فَالْمُوَارَثَةُ بِأَحْكَامِ الْإِسْلَامِ ثَابِتَةٌ عَلَيْهَا وَإِنْ زَنَتْ وَيَدُلُّ إذَا لَمْ تُقْطَعْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ زَوْجِهَا بِالزِّنَا لَا بَأْسَ أَنْ يَنْكِحَ امْرَأَةً، وَإِنْ زَنَتْ أَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ يُحَرِّمُ نِكَاحَهَا قُطِعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَ الْمَرْأَةِ تَزْنِي عِنْدَ زَوْجِهَا وَبَيْنَهُ وَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِنْ النِّسَاءِ بِأَنْ يُحْبَسْنَ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا مَنْسُوخٌ بِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] فِي كِتَابِ اللَّهِ، ثُمَّ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ فَأَيْنَ مَا وَصَفْت مِنْ ذَلِكَ؟ قِيلَ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى أَرَأَيْت إذَا أَمَرَ اللَّهُ فِي اللَّاتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ أَنْ يُحْبَسْنَ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ، أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا أَلَيْسَ بَيِّنًا أَنَّ هَذَا أَوَّلُ مَا أُمِرَ بِهِ فِي الزَّانِيَةِ؟ فَإِنْ قَالَ هَذَا، وَإِنْ كَانَ هَكَذَا عِنْدِي فَقَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عِنْدِي حَدُّ الزِّنَا فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ هَذَا، ثُمَّ خُفِّفَ وَجُعِلَ هَذَا مَكَانَهُ إلَّا أَنْ يَدُلَّ عَلَيْهِ غَيْرُ هَذَا قِيلَ لَهُ: إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ يُونُسَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: 15] قَالَ كَانُوا يُمْسِكُوهُنَّ حَتَّى نَزَلَتْ آيَةُ الْحُدُودِ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَنَفْيُ سَنَةٍ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ» .
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : فَلَا أَدْرِي أَسَقَطَ مِنْ كِتَابِي حِطَّانُ الرَّقَاشِيُّ أَمْ لَا؟ فَإِنَّ الْحَسَنَ حَدَّثَهُ عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، وَقَدْ حَدَّثَنِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَنْ الثِّقَةِ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ حِطَّانَ الرَّقَاشِيِّ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِثْلُهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَهَذَا حَدِيثٌ يَقْطَعُ الشَّكَّ وَيُبَيِّنُ أَنَّ حَدَّ الزَّانِيَيْنِ كَانَ الْحَبْسَ، أَوْ الْحَبْسَ، وَالْأَذَى فَكَانَ الْأَذَى بَعْدَ الْحَبْسِ، أَوْ قَبْلَهُ وَأَنَّ أَوَّلَ مَا حَدَّ اللَّهُ بِهِ الزَّانِيَيْنِ مِنْ الْعُقُوبَةِ فِي أَبْدَانِهِمَا بَعْدَ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» ، وَالْجَلْدُ عَلَى الزَّانِيَيْنِ الثَّيِّبَيْنِ مَنْسُوخٌ «بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَجَمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ وَلَمْ يَجْلِدْهُ وَرَجَمَ الْمَرْأَةَ الَّتِي بَعَثَ إلَيْهَا أُنَيْسًا وَلَمْ يَجْلِدْهَا، وَكَانَا ثَيِّبَيْنِ» فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا دَلَّ عَلَى أَنَّ هَذَا مَنْسُوخٌ؟ قِيلَ لَهُ: أَرَأَيْت إذَا كَانَ أَوَّلُ مَا حَدَّ اللَّهُ بِهِ الزَّانِيَيْنِ الْحَبْسَ، أَوْ الْحَبْسَ، وَالْأَذَى، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خُذُوا عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا الْبِكْرُ بِالْبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَالتَّغْرِيبُ وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ الْجَلْدُ وَالرَّجْمُ» أَلَيْسَ فِي هَذَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ أَوَّلَ مَا حَدَّهُمَا اللَّهُ بِهِ مِنْ الْعُقُوبَةِ فِي أَبْدَانِهِمَا الْحَبْسُ، وَالْأَذَى؟ فَإِنْ قَالَ بَلَى قِيلَ فَإِذَا كَانَ هَذَا أَوَّلًا فَلَا نَجِدُ ثَانِيًا أَبَدًا إلَّا بَعْدَ الْأَوَّلِ فَإِذَا حَدٌّ ثَانٍ بَعْدَ الْأَوَّلِ فَخُفِّفَ مِنْ حَدِّ الْأَوَّلِ شَيْءٌ فَذَلِكَ دَلَالَةٌ عَلَى مَا خُفِّفَ الْأَوَّلُ مَنْسُوخٌ عَنْ الزَّانِي.
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : فَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ بِالشَّهَادَةِ وَسَمَّى فِيهَا عَدَدَ الشَّهَادَةِ فَانْتَهَى إلَى شَاهِدَيْنِ فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ كَمَالَ الشَّهَادَةِ عَلَى الطَّلَاقِ وَالرَّجْعَةِ شَاهِدَانِ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَمَالَهَا لَمْ يَجُزْ فِيهَا شَهَادَةٌ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ؛ لِأَنَّ مَا كَانَ دُونَ الْكَمَالِ مِمَّا يُؤْخَذُ بِهِ الْحَقُّ لِبَعْضِ النَّاسِ مِنْ بَعْضٍ فَهُوَ غَيْرُ مَا أَمَرَ بِالْأَخْذِ بِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُؤْخَذَ بِغَيْرِ مَا