وَلَا يَنْفُذُ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْوَصَايَا وَصِيَّةٌ لِأَنَّهُ أَعْطَاهُ إيَّاهُ فِي حَالٍ فَلَا يَكُونُ لَهُ فِي غَيْرِهَا فَعَلَى هَذَا، هَذَا الْبَابِ كُلِّهِ وَقِيَاسِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيُدَبِّرُهُ أَحَدُهُمَا فَنَصِيبُهُ مُدَبَّرٌ وَلَا قِيمَةَ عَلَيْهِ لِشَرِيكِهِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَوْصَى لِعَبْدِهِ فِي نَفْسِهِ بِوَصِيَّةٍ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهَا، فَلَمَّا لَمْ يُوقِعْ الْعِتْقَ بِكُلِّ حَالٍ لَمْ يَكُنْ ضَامِنًا لِشَرِيكِهِ وَلَوْ مَاتَ فَعَتَقَ نِصْفُهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قِيمَةٌ؛ لِأَنَّهُ وَصِيَّةٌ وَلَوْ أَوْصَى بِعِتْقِ نِصْفِهِ ثُمَّ يُقَوَّمُ عَلَيْهِ النِّصْفُ الْآخَرُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ إلَّا مَا أَخَذَ مِنْ ثُلُثِهِ وَهُوَ لَمْ يَأْخُذْ مِنْ ثُلُثِهِ شَيْئًا غَيْرَ مَا وَصَّى بِهِ وَشَرِيكُهُ عَلَى شَرِكَتِهِ مِنْ عَبْدِهِ لَا يَعْتِقُ إنْ مَاتَ شَرِيكُهُ الَّذِي دَبَّرَهُ، أَوْ عَاشَ وَلَوْ قَالَ لِعَبْدِهِ: مَتَى مِتّ وَمَاتَ فُلَانٌ فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِمَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا، وَلَوْ كَانَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَقَالَا مَعًا، أَوْ مُتَفَرِّقَيْنِ: مَتَى مُتْنَا فَأَنْتَ حُرٌّ لَمْ يَعْتِقْ إلَّا بِمَوْتِ الْآخَرِ مِنْهُمَا، أَوْ قَالَا: أَنْتَ حَبْسٌ عَلَى الْآخَرِ مِنَّا حَتَّى يَمُوتَ، ثُمَّ أَنْتَ حُرٌّ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا قَدْ أَوْصَى لِصَاحِبِهِ بِنِصْفِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ، ثُمَّ هُوَ حُرٌّ، فَيَكُونُ وَصِيَّةً فِي الثُّلُثِ جَائِزَةً وَيَعْتِقُ بِمَوْتِ الْآخَر مِنْهُمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
فِي مَالِ السَّيِّدِ الْمُدَبِّرِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - وَإِذَا دَبَّرَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ وَتَرَكَ مَالًا غَائِبًا وَحَاضِرًا لَمْ يَعْتِقْ مِنْ الْمُدَبِّرِ شَيْءٌ إلَّا بِمَا حَضَرَ فِي أَيْدِي الْوَرَثَةِ وَعَتَقَ فِي ثُلُثِ مَا وَصَلَ إلَى الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَعْتِقْ فِي الْغَائِبِ حَتَّى يَحْضُرَ فَيَأْخُذَ الْوَرَثَةُ سَهْمَيْنِ وَيَعْتِقَ مِنْهُ سَهْمٌ، وَإِنْ حَضَرَ فَهَلَكَ قَبْلَ أَخْذِ الْوَرَثَةِ لَهُ كَانَ كَمَا لَمْ يَتْرُكْ وَيَعْتِقْ فِيمَا عَلِمَ لِلسَّيِّدِ مِنْ مَالِهِ دُونَ مَا لَمْ يَعْلَمْ، وَكَانَ لِلْوَرَثَةِ أَخْذُ جَمِيعِ مَا فِي يَدِ الْمُدَبَّرِ مِنْ مَالٍ أَفَادَهُ قَبْلَ مَوْتِ سَيِّدِهِ، فَإِذَا مَاتَ وَأَفَادَ مَالًا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ فَإِنْ خَرَجَ مِنْ الثُّلُثِ سُلِّمَ إلَيْهِ مَالُهُ كُلُّهُ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ الثُّلُثِ سُلِّمَ إلَيْهِ مِنْ مَالِهِ الَّذِي اكْتَسَبَ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهِ بِقَدْرِ مَا يَخْرُجُ مِنْهُ مِنْ الثُّلُثِ وَسَلَّمَ الْبَقِيَّةُ إلَى وَرَثَةِ سَيِّدِهِ وَلَا مَالَ لِمُدَبَّرٍ وَلَا أُمِّ وَلَدٍ وَلَا عَبْدٍ أَمْوَالُ هَؤُلَاءِ لِسَادَاتِهِمْ إذَا أُعْتِقُوا أُخِذَتْ أَمْوَالُهُمْ مِنْ أَيْدِيهمْ لَا تَكُونُ الْأَمْوَالُ إلَّا لِلْأَحْرَارِ وَالْمُكَاتَبِ إذَا عَتَقَ، وَكَانَ أَفَادَ مَالًا فِي كِتَابَتِهِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - إذَا دَبَّرَ النَّصْرَانِيُّ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْدُ النَّصْرَانِيُّ قِيلَ لِلنَّصْرَانِيِّ: إنْ أَرَدْت الرُّجُوعَ فِي التَّدْبِيرِ بِعْنَاهُ عَلَيْك، وَإِنْ لَمْ تُرِدْهُ قِيلَ لِلنَّصْرَانِيِّ: نَحُولُ بَيْنَك وَبَيْنَهُ وَنُخَارِجُهُ وَنَدْفَعُ إلَيْك خَرَاجَهُ حَتَّى تَمُوتَ فَيَعْتِقَ عَلَيْك وَيَكُونَ لَك وَلَاؤُهُ، أَوْ تَرْجِعَ فَنَبِيعَهُ، وَهَكَذَا يُصْنَعُ فِي الْمُكَاتَبِ وَأُمِّ الْوَلَدِ فَمَنْعُهُ عَنْ أُمِّ الْوَلَدِ حَتَّى يَمُوتَ فَتَعْتِقَ وَعَنْ الْمُكَاتَبِ حَتَّى يَعْجَزَ فَنَبِيعَهُ أَوْ يُؤَدِّيَ فَيَعْتِقَ، وَفِي النَّصْرَانِيِّ الْمُدَبَّرِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّهُ يُبَاعُ عَلَيْهِ بِكُلِّ حَالٍ، وَلِلنَّصْرَانِيِّ مِنْ مَالِ مُدَبَّرِهِ وَعَبْدِهِ وَأُمِّ وَلَدِهِ مُسْلِمِينَ مَا لِلْمُسْلِمِ مِنْ أَخْذِهِ. .