وَإِذْنُهَا صُمَاتُهَا» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ ابْنَ الْمُسَيِّبِ كَانَ يَقُولُ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: لَا تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ إلَّا بِإِذْنِ وَلِيِّهَا أَوْ ذِي الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا أَوْ السُّلْطَانِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَثَبَتُّمْ هَذَا وَقُلْتُمْ: لَا يَجُوزُ نِكَاحٌ إلَّا بِوَلِيٍّ وَنَحْنُ نَقُولُ فِيهِ بِأَحَادِيثَ مِنْ أَحَادِيثِ النَّاسِ أَثْبَتَ مِنْ أَحَادِيثِهِ وَأَبْيَنَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا مُسْلِمُ بْنُ خَالِدٍ وَعَبْدُ الْمَجِيدِ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ مُوسَى عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ نُكِحَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ» ثَلَاثًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ وَسَعِيدٌ عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: جَمَعَ الطَّرِيقُ رَكْبًا فِيهِمْ امْرَأَةٌ ثَيِّبٌ فَجَعَلَتْ أَمْرَهَا بِيَدِ رَجُلٍ فَزَوَّجَهَا رَجُلًا فَجَلَدَ عُمَرُ النَّاكِحَ وَالْمُنْكِحَ وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا مُسْلِمٌ عَنْ ابْنِ خُثَيْمٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: لَا نِكَاحَ إلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَهَذَا قَوْلُ الْعَامَّةِ بِالْمَدِينَةِ وَمَكَّةَ. قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: نَحْنُ نَقُولُ فِي الدَّنِيَّةِ لَا بَأْسَ بِأَنْ تُنْكَحَ بِغَيْرِ وَلِيٍّ، وَنَفْسَخُهُ فِي الشَّرِيفَةِ فَقَالَ: الشَّافِعِيُّ عُدْتُمْ لِمَا سَدَدْتُمْ مِنْ أَمْرِ الْأَوْلِيَاءِ فَنَقَضْتُمُوهُ قُلْتُمْ لَا بَأْسَ أَنْ تُنْكَحُ الدَّنِيَّةُ بِغَيْرِ وَلِيٍّ فَأَمَّا الشَّرِيفَةُ فَلَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : السُّنَّةُ وَالْآثَارُ عَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ فَمَنْ أَمَرَكُمْ أَنْ تَخُصُّوا الشَّرِيفَةَ بِالْحِيَاطَةِ لَهَا وَاتِّبَاعِ الْحَدِيثِ فِيهَا، وَتُخَالِفُونَ الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَعَمَّنْ بَعْدَهُ فِي الدَّنِيَّةِ؟ أَرَأَيْتُمْ لَوْ قَالَ لَكُمْ قَائِلٌ: بَلْ لَا أُجِيزُ نِكَاحَ الدَّنِيَّةِ إلَّا بِوَلِيٍّ لِأَنَّهَا أَقْرَبُ مِنْ أَنْ تُدَلِّسَ بِالنِّكَاحِ وَتَصِيرَ إلَى الْمَكْرُوهِ مِنْ الشَّرِيفَةِ الَّتِي تَسْتَحْيِي عَلَى شَرَفِهَا وَتَخَافُ مَنْ يَمْنَعُهَا أَمَا كَانَ أَقْرَبَ إلَى أَنْ يَكُونَ أَصَابَ مِنْكُمْ؟ فَإِنَّ الْخَطَأَ فِي هَذَا الْقَوْلِ لَأَبْيَنُ مِنْ أَنْ يُحْتَاجُ إلَى تَبَيُّنِهِ بِأَكْثَرَ مِنْ حِكَايَتِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : النِّسَاءُ مُحَرَّمَاتُ الْفُرُوجِ إلَّا بِمَا أُبِيحَتْ بِهِ الْفُرُوجُ مِنْ النِّكَاحِ بِالْأَوْلِيَاءِ وَالشُّهُودِ وَالرِّضَا وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا يَحْرُمُ مِنْهُنَّ وَعَلَيْهِنَّ فِي شَرِيفَةٍ وَلَا وَضِيعَةٍ، وَحَقُّ اللَّهِ عَلَيْهِنَّ، وَفِيهِنَّ كُلِّهِنَّ وَاحِدٌ لَا يَحِلُّ لِوَاحِدٍ مِنْهُنَّ وَلَا يَحْرُمُ مِنْهَا إلَّا بِمَا حُلَّ لِلْأُخْرَى وَحُرِّمَ مِنْهَا.
ِ سَأَلْت الشَّافِعِيَّ عَنْ أَقَلِّ مَا يَجُوزُ مِنْ الصَّدَاقِ فَقَالَ: الصَّدَاقُ ثَمَنٌ مِنْ الْأَثْمَانِ فَمَا تَرَاضَى بِهِ الْأَهْلُونَ فِي الصَّدَاقِ مِمَّا لَهُ قِيمَةٌ فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا مَا تَرَاضَى بِهِ الْمُتَبَايِعَانِ مِمَّا لَهُ قِيمَةٌ جَازَ قُلْت: وَمَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قَالَ: السُّنَّةُ الثَّابِتَةُ وَالْقِيَاسُ وَالْمَعْقُولُ وَالْآثَارُ فَأَمَّا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ فَأَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُزَوِّجَهُ امْرَأَةً فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الْتَمِسْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ فَقَالَ لَا أَجِدُ فَزَوَّجَهُ إيَّاهَا بِمَا مَعَهُ مِنْ الْقُرْآنِ» قُلْت لِلشَّافِعِيِّ: فَإِنَّا نَقُولُ لَا يَكُونُ صَدَاقٌ أَقَلَّ مِنْ رُبْعِ دِينَارٍ وَنَحْتَجُّ فِيهِ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ {وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ} [البقرة: 237] وَقَالَ {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً} [النساء: 4] فَأَيَّ شَيْءٍ يُعْطِيهَا لَوْ أَصْدَقَهَا دِرْهَمًا؟ قُلْنَا: نِصْفَ دِرْهَمٍ وَكَذَلِكَ لَوْ أَصْدَقَهَا أَقَلَّ مِنْ دِرْهَمٍ كَانَ لَهَا نِصْفُهُ قُلْت: فَهَذَا قَلِيلٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : هَذَا شَيْءٌ خَالَفْتُمْ بِهِ السُّنَّةَ وَالْعَمَلَ وَالْآثَارَ بِالْمَدِينَةِ، وَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ قَبْلَكُمْ بِالْمَدِينَةِ عَلِمْنَاهُ وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَقُولُ: ثَلَاثُ قَبَضَاتِ زَبِيبٍ مَهْرٌ وَسَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: لَوْ أَصْدَقَهَا سَوْطًا فَمَا فَوْقَهُ جَازَ وَرَبِيعَةُ بْنُ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ يُجِيزُ النِّكَاحَ عَلَى نِصْفِ دِرْهَمٍ وَأَقَلَّ وَإِنَّمَا تَعَلَّمْتُمْ هَذَا فِيمَا نَرَى مِنْ أَبِي حَنِيفَةَ ثُمَّ أَخْطَأْتُمْ قَوْلُهُ لِأَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ: لَا يَكُونُ الصَّدَاقُ أَقَلَّ مِمَّا نَقْطَعُ فِيهِ الْيَدَ، وَذَلِكَ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ فَقِيلَ لِبَعْضِ مَنْ يَذْهَبُ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ: أَوْ خَالَفْتُمْ مَا رَوَيْنَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ بَعْدَهُ