الْأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ» ، وَإِنَّمَا أَرَادَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ الْمُدَاوَمَةَ عَلَى عَمَلٍ كَانَ يَعْمَلُهُ فَلَمَّا شُغِلَ عَنْهُ عَمِلَهُ فِي أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ مِنْهُ لَيْسَ أَنَّ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْعَصْرِ وَاجِبَتَانِ، وَلَا بَعْدَهَا، وَإِنَّمَا هُمَا نَافِلَةٌ، وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ " مَنْ فَاتَهُ شَيْءٌ مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ فَلْيُصَلِّهِ إذَا زَالَتْ الشَّمْسُ فَإِنَّهُ قِيَامُ اللَّيْلِ " لَيْسَ أَنَّهُ يُوجِبُ قِيَامَ اللَّيْلِ وَلَا قَضَاءَهُ، وَلَكِنْ يَقُولُ مَنْ أَرَادَ تَحَرَّى فَصَلَّى فَلْيَفْعَلْ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ «أَنَّ عُمَرَ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَسَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ فِي الْإِسْلَامِ» ، وَهُوَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ أَنَّهُ إنَّمَا أَمَرَهُ إنْ أَرَادَ أَنْ يَسْبِقَ بِاعْتِكَافٍ اعْتَكَفَ، وَلَمْ يَمْنَعْهُ أَنَّهُ نَذَرَهُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَخْبَرَنَا الدَّرَاوَرْدِيُّ، وَغَيْرُهُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - عَنْ جَابِرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَامَ فِي سَفَرِهِ إلَى مَكَّةَ عَامَ الْفَتْحِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَأَمَرَ النَّاسَ أَنْ يُفْطِرُوا فَقِيلَ لَهُ: إنَّ النَّاسَ صَامُوا حِينَ صُمْت فَدَعَا بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، وَأَمَرَ مَنْ بَيْنَ يَدَيْهِ أَنْ يَحْبِسُوا فَلَمَّا حَبَسُوا، وَلَحِقَهُ مَنْ وَرَاءَهُ رَفَعَ الْإِنَاءَ إلَى فِيهِ فَشَرِبَ وَفِي حَدِيثِهِمَا أَوْ حَدِيثِ أَحَدِهِمَا، وَذَلِكَ بَعْدَ الْعَصْرِ» أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ «خَرَجَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الْمَدِينَةِ حَتَّى إذَا كَانَ بِكُرَاعِ الْغَمِيمِ، وَهُوَ صَائِمٌ ثُمَّ رَفَعَ إنَاءً فِيهِ مَاءٌ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِهِ، وَهُوَ عَلَى الرَّحْلِ فَحَبَسَ مَنْ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَأَدْرَكَهُ مَنْ وَرَاءَهُ ثُمَّ شَرِبَ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَقَالَ هَذَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ قُلْت: فَذَلِكَ أَوْكَدُ لِلْحُجَّةِ عَلَيْك أَنَّهُ إذَا كَانَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ فِي السَّفَرِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ لَا عِلَّةَ غَيْرُهُ بِرُخْصَةِ اللَّهِ، وَكَانَ لَهُ أَنْ يَصُومَ إنْ شَاءَ فَيُجْزَى عَنْهُ مَنْ أَفْطَرَ قَبْلَ أَنْ يَسْتَكْمِلَهُ دَلَّ هَذَا عَلَى مَعْنَى قَوْلِي مِنْ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَهُ قَبْلَ الدُّخُولِ فِي الصَّوْمِ أَنْ لَا يَدْخُلَ فِيهِ كَانَ بِالدُّخُولِ فِيهِ فِي تِلْكَ الْحَالِ غَيْرُ وَاجِبٍ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ، وَكَانَ لَهُ إذَا دَخَلَ فِيهِ أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ بِكُلِّ حَالٍ كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَالتَّطَوُّعُ بِكُلِّ وَجْهٍ أَوْلَى أَنْ يَكُونَ هَكَذَا مِنْ الْفَرْضِ الَّذِي لَهُ تَرْكُهُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ إلَى أَنْ يَقْضِيَهُ فِي غَيْرِهِ قَالَ: فَتَقُولُ بِهَذَا؟ قُلْت: نَعَمْ، أَقُولُهُ اتِّبَاعًا لِأَمْرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ} [الأحزاب: 36] قَالَ لِي: فَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّك تَحْفَظُ فِي هَذَا أَثَرًا عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقُلْت لَهُ: الَّذِي جِئْتُك بِهِ أَقْطَعُ لِلْعُذْرِ وَأَوْلَى أَنْ تَتَّبِعَهُ مِنْ الْأَثَرِ قَالَ فَاذْكُرْ الْأَثَرَ قُلْت: فَإِنْ ذَكَرْتُهُ بِمَا ثَبَتَ بِمِثْلِهِ عَنْ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ تَأْتِ بِشَيْءٍ يُخَالِفُهُ ثَابِتٍ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ تَعْلَمُ أَنَّ فِيمَا قُلْنَا الْحُجَّةَ، وَفِي خِلَافِهِ الْخَطَأَ؟ قَالَ: فَاذْكُرْهُ. قُلْت: أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ كَانَ لَا يَرَى بَأْسًا أَنْ يُفْطِرَ الْإِنْسَانُ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ، وَيَضْرِبُ لِذَلِكَ أَمْثَالًا، رَجُلٌ قَدْ طَافَ سَبْعًا، وَلَمْ يُوفِهِ فَلَهُ مَا احْتَسَبَ أَوْ صَلَّى رَكْعَةً، وَلَمْ يُصَلِّ أُخْرَى فَلَهُ أَجْرُ مَا احْتَسَبَ، أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ لَا يَرَى بِالْإِفْطَارِ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ بَأْسًا أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ، وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِالْإِفْطَارِ فِي صِيَامِ التَّطَوُّعِ بَأْسًا أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّهُ كَانَ يَأْتِي أَهْلَهُ حِينَ يَنْتَصِفُ النَّهَارَ أَوْ قَبْلَهُ فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ غَدَاءٍ؟ فَيَجِدُهُ أَوْ لَا يَجِدُهُ