التُّرَابُ، وَالْإِهَالَةُ عَلَيْهِ أَنْ يَطْرَحَ مَنْ عَلَى شَفِيرِ الْقَبْرِ التُّرَابَ بِيَدَيْهِ جَمِيعًا عَلَيْهِ، وَيُهَالُ بِالْمَسَاحِي، وَلَا نُحِبُّ أَنْ يُزْدَادَ فِي الْقَبْرِ أَكْثَرُ مِنْ تُرَابِهِ لَيْسَ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ ذَلِكَ، وَلَكِنْ لِئَلَّا يَرْتَفِعَ جِدًّا، وَيُشَخَّصُ الْقَبْرُ عَنْ وَجْهِ الْأَرْضِ نَحْوَ مِنْ شِبْرٍ، وَيُسَطَّحُ، وَيُوضَعُ عَلَيْهِ حَصْبَاءُ وَتُسَدُّ أَرْجَاؤُهُ بِلَبِنٍ أَوْ بِنَاءٍ، وَيُرَشُّ عَلَى الْقَبْرِ وَيُوضَعُ عِنْدَ رَأْسِهِ صَخْرَةٌ أَوْ عَلَامَةٌ مَا كَانَتْ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ الْقَبْرِ فَذَلِكَ أَكْمَلُ مَا يَكُونُ مِنْ اتِّبَاعِ الْجِنَازَةِ فَلْيَنْصَرِفْ مَنْ شَاءَ، وَالْمَرْأَةُ فِي غَسْلِهَا وَتَعَاهُدِ مَا يَخْرُجُ مِنْهَا مِثْلُ الرَّجُلِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَفَقَّدَ مِنْهَا أَكْثَرَ مَا يُتَفَقَّدُ مِنْ الرَّجُلِ، وَإِنْ كَانَ بِهَا بَطْنٌ أَوْ كَانَتْ نُفَسَاءَ أَوْ بِهَا عِلَّةٌ اُحْتِيطَ فَخِيطَ عَلَيْهَا لِبْدٌ لِيَمْنَعَ مَا يَأْتِي مِنْهَا إنْ جَاءَ، وَالْمَشْيُ بِالْجِنَازَةِ الْإِسْرَاعُ، وَهُوَ فَوْقَ سَجِيَّةِ الْمَشْيِ فَإِنْ كَانَتْ بِالْمَيِّتِ عِلَّةٌ يُخَافُ لَهَا أَنْ تُجِيءُ مِنْهُ شَيْئًا أَحْبَبْت أَنْ يُرْفَقَ بِالْمَشْيِ وَأَنْ يُدَارَى لِئَلَّا يَأْتِيَ مِنْهُ أَذًى، وَإِذَا غُسِّلَتْ الْمَرْأَةُ، ضُفِرَ شَعْرُهَا ثَلَاثَةَ قُرُونٍ فَأُلْقِينَ خَلْفَهَا، وَأُحِبُّ لَوْ قُرِئَ عِنْدَ الْقَبْرِ، وَدُعِيَ لِلْمَيِّتِ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ دُعَاءٌ مُؤَقَّتٌ، وَأُحِبُّ تَعْزِيَةَ أَهْلِ الْمَيِّتِ، وَجَاءَ الْأَثَرُ فِي تَعْزِيَتِهِمْ، وَأَنْ يُخَصَّ بِالتَّعْزِيَةِ كِبَارُهُمْ، وَصِغَارُهُمْ الْعَاجِزُونَ عَنْ احْتِمَالِ الْمُصِيبَةِ، وَأَنْ يَجْعَلَ لَهُمْ أَهْلُ رَحِمِهِمْ وَجِيرَانُهُمْ طَعَامًا لِشُغْلِهِمْ بِمُصِيبَتِهِمْ عَنْ صَنْعَةِ الطَّعَامِ.
