ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا أَتَى الرَّجُلُ إلَى الْإِمَامِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَقَدْ سَبَقَهُ بِرَكْعَةٍ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ عِنْدَ فَرَاغِهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ: يَقُومُ الرَّجُلُ فَيَقْضِي وَلَا يُكَبِّرُ مَعَهُ لِأَنَّ التَّكْبِيرَ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ بَعْدَهَا وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: يُكَبِّرُ ثُمَّ يَقُومُ فَيَقْضِي.
(قَالَ) : وَإِذَا صَلَّى الرَّجُلُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ وَحْدَهُ أَوْ الْمَرْأَةُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - كَانَ يَقُولُ: لَا تَكْبِيرَ عَلَيْهِ وَلَا تَكْبِيرَ عَلَى مَنْ صَلَّى فِي جَمَاعَةٍ فِي غَيْرِ مِصْرٍ جَامِعٍ وَلَا تَكْبِيرَ عَلَى الْمُسَافِرِينَ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ عَلَيْهِمْ التَّكْبِيرُ أَبُو يُوسُفَ عَنْ عُبَيْدَةَ عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ قَالَ: التَّكْبِيرُ عَلَى الْمُسَافِرِينَ وَعَلَى الْمُقِيمِينَ وَعَلَى الَّذِي يُصَلِّي وَحْدَهُ وَفِي جَمَاعَةٍ وَعَلَى الْمَرْأَةِ وَبِهِ يَأْخُذُ مُجَالِدٌ عَنْ عَامِرٍ مِثْلُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا سَبَقَ الرَّجُلُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ فَسَلَّمَ الْإِمَامُ وَكَبَّرَ لَمْ يُكَبِّرْ الْمَسْبُوقُ بِشَيْءٍ مِنْ الصَّلَاةِ وَقَضَى الَّذِي عَلَيْهِ فَإِذَا سَلَّمَ كَبَّرَ وَذَلِكَ أَنَّ التَّكْبِيرَ أَيَّامَ التَّشْرِيقِ لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ إنَّمَا هُوَ ذِكْرٌ بَعْدَهَا وَإِنَّمَا يَتَّبِعُ الْإِمَامَ فِيمَا كَانَ مِنْ الصَّلَاةِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ الصَّلَاةِ وَيُكَبِّرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ الْمَرْأَةُ وَالْعَبْدُ وَالْمُسَافِرُ وَالْمُصَلِّي مُنْفَرِدًا وَغَيْرَ مُنْفَرِدٍ وَالرَّجُلُ قَائِمًا وَقَاعِدًا وَمُضْطَجِعًا وَعَلَى كُلِّ حَالٍ.
وَإِذَا أَدْرَكَ الْإِمَامَ وَهُوَ رَاكِعٌ فَكَبَّرَ مَعَهُ ثُمَّ لَمْ يَرْكَعْ حَتَّى رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - كَانَ يَقُولُ يَسْجُدُ مَعَهُ وَلَا يَعْتَدُّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ أَخْبَرَنَا بِذَلِكَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ الْحَكَمِ عَنْ إبْرَاهِيمَ وَبِهِ يَأْخُذُ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى يَقُولُ: يَرْكَعُ وَيَسْجُدُ وَيَحْتَسِبُ بِذَلِكَ مِنْ صَلَاتِهِ. وَكَانَ أَبُو حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَنْهَى عَنْ الْقُنُوتِ فِي الْفَجْرِ وَبِهِ يَأْخُذُ وَيُحَدِّثُ بِهِ عَنْ «رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ لَمْ يَقْنُتْ إلَّا شَهْرًا وَاحِدًا حَارَبَ حَيًّا مِنْ الْمُشْرِكِينَ فَقَنَتَ يَدْعُو عَلَيْهِمْ» وَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَقْنُتْ حَتَّى لَحِقَ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّ ابْنَ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَقْنُتْ فِي سَفَرٍ وَلَا فِي حَضَرٍ وَأَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ لَمْ يَقْنُتْ وَأَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمْ يَقْنُتْ وَأَنَّ عَبْدَ اللَّهَ بْنَ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - لَمْ يَقْنُتْ وَقَالَ: يَا أَهْلَ الْعِرَاقِ أُنْبِئْت أَنَّ إمَامَكُمْ يَقُومُ لَا قَارِئَ قُرْآنٍ وَلَا رَاكِعَ يَعْنِي بِذَلِكَ الْقُنُوتَ وَأَنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَنَتَ فِي حَرْبٍ يَدْعُو عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَخَذَ أَهْلُ الْكُوفَةِ عَنْهُ ذَلِكَ وَقَنَتَ مُعَاوِيَةُ بِالشَّامِ يَدْعُو عَلَى عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - فَأَخَذَ أَهْلُ الشَّامِ عَنْهُ ذَلِكَ وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - يَرَى الْقُنُوتَ فِي الرَّكْعَةِ الْأَخِيرَةِ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ وَقَبْلَ الرُّكُوعِ فِي الْفَجْرِ وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَنَتَ بِهَاتَيْنِ السُّورَتَيْنِ " اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَفْجُرُك اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخْشَى عَذَابَك إنَّ عَذَابَك بِالْكُفَّارِ مُلْحِقٌ " وَكَانَ يُحَدِّثُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - بِهَذَا الْحَدِيثِ وَيُحَدِّثُ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ قَنَتَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَمَنْ أَدْرَكَ الْإِمَامَ رَاكِعًا فَكَبَّرَ وَلَمْ يَرْكَعْ حَتَّى يَرْفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ سَجَدَ مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَعْتَدَّ بِذَلِكَ السُّجُودِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْ رُكُوعَهُ وَلَوْ رَكَعَ بَعْدَ رَفْعِ الْإِمَامِ رَأْسَهُ لَمْ يَعْتَدَّ بِتِلْكَ الرَّكْعَةِ لِأَنَّهُ لَمْ يُدْرِكْهَا مَعَ الْإِمَامِ وَلَمْ يَقْرَأْ لَهَا فَيَكُونُ صَلَّى لِنَفْسِهِ فَقَرَأَ وَلَا صَلَّى مَعَ الْإِمَامِ فِيمَا أَدْرَكَ مَعَ الْإِمَامِ وَيَقْنُتُ فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ بَعْدَ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ «قَنَتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَمْ يَتْرُكْ» عَلِمْنَاهُ الْقُنُوتَ فِي الصُّبْحِ قَطُّ وَإِنَّمَا «قَنَتَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ جَاءَهُ قَتْلُ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ خَمْسَ عَشَرَ لَيْلَةً يَدْعُو عَلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا ثُمَّ تَرَكَ الْقُنُوتَ فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا» فَأَمَّا فِي صَلَاةِ الصُّبْحِ فَلَا أَعْلَمُ أَنَّهُ تَرَكَهُ بَلْ نَعْلَمُ أَنَّهُ قَنَتَ فِي الصُّبْحِ قَبْلَ قَتْلِ أَهْلِ بِئْرِ مَعُونَةَ وَبَعْدُ وَقَدْ قَنَتَ بَعْدَ رَسُولِ