الام للشافعي (صفحة 1818)

شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا الْحَاكِمُ، ثُمَّ رَجَعُوا أَغْرَمَهُمْ الْحَاكِمُ صَدَاقَ مِثْلِهَا إنْ كَانَ دَخَلَ بِهَا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَخَلَ بِهَا غَرَّمَهُمْ نِصْفَ صَدَاقِ مِثْلِهَا لِأَنَّهُمْ حَرَّمُوهَا عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ لَهَا قِيمَةٌ إلَّا مَهْرَ مِثْلِهَا وَلَا أَلْتَفِتُ إلَى مَا أَعْطَاهَا قَلَّ، أَوْ كَثُرَ إنَّمَا أَلْتَفِتُ إلَى مَا أَتْلَفُوا عَلَيْهِ فَأَجْعَلُ لَهُ قِيمَتَهُ (قَالَ) : وَإِذَا كَانُوا إنَّمَا شَهِدُوا عَلَى الرَّجُلِ بِمَالٍ يَمْلِكُ، فَأَخْرَجُوهُ مِنْ يَدَيْهِ بِشَهَادَتِهِمْ إلَى غَيْرِهِ عَاقَبْتُهُمْ عَلَى عَمْدِ شَهَادَةِ الزُّورِ وَلَمْ أُعَاقِبْهُمْ عَلَى الْخَطَإِ وَلَمْ أُغْرِمْهُمْ مِنْ قِبَلِ أَنِّي لَوْ قَبِلْت قَوْلَهُمْ الْآخَرَ وَكَانُوا شَهِدُوا عَلَى دَارٍ قَائِمَةٍ أُخْرِجَتْ فَرَدَدْتهَا إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ أَنْ أُغْرِمَهُمْ شَيْئًا قَائِمًا بِعَيْنِهِ قَدْ أَخْرَجْتُهُ مِنْ مِلْكِ مَالِكِهِ.

وَقَدْ قَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ إنَّهُ يُنْقَضُ الْحُكْمُ فِي هَذَا كُلِّهِ فَتُرَدُّ الدَّارُ إلَى الَّذِي أَخْرَجَهَا مِنْ يَدَيْهِ أَوَّلًا وَإِنَّمَا مَنَعَنَا مِنْ هَذَا أَنَّا إنْ جَعَلْنَاهُ عَدْلًا بِالْأَوَّلِ فَأَمْضَيْنَا بِهِ الْحُكْمَ وَلَمْ يَرْجِعْ قَبْلَ مُضِيِّهِ أَنَّا إنْ نَقَضْنَاهُ جَعَلْنَا لِلْآخَرِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ عَدَالَةً فَنُجِيزُ شَهَادَتَهُ عَلَى الرُّجُوعِ وَلَمْ يَكُنْ أَتْلَفَ شَيْئًا لَا يُوجَدُ إنَّمَا أَخْرَجَ مِنْ يَدَيْ رَجُلٍ شَيْئًا فَكَانَ الْحُكْمُ أَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ فِي الظَّاهِرِ فَلَمَّا رَجَعَ كَانَ كَمُبْتَدِئٍ شَهَادَةً لَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَهُوَ لَمْ يَأْخُذْ شَيْئًا لِنَفْسِهِ فَانْتَزَعَهُ مِنْ يَدَيْهِ وَلَمْ يُفِتْ شَيْئًا لَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَنْ أَفَاتَهُ وَإِنَّمَا شَهِدَ بِشَيْءٍ انْتَفَعَ بِهِ غَيْرُهُ فَلَمْ أُغْرِمْهُ مَا أَقَرَّ بِيَدَيْ غَيْرِهِ

(قَالَ) : وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلُ، أَوْ الِاثْنَانِ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ أَعْتَقَ عَبْدَهُ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْعَبْدَ حُرُّ الْأَصْلِ فَرَدَدْت شَهَادَتَهُمَا، ثُمَّ مَلَكَاهُ، أَوْ أَحَدُهُمَا عَتَقَ عَلَيْهِمَا، أَوْ عَلَى الْمَالِكِ لَهُ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ بِأَنَّهُ حُرٌّ لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ مِلْكُهُ، وَلَا أَقْبَلُ مِنْهُ أَنْ يَقُولَ شَهِدْت أَوَّلًا بِبَاطِلٍ (قَالَ) : وَهَكَذَا لَوْ قَالَ لِعَبْدٍ لِأَبِيهِ قَدْ أَعْتَقَهُ أَبِي فِي وَصِيَّةٍ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، ثُمَّ قَالَ كَذَبْت لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَمْلِكَ مِنْهُ شَيْئًا؛ لِأَنَّهُ قَدْ أَقَرَّ لَهُ بِالْحُرِّيَّةِ

