الام للشافعي (صفحة 1964)

حَاجًّا وَغَازِيًا وَعُثْمَانُ غَازِيًا وَحَاجًّا وَلَمْ يَثْبُتْ أَنَّ أَحَدًا مِنْهُمْ جَمَعَ فِي سَفَرٍ بَلْ يَكْتَفِي بِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَلَا يُوهِنُهُ إنْ لَمْ يَحْفَظْ أَنَّهُ عَمِلَ بِهِ بَعْدَهُ وَلَا يَزِيدُهُ قُوَّةً أَنْ يَكُونَ عَمِلَ بِهِ بَعْدَهُ، وَلَوْ خُولِفَ بَعْدَ مَا أَوْهَنَهُ وَكَانَتْ الْحُجَّةُ فِيمَا رُوِيَ عَنْهُ دُونَ مَا خَالَفَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ دَاوُد بْنِ الْحُصَيْنِ عَنْ أَبِي سُفْيَانَ مَوْلَى ابْنِ أَبِي أَحْمَدَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَاةَ الْعَصْرِ فَسَلَّمَ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: قَصَرْت الصَّلَاةَ أَمْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَقَالُوا: نَعَمْ فَأَتَمَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا بَقِيَ مِنْ الصَّلَاةِ ثُمَّ سَجَدَ سَجْدَتَيْنِ وَهُوَ جَالِسٌ» فَقُلْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ بِهَذَا وَخَالَفَنَا غَيْرُنَا فَقَالَ: الْكَلَامُ فِي الصَّلَاةِ عَامِدًا يَقْطَعُهَا وَكَذَلِكَ يَقْطَعُهَا الْكَلَامُ وَإِنْ ظَنَّ الْمُصَلِّي أَنَّهُ قَدْ أَكْمَلَ ثُمَّ تَكَلَّمَ وَرُوِيَ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا شَاءَ، وَإِنَّ مِمَّا أَحْدَثَ اللَّهُ أَنْ لَا تَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ» فَقُلْنَا: هَذَا لَا يُخَالِفُ حَدِيثَنَا نَهَى عَنْ الْكَلَامِ عَامِدًا فَأَمَّا الْكَلَامُ سَاهِيًا فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ وَحَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ بِالْمَدِينَةِ بَعْدَ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ بِزَمَانٍ فَلَمْ نُوهِنْ نَحْنُ وَأَنْتُمْ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنْ لَمْ يُرْوَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا عَلِيٍّ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مِثْلَ هَذَا وَلَا قَالُوا مَنْ فَعَلَ مِثْلَ هَذَا جَازَ لَهُ وَاكْتَفَيْنَا بِالْخَبَرِ لِمَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ نَحْتَجَّ فِيهِ إلَى أَنْ يَعْمَلَ بِهِ بَعْدَهُ غَيْرُهُ.

(قَالَ: الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْأَعْرَجِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُحَيْنَةَ قَالَ: «صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَكْعَتَيْنِ ثُمَّ قَامَ فَلَمْ يَجْلِسْ وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ فَلَمَّا قَضَى صَلَاتَهُ وَنَظَرْنَا تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ، وَهُوَ جَالِسٌ قَبْلَ التَّسْلِيمِ» فَأَخَذْنَا نَحْنُ وَأَنْتُمْ بِهَذَا، وَقُلْنَا وَقُلْتُمْ يَسْجُدُ لِلسَّهْوِ فِي النَّقْصِ مِنْ الصَّلَاةِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ، وَقَالَ: تَسْجُدَانِ بَعْدَ التَّسْلِيمِ وَاحْتَجَّ بِرِوَايَتِنَا فَقَالَ مَنْ احْتَجَّ عَنْ مَالِكٍ سَجَدَهُمَا النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الزِّيَادَةِ بَعْدَ السَّلَامِ فَسَجَدْتُهُمَا كَذَلِكَ وَسَجَدَهُمَا فِي النَّقْصِ قَبْلَ السَّلَامِ فَسَجَدْتُهُمَا كَذَلِكَ وَلَمْ نُوهِنْ هَذَا بِأَنْ لَمْ يُرْوَ عَنْ أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ فِيهِ شَيْءٌ يُخَالِفُهُ وَلَا يُوَافِقُهُ وَاكْتَفَيْنَا بِحَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا مَالِكٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَمَّنْ صَلَّى مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ ذَاتِ الرِّقَاعِ «صَلَاةَ الْخَوْفِ أَنَّ طَائِفَةً صَفَّتْ مَعَهُ، وَطَائِفَةٌ وِجَاهَ الْعَدُوِّ فَصَلَّى بِاَلَّذِينَ مَعَهُ رَكْعَةً ثُمَّ ثَبَتَ قَائِمًا فَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ انْصَرَفُوا فَصَفُّوا وِجَاهَ الْعَدُوِّ وَجَاءَتْ الطَّائِفَةُ الْأُخْرَى فَصَلَّى بِهِمْ الرَّكْعَةَ الَّتِي بَقِيَتْ مِنْ صَلَاتِهِ ثُمَّ ثَبَتَ جَالِسًا وَأَتَمُّوا لِأَنْفُسِهِمْ ثُمَّ سَلَّمَ بِهِمْ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : أَخْبَرَنَا بَعْضُ أَصْحَابِنَا عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ أَخِيهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ صَالِحِ بْنِ خَوَّاتٍ عَنْ خَوَّاتِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ النَّبِيّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلَ مَعْنَاهُ فَأَخَذْنَا نَحْنُ وَهُوَ بِهَذَا حَتَّى حُكِيَ لَنَا عَنْهُ غَيْرُ مَا عَرَضْنَا عَلَيْهِ وَخَالَفَنَا بَعْضُ النَّاسِ فَقَالَ فِيهِ بِخِلَافِ قَوْلِنَا فَقَالَ: لَا تُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ الْيَوْمَ فَكَانَتْ حُجَّتُنَا عَلَيْهِ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَانَ مِنْ حُجَّتِهِ أَنْ قَالَ: قَدْ اخْتَلَفَتْ الْأَحَادِيثُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ نَعْلَمْ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَلَا عُمَرَ وَلَا عُثْمَانَ وَلَا ثَبَتَ عَنْ عَلِيٍّ أَنَّ وَاحِدًا مِنْهُمْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَوْفِ وَلَا أَمَرُوا بِهَا، وَالصَّلَاةُ خَلْفَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْفَضْلِ لَيْسَتْ كَهِيَ خَلْفَ غَيْرِهِ، وَبِأَنْ لَمْ يُرْوَ عَنْ خُلَفَائِهِ حَدِيثٌ يَثْبُتُ بِصَلَاتِهَا، وَلَمْ يَزَالُوا مُحَارَبِينَ وَمُحَارِبًا فِي زَمَانِهِمْ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَاصَّةً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015