يَدْخُلُ عَلَيْك فَتُبَيِّنُ انْكِسَارَهُ وَقُلْت لَهُ أَوْ لِبَعْضِ مَنْ حَضَرَ مَعَهُ فَمَا الْوَجْهُ الثَّالِثُ الَّذِي يَثْبُتُ بِهِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ إذَا رَوَى عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْوَاحِدُ مِنْ أَصْحَابِهِ الْحُكْمَ حُكِمَ بِهِ فَلَمْ يُخَالِفْهُ غَيْرُهُ اسْتَدْلَلْنَا عَلَى أَمْرَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ إنَّمَا حَدَّثَ بِهِ فِي جَمَاعَتِهِمْ وَالثَّانِي أَنَّ تَرْكَهُمْ الرَّدَّ عَلَيْهِ بِخَبَرٍ يُخَالِفُهُ إنَّمَا كَانَ عَنْ مَعْرِفَةٍ مِنْهُمْ بِأَنَّ مَا كَانَ كَمَا يُخْبِرُهُمْ فَكَانَ خَبَرًا عَنْ عَامَّتِهِمْ قُلْت لَهُ فَلَمَّا رَأَيْتُكُمْ تَنْتَقِلُونَ إلَى شَيْءٍ إلَّا احْتَجَجْتُمْ بِأَضْعَفَ مِمَّا تَرَكْتُمْ فَقَالَ أَبِنْ لَنَا مَا قُلْت.
قُلْت لَهُ أَيُمْكِنُ لِرَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُحَدِّثُ بِالْمَدِينَةِ رَجُلًا أَوْ نَفَرًا قَلِيلًا مَا تُثْبِتُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَتَى بَلَدًا مِنْ الْبُلْدَانِ فَحَدَّثَ بِهِ وَاحِدًا أَوْ نَفَرًا أَوْ حَدَّثَ بِهِ فِي سَفَرٍ أَوْ عِنْدَ مَوْتِهِ وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ قَالَ، فَإِنْ قُلْت لَا يُمْكِنُ أَنْ يُحَدِّثَ وَاحِدُهُمْ بِالْحَدِيثِ إلَّا وَهُوَ مَشْهُورٌ عِنْدَهُمْ قُلْت فَقَدْ تَجِدُ الْعَدَدَ مِنْ التَّابِعِينَ يَرْوُونَ الْحَدِيثَ فَلَا يُسَمُّونَ إلَّا وَاحِدًا وَلَوْ كَانَ مَشْهُورًا عِنْدَهُمْ بِأَنَّهُمْ سَمِعُوا مِنْ غَيْرِهِ سَمِعُوا مَنْ سَمِعُوهُ مِنْهُ وَقَدْ نَجِدُهُمْ يَخْتَلِفُونَ فِي الشَّيْءِ قَدْ رُوِيَ فِيهِ الْحَدِيثُ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ قَوْلًا يُوَافِقُ الْحَدِيثَ وَغَيْرُهُ قَوْلًا يُخَالِفُهُ قَالَ فَمِنْ أَيْنَ تَرَى ذَلِكَ؟ قُلْت لَوْ سَمِعَ الَّذِي قَالَ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا قَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى بِخِلَافِهِ وَقُلْت لَهُ قَدْ رَوَى الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ وَلَمْ يُحْفَظْ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلِمْتُهُ خِلَافُهَا فَيَلْزَمُك أَنْ تَقُولَ بِهَا عَلَى أَصْلِ مَذْهَبِك وَتَجْعَلَهَا إجْمَاعًا فَقَالَ بَعْضُهُمْ لَيْسَ مَا قَالَ مِنْ هَذَا مَذْهَبُنَا قُلْت مَا زِلْت أَرَى ذَلِكَ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِمَّا كَلَّمْتُمُونَا بِهِ وَاَللَّهُ الْمُسْتَعَانُ قَالَ فَالْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ إجْمَاعٌ بِالْمَدِينَةِ فَقُلْت لَا هِيَ مُخْتَلَفٌ فِيهَا غَيْرَ أَنَّا نَعْمَلُ بِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ إذَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ الطَّرِيقِ الَّذِي يَثْبُتُ مِنْهَا قَالَ وَقُلْت لَهُ مَنْ الَّذِينَ إذَا اتَّفَقَتْ أَقَاوِيلُهُمْ فِي الْخَبَرِ صَحَّ وَإِذَا اخْتَلَفُوا طَرَحْتُ لِاخْتِلَافِهِمْ الْحَدِيثَ؟ قَالَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَبَرُ الْخَاصَّةِ قَالَ لَا قُلْت فَهَلْ يُسْتَدْرَكُ عَنْهُمْ الْعِلْمُ بِإِجْمَاعٍ أَوْ اخْتِلَافٍ بِخَبَرِ عَامَّةٍ؟ قَالَ مَا لَمْ أَسْتَدْرِكْهُ بِخَبَرِ الْعَامَّةِ نَظَرْت إلَى إجْمَاعِ أَهْلِ الْعِلْمِ الْيَوْمَ فَإِذَا وَجَدْتهمْ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ اسْتَدْلَلْت عَلَى أَنَّ اخْتِلَافَهُمْ عَنْ اخْتِلَافِ مَنْ مَضَى قَبْلَهُمْ قُلْت لَهُ أَفَرَأَيْت اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ إجْمَاعَهُمْ خَبَرُ جَمَاعَتِهِمْ؟ قَالَ فَنَقُولُ مَاذَا؟ قُلْت أَقُولُ لَا يَكُونُ لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ حَتَّى يَعْلَمَ إجْمَاعَهُمْ فِي الْبُلْدَانِ وَلَا يُقْبَلُ عَلَى أَقَاوِيلِ مَنْ نَأَتْ دَارُهُ مِنْهُمْ وَلَا قَرُبَتْ إلَّا بِخَبَرِ الْجَمَاعَةِ عَنْ الْجَمَاعَةِ قَالَ، فَإِنْ قُلْته؟ قُلْت فَقُلْهُ إنْ شِئْت قَالَ قَدْ يَضِيقُ هَذَا جِدًّا فَقُلْت لَهُ وَهُوَ مَعَ ضِيقِهِ غَيْرُ مَوْجُودٍ وَيَدْخُلُ عَلَيْك خِلَافُهُ فِي الْقِيَاسِ إذَا زَعَمْت لِلْوَاحِدِ أَنْ يَقِيسَ فَقَدْ أَجَزْت الْقِيَاسَ وَالْقِيَاسُ قَدْ يُمْكِنُ فِيهِ الْخَطَأُ وَامْتَنَعْت مِنْ قَبُولِ السُّنَّةِ إذَا كَانَ يُمْكِنُ فِيمَنْ رَوَاهَا الْخَطَأُ فَأَجَزْت الْأَضْعَفَ وَرَدَدْت الْأَقْوَى وَقُلْت لِبَعْضٍ أَرَأَيْت قَوْلَك إجْمَاعُهُمْ يَدُلُّ لَوْ قَالُوا لَك مِمَّا قُلْنَا بِهِ مُجْتَمِعِينَ وَمُتَفَرِّقِينَ مَا قَبِلْنَا الْخَبَرَ فِيهِ وَاَلَّذِي ثَبَتَ مِثْلُهُ عِنْدَنَا عَمَّنْ قَبْلَنَا وَنَحْنُ مُجْمِعُونَ عَلَى أَنَّ جَائِزًا لَنَا فِيمَا لَيْسَ فِيهِ نَصٌّ وَلَا سُنَّةٌ أَنْ نَقُولَ فِيهِ بِالْقِيَاسِ وَإِنْ اخْتَلَفْنَا أَفَتُبْطِلُ أَخْبَارَ الَّذِينَ زَعَمْت أَنَّ أَخْبَارَهُمْ وَمَا اجْتَمَعَتْ عَلَيْهِ أَفْعَالُهُمْ حُجَّةٌ فِي شَيْءٍ وَتَقْبَلُهُ فِي غَيْرِهِ؟ أَرَأَيْت لَوْ قَالَ لَك قَائِلٌ أَنَا أَتْبَعُهُمْ فِي تَثْبِيتِ أَخْبَارِ الصَّادِقِينَ وَإِنْ كَانَتْ مُنْفَرِدَةً وَأَقْبَلُ عَنْهُمْ الْقَوْلَ بِالْقِيَاسِ فِيمَا لَا خَبَرَ فِيهِ فَأُوَسِّعُ أَنْ يَخْتَلِفُوا فَأَكُونُ قَدْ تَبِعْتُهُمْ فِي كُلِّ حَالٍ أَكَانَ أَقْوَى حُجَّةً وَأَوْلَى بِاتِّبَاعِهِمْ وَأَحْسَنَ ثَنَاءً عَلَيْهِمْ أَمْ أَنْتَ؟ قَالَ بِهَذَا نَقُولُ قُلْت نَعَمْ وَقُلْت أَرَأَيْت قَوْلَك إجْمَاعُ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -