الام للشافعي (صفحة 1776)

الرِّجَالِ، أَوْ أَوَرَأَيْت الرَّجُلَيْنِ يَتَدَاعَيَانِ الْجِدَارَ مَعًا لِمَ لَمْ تَجْعَلْهُ بَيْنَهُمَا؟ .

وَكَذَلِكَ نَقُولُ نَحْنُ وَلِمَ جَعَلْته لِمَنْ يَلِيه مُعَاقَدُ الْقِمْط وَأَنْصَافُ اللَّبَن؟ فَتَقُولُ هَذَا كَالدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ مَنْ يَلِيه مُعَاقِدُ الْقِمْطِ وَأَنْصَافُ اللَّبَنِ مَالِكٌ لِلْجِدَارِ، وَقَدْ يَبْنِي الرَّجُلُ الْجِدَارَ بِنَاءً مُخْتَلِفًا، وَقَدْ يَكُونَانِ اقْتَسَمَا الْمَنْزِلَ فَلَمْ يَعْتَدِلْ الْقَسْمُ إلَّا بِأَنْ يَجْعَلَا هَذَا الْجِدَارَ لِمَنْ لَيْسَ إلَيْهِ مُعَاقِدُ الْقِمْطِ وَأَنْصَافُ اللَّبَنِ؟ وَيَكُونُ أَحَدُهُمَا اشْتَرَاهُ هَكَذَا، أَوْ رَأَيْت الرَّجُلَ يَتَكَارَى مِنْ رَجُلٍ بَيْتًا فَيَخْتَلِفَانِ فِي رِفَافِ الْبَيْتِ وَالرِّفَافُ بِنَاءٌ فَلِمَ لَمْ تَجْعَلْ الْبِنَاءَ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ؟ .

وَكَذَلِكَ نَقُولُ زَعَمْت أَنْتَ أَنَّ الرِّفَافَ إنْ كَانَتْ ثَابِتَةً فِي الْجِدَارِ فَهِيَ لِصَاحِبِ الْبَيْتِ وَإِنْ كَانَتْ مُلْتَصِقَةً فَهِيَ لِلسَّاكِنِ، وَقَدْ يَبْنِي صَاحِبُ الْبَيْتِ رِفَافًا مُلْتَصِقَةً وَيَبْنِي السَّاكِنُ رِفَافًا فَيَحْفِرُ لَهَا فِي الْجِدَارِ فَتَصِيرُ فِيهِ ثَابِتَةً وَأَعْطَيْت فِي هَذَا كُلِّهِ بِلَا بَيِّنَةٍ وَاسْتَعْمَلْت فِيهِ أَضْعَفَ الدَّلَالَةِ وَلَمْ تَعْتَمِدْ فِيهِ عَلَى أَثَرٍ ثَابِتٍ وَلَا إجْمَاعٍ مِنْ النَّاسِ، ثُمَّ لَمْ تَنْسِبْ نَفْسَك إلَى خِلَافِ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا قِيَاسٍ وَإِنْ كَانَ قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ} [البقرة: 282] مُحَرَّمًا أَنْ يُعْطِي أَحَدٌ بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا فَقَدْ أَعْطَيْته بِأَقَلَّ مِنْ هَذَا وَخَالَفْته بِلَا عُذْرٍ وَخَالَفْت مَا ادَّعَيْت مِنْ أَنَّ السُّنَّةَ دَلَّتْ عَلَى أَنْ لَا يُعْطَى أَحَدٌ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ مِمَّا هَذَا كَافٍ مِنْهُ وَمُبَيَّنٌ عَلَيْك تَرْكُك قَوْلَك فِيهِ قَالَ فَإِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَا جَاءَكُمْ عَنِّي فَاعْرِضُوهُ عَلَى الْقُرْآنِ فَإِنْ وَافَقَهُ، فَأَنَا قُلْته وَإِنْ خَالَفَهُ فَلَمْ أَقُلْهُ» فَقُلْت لَهُ فَهَذَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ عِنْدَنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْمَعْرُوفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عِنْدَنَا خِلَافُ هَذَا وَلَيْسَ يُعْرَفُ مَا أَرَادَ خَاصًّا وَعَامًّا وَفَرْضًا وَأَدَبًا وَنَاسِخًا وَمَنْسُوخًا إلَّا بِسُنَّتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِيمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ فَيَكُونُ الْكِتَابُ بِحُكْمِ الْفَرْضِ وَالسُّنَّةُ تُبَيِّنُهُ قَالَ وَمَا دَلَّ عَلَى ذَلِكَ؟ قُلْت قَوْلُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: 7] فَقَدْ بَيَّنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّ الرَّسُولَ قَدْ يُسِنُّ وَفَرَضَ اللَّهُ عَلَى النَّاسِ طَاعَتَهُ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ قَالَ حَدَّثَنِي سَالِمٌ أَبُو النَّضْرِ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ مُتَّكِئًا عَلَى أَرِيكَتِهِ يَأْتِيه الْأَمْرُ مِنْ أَمْرِي مِمَّا نَهَيْت عَنْهُ، أَوْ أَمَرْت بِهِ فَيَقُولُ مَا نَدْرِي مَا وَجَدْنَاهُ فِي كِتَابِ اللَّهِ اتَّبَعْنَاهُ» .