الْعِلَلُ فِي الْمَيِّتِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَصْعُوقًا أَوْ مَيِّتًا غَمًّا أَوْ مَحْمُولًا عَلَيْهِ عَذَابٌ أَوْ حَرِيقًا أَوْ غَرِيقًا أَوْ بِهِ عِلَّةٌ قَدْ تَوَارَتْ بِمِثْلِ الْمَوْتِ اُسْتُؤْنِيَ بِدَفْنِهِ، وَتُعُوهِدَ حَتَّى يُسْتَيْقَنَ مَوْتُهُ لَا وَقْتَ غَيْرُ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً مَا لَمْ يَبِنْ بِهِ الْمَوْتُ أَوْ يُخَافُ أَثَرُهُ ثُمَّ غُسِّلَ وَدُفِنَ، وَإِذَا اسْتُيْقِنَ مَوْتُهُ عُجِّلَ غُسْلُهُ وَدَفْنُهُ، وَلِلْمَوْتِ عَلَامَاتٌ مِنْهَا امْتِدَادُ جِلْدَةِ الْوَلَدِ مُسْتَقْبِلِهِ " قَالَ الرَّبِيعُ " يَعْنِي خُصَاهُ فَإِنَّهَا تُفَاضُ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَافْتِرَاجُ زَنْدَيْ يَدَيْهِ، وَاسْتِرْخَاءُ الْقَدَمَيْنِ حَتَّى لَا يَنْتَصِبَانِ، وَمَيَلَانُ الْأَنْفِ، وَعَلَامَاتٌ سِوَى هَذِهِ، فَإِذَا رُئِيَتْ دَلَّتْ عَلَى الْمَوْتِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : لَا يَضُرُّ الرَّجُلَ مَنْ دَخَلَ قَبْرَهُ مِنْ الرِّجَالِ وَلَا يَدْخُلُ النِّسَاءُ قَبْرَ رَجُلٍ، وَلَا امْرَأَةٍ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهُنَّ، وَأُحِبُّ أَنْ يَكُونُوا وِتْرًا فِي الْقَبْرِ ثَلَاثَةً أَوْ خَمْسَةً أَوْ سَبْعَةً، وَلَا يَضُرُّهُمْ أَنْ يَكُونُوا شَفْعًا، وَيَدْخُلُهُ مَنْ يُطِيقُهُ، وَأُحِبُّهُمْ أَنْ يَدْخُلَ قَبْرَهُ أَفْقَهُهُمْ ثُمَّ أَقْرَبُهُمْ بِهِ رَحِمًا ثُمَّ يَدْخُلُ قَبْرَ الْمَرْأَةِ مِنْ الْعَدَدِ مِثْلُ مَنْ يَدْخُلُ قَبْرَ الرَّجُلِ، وَلَا تَدْخُلُهُ امْرَأَةٌ إلَّا أَنْ لَا يُوجَدَ غَيْرُهَا، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَلِيَهَا النِّسَاءُ لِتَخْلِيصِ شَيْءٍ إنْ كُنَّ يَلِينَهُ، وَحَلِّ عَقْدٍ عَنْهَا، وَإِنْ وَلِيَهَا الرِّجَالُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ فَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَلَا أُحِبُّ أَنْ يَلِيَهَا إلَّا زَوْجٌ أَوْ ذُو مَحْرَمٍ إلَّا أَنْ يُوجَدَ، وَإِنْ لَمْ يُوجَدُوا أَحْبَبْت أَنْ يَلِيَهَا رَقِيقٌ إنْ كَانُوا لَهَا فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَخُصْيَانٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا رَقِيقٌ فَذُو مَحْرَمٍ أَوْ وَلَاءٍ فَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَمَنْ وَلِيَهَا مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَلَا بَأْسَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَتُغَسِّلُ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا، وَالرَّجُلُ امْرَأَتَهُ إنْ شَاءَ وَتُغَسِّلُهَا ذَاتُ مَحْرَمٍ مِنْهَا أَحَبُّ إلَيَّ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَامْرَأَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، وَيُدْخِلُ الْمَرْأَةَ قَبْرَهَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهَا مِنْ قَرَابَتِهَا أَحَدُ الصَّالِحِينَ الَّذِينَ لَوْ احْتَاجَتْ إلَيْهِمْ فِي حَيَاتِهَا لَجَازَ لَهُمْ أَنْ يَنْظُرُوا إلَيْهَا وَيَشْهَدُوا عَلَيْهَا