حُجَّةَ لَك فِي شَيْءٍ مِنْهَا إلَّا تَقْلِيدَهُ فَكَيْفَ خَالَفْتَهُ وَمَعَهُ الْقُرْآنُ وَالْقِيَاسُ وَالْمَعْقُولُ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ وَقَدْ قَضَى عُمَرُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْأَرْنَبِ بِعَنَاقٍ وَفِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ وَقَضَى فِي الضَّبِّ بِجَدْيٍ قَدْ جَمَعَ الْمَاءَ وَالشَّجَرَ وَقَضَى ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي الْيَرْبُوعِ بِجَفْرَةٍ أَوْ جَفْرٍ وَقَضَى عُثْمَانُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فِي أُمِّ حَبِينٍ بِحِلَّانِ مِنْ الْغَنَمِ يَعْنِي حَمَلًا.
وَذُكِرَ عَنْ خُصَيْفٍ الْجَزَرِيِّ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ فِي بَيْضِ النَّعَامَةِ يُصِيبُهُ الْمُحْرِمُ ثَمَنُهُ وَأَخْبَرَنَا دَاوُد بْنُ أَبِي هِنْدَ عَنْ عَامِرٍ مِثْلَهُ وَسَمِعْت ابْنَ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي الْبَيْضَةِ دِرْهَمٌ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ -: قِيمَتُهَا (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا أَصَابَ الْمُحْرِمُ بَيْضَ نَعَامٍ أَوْ بَيْضَ حَمَامٍ أَوْ بَيْضًا مِنْ الصَّيْدِ فَفِيهِ قِيمَتُهُ قِيَاسًا عَلَى الْجَرَادَةِ وَعَلَى مَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مِثْلٌ مِنْ النَّعَمِ.
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا وَلِلْمَقْتُولِ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - كَانَ يَقُولُ: لِلْكِبَارِ أَنْ يَقْتُلُوا صَاحِبَهُمْ إنْ شَاءُوا وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا حَتَّى يَكْبُرَ الْأَصَاغِرُ وَبِهِ يَأْخُذُ حَدَّثَنَا أَبُو يُوسُفَ عَنْ رَجُلٍ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ أَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَتَلَ ابْنَ مُلْجَمٍ بِعَلِيٍّ وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَكَانَ لِعَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَوْلَادٌ صِغَارٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا قَتَلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ عَمْدًا وَلَهُ وَرَثَةٌ صِغَارٌ وَكِبَارٌ أَوْ كِبَارٌ غُيَّبٌ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ أَنْ يَقْتُلَ حَتَّى تَبْلُغَ الصِّغَارُ وَتَحْضُرَ الْغُيَّبُ وَيَجْتَمِعُ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي مِيرَاثِهِ مِنْ زَوْجَةٍ أَوْ أُمٍّ أَوْ جَدَّةٍ عَلَى الْقَتْلِ فَإِذَا اجْتَمَعُوا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا فَإِذَا لَمْ يَجْتَمِعُوا لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يَقْتُلُوا وَإِذَا كَانَ هَذَا هَكَذَا فَلِأَيِّهِمْ شَاءَ مِنْ الْبَالِغِينَ الْحُضُورَ أَنْ يَأْخُذَ حِصَّتَهُ مِنْ الدِّيَةِ مِنْ مَالِ الْجَانِي بِقَدْرِ مِيرَاثِهِ مِنْ الْمَقْتُولِ وَإِذَا فَعَلَ كَانَ لِأَوْلِيَاءِ الْغُيَّبِ وَعَلَى أَوْلِيَاءِ الصِّغَارِ أَنْ يَأْخُذُوا لَهُمْ حِصَصَهُمْ مِنْ الدِّيَةِ لِأَنَّ الْقَتْلَ قَدْ حَالَ وَصَارَ مَالًا فَلَا يَكُونُ لِوَلِيِّ الصَّغِيرِ أَنْ يَدَعَهُ وَقَدْ أَمْكَنَهُ أَخْذُهُ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ ذَهَبْت إلَى هَذَا دُونَ غَيْرِهِ مِنْ الْأَقَاوِيلِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ: أَيُّ وُلَاةِ الدَّمِ قَامَ بِهِ قَتَلَ وَإِنْ عَفَا الْآخَرُونَ فَأَنْزَلَهُ بِمَنْزِلَةِ الْحَدِّ وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ: يَقْتُلُ الْبَالِغُونَ وَلَا يَنْتَظِرُونَ الصِّغَارَ وَقَالَ غَيْرُهُ: يَقْتُلُ الْوَلَدُ وَلَا يَنْتَظِرُونَ الزَّوْجَةَ؟ قِيلَ: ذَهَبْنَا إلَيْهِ أَنَّهُ السُّنَّةُ الَّتِي لَا يَنْبَغِي أَنْ تُخَالَفَ أَوْ فِي مِثْلِ مَعْنَى السُّنَّةِ وَالْقِيَاسِ عَلَى الْإِجْمَاعِ.
فَإِنْ قَالَ: فَأَيْنَ السُّنَّةُ فِيهِ؟ قِيلَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَأَهْلُهُ بَيْنَ خِيرَتَيْنِ إنْ أَحَبُّوا أَخَذُوا الْقِصَاصَ وَإِنْ أَحَبُّوا فَالدِّيَةُ» فَلَمَّا كَانَ مِنْ حُكْمِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّ لِوُلَاةِ الدَّمِ أَنْ يَقْتُلُوا وَلَهُمْ أَنْ يَأْخُذُوا الْمَالَ وَكَانَ إجْمَاعُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الدِّيَةَ مَوْرُوثَةٌ لَمْ يَحِلَّ لِوَارِثٍ أَنْ يَمْنَعَ الْمِيرَاثَ مَنْ وَرِثَ مَعَهُ حَتَّى يَكُونَ الْوَارِثُ يَمْنَعُ نَفْسَهُ مِنْ الْمِيرَاثِ وَهَذَا مَعْنَى الْقُرْآنِ فِي قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 178] وَهَذَا مَكْتُوبٌ فِي كِتَابِ الدِّيَاتِ وَوَجَدْنَا مَا خَالَفَهُ مِنْ الْأَقَاوِيلِ لَا حُجَّةَ فِيهِ لِمَا وَصَفْت مِنْ السُّنَّةِ بِخِلَافِهِمْ وَوَجَدَتْ مَعَ ذَلِكَ قَوْلُهُمْ مُتَنَاقِضًا إذْ زَعَمُوا أَنَّهُمْ امْتَنَعُوا مِنْ أَنْ يَأْخُذُوا الدِّيَةَ مِنْ الْقَاتِلِ لِأَنَّهُ إنَّمَا عَلَيْهِ دَمٌ لَا مَالٌ فَلَوْ زَعَمُوا أَنَّ وَاحِدًا مِنْ الْوَرَثَةِ لَوْ عَفَا حَالَ الدَّمُ مَالًا مَا لَزِمُوا قَوْلَهُمْ وَلَقَدْ نَقَضُوهُ فَأَمَّا الَّذِينَ قَالُوا هُوَ كَالْحَدِّ يَقُومُ بِهِ أَيُّ الْوَرَثَةِ شَاءَ وَإِنْ عَفَا غَيْرُهُ فَقَدْ خَالَفُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحَدِّ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ لِلْوَرَثَةِ الْعَفْوَ عَنْ الْقَتْلِ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُ لَا عَفْوَ لَهُمْ عَنْ الْحَدِّ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَوْ اصْطَلَحُوا فِي الْقَتْلِ عَلَى الدِّيَةِ جَازَ ذَلِكَ وَيَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ لَوْ