(قَالَ) : وَإِذَا شَهِدَ الرَّجُلَانِ عَلَى رَجُلٍ بِشَهَادَةٍ فَأَجَازَهَا الْقَاضِي، ثُمَّ عَلِمَ بَعْدُ أَنَّهُمَا عَبْدَانِ، أَوْ مُشْرِكَانِ، أَوْ أَحَدُهُمَا فَعَلَيْهِ رَدُّ الْحُكْمِ، ثُمَّ يَقْضِي بِيَمِينٍ وَشَاهِدَانِ كَانَ أَحَدُهُمَا عَدْلًا، وَكَانَ مِمَّا يَجُوزُ فِيهِ الْيَمِينُ مَعَ الشَّاهِدِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَهَكَذَا لَوْ عَلِمَ أَنَّهُمَا يَوْمَ شَهِدَا كَانَا غَيْرَ عَدْلَيْنِ مِنْ جُرْحٍ بَيِّنٍ فِي أَبْدَانِهِمَا، أَوْ فِي أَدْيَانِهِمَا لَا أَجِدُ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْعَبْدِ فَرْقًا فِي أَنَّهُ لَيْسَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا شَهَادَةٌ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَإِذَا كَانُوا بِشَيْءٍ ثَابِتٍ فِي أَنْفُسِهِمْ مِنْ فِسْقٍ، أَوْ عُبُودِيَّةٍ، أَوْ كُفْرٍ لَا يَحِلُّ ابْتِدَاءً الْقَضَاءُ بِشَهَادَتِهِمْ فَقَضَى بِهَا كَانَ الْقَضَاءُ نَفْسُهُ خَطَأً بَيِّنًا عِنْدَ كُلِّ أَحَدٍ يَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّهُ الْقَاضِي عَلَى نَفْسِهِ وَيَرُدَّهُ عَلَى غَيْرِهِ، بَلْ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْفَاسِقِ أَبْيَنُ خَطَأً مِنْ الْقَاضِي بِشَهَادَةِ الْعَبْدِ، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَقَالَ {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} [البقرة: 282] وَلَيْسَ الْفَاسِقُ وَاحِدًا مِنْ هَذَيْنِ، فَمَنْ قَضَى بِشَهَادَتِهِ فَقَدْ خَالَفَ حُكْمَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَيْهِ رَدُّ قَضَائِهِ وَرَدُّ شَهَادَةِ الْعَبْدِ إنَّمَا هُوَ تَأْوِيلٌ لَيْسَ بِبَيِّنٍ وَاتِّبَاعُ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، وَلَوْ كَانَا شَهِدَا عَلَى رَجُلٍ بِقِصَاصٍ، أَوْ قَطْعٍ فَأَنْفَذَهُ الْقَاضِي، ثُمَّ بَانَ لَهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمَا شَيْءٌ لِأَنَّهُمَا صَادِقَانِ فِي الظَّاهِرِ، وَكَانَ عَلَى الْقَاضِي أَنْ لَا يَقْبَلَ شَهَادَتَهُمَا فَهَذَا خَطَأٌ مِنْ الْقَاضِي تَحْمِلُهُ عَاقِلَتُهُ فَيَكُونُ لِلْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ بِالْقِصَاصِ، أَوْ الْقَطْعِ أَرْشُ يَدِهِ إذَا كَانَ جَاءَ ذَلِكَ بِخَطَإٍ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهُ جَاءَ ذَلِكَ عَمْدًا وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ فَعَلَيْهِ الْقِصَاصُ فِيمَا فِيهِ قِصَاصٌ وَهُوَ غَيْرُ مَحْمُودٍ

(قَالَ) : وَإِذَا مَاتَ الرَّجُلُ وَتَرَكَ ابْنًا وَارِثًا لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَأَقَرَّ أَنَّ هَذِهِ الْأَلْفَ الدِّرْهَمَ لِهَذَا الرَّجُلِ وَهِيَ ثُلُثُ مَالِ أَبِيهِ، أَوْ أَكْثَرُ دَفَعْنَا إلَيْهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015