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَقُلْت لَهُ لَوْ كَانَ هَذَا الْحَدِيثُ الَّذِي احْتَجَجْت بِهِ ثَابِتًا كُنْت قَدْ تَرَكْته فِيمَا وَصَفْنَا وَفِيمَا سَنَصِفُ بَعْضَ مَا يَحْضُرُنَا مِنْهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.

وَقَالَ لِي بَعْضُ مَنْ يُخَالِفُنَا فِي الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ} [الطلاق: 2] وَقَالَ {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] فَكَيْفَ أَجَزْتُمْ أَقَلَّ مِنْ هَذَا؟ فَقُلْت لَهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ فِي التَّنْزِيلِ أَنْ لَا يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْ شَاهِدَيْنِ، وَكَانَ التَّنْزِيلُ مُحْتَمِلًا أَنْ يَكُونَ الشَّاهِدَانِ تَامَّيْنِ فِي غَيْرِ الزِّنَا وَيُؤْخَذُ بِهِمَا الْحَقُّ لِطَالِبِهِ وَلَا يَمِينَ عَلَيْهِ، ثُمَّ وَجَدْت رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُجِيزُ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ لِصَاحِبِ الْحَقِّ وَيَأْخُذُ حَقَّهُ وَوَجَدْت الْمُسْلِمِينَ يُجِيزُونَ شَهَادَةَ أَقَلَّ مِنْ شَاهِدَيْنِ وَيُعْطُونَ بِهَا دَلَّتْ السُّنَّةُ وَعَمَلُ الْمُسْلِمِينَ عَلَى أَنَّ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] لَيْسَ مُحَرَّمًا أَنْ يَجُوزَ أَقَلُّ مِنْهُ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ، وَنَحْنُ نَسْأَلُك فَإِنْ قُلْت بِمِثْلِ قَوْلِنَا لَزِمَك أَنْ تَرْجِعَ إلَى الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ وَإِنْ خَالَفْته لَزِمَك أَنْ تَتْرُكَ عَامَّةَ قَوْلِك وَإِنْ تَبَيَّنَ لَك أَنَّ مَا قُلْت مِنْ هَذَا وَنَجَلْتنَا عَلَى غَيْرِ مَا قُلْت وَأَنَّك أَوْلَى بِمَا نَجَلْتنَا مِنْ الْخَطَإِ فِي الْقُرْآنِ مِنَّا قَالَ فَسَلْ، فَقُلْت حُدَّ لِي كُلَّ حُكْمٍ فِي {شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ} [البقرة: 282] قَالَ أَنْ يَجُوزَ فَيُؤْخَذُ بِهِ الْحَقُّ بِغَيْرِ يَمِينٍ مِنْ الطَّالِبِ قُلْت وَمَاذَا قَالَ وَفِيهِ تَحْرِيمٌ أَنْ يُؤْخَذَ الْحَقُّ بِأَقَلَّ مِنْهُ؟ قُلْت وَمَا الشَّاهِدَانِ مِنْ رِجَالِنَا؟ قَالَ حُرَّانِ مُسْلِمَانِ عَدْلَانِ قُلْت لَهُ فَالِاثْنَانِ ذَوَيْ عَدْلٍ كَمَا وَصَفْت يَجