَّعَ لِلَّهِ بِسَجْدَةٍ فَكَيْفَ كَرِهْت أَنْ يُتَطَوَّعَ بِأَكْثَرَ مِنْهَا؟

طور بواسطة نورين ميديا © 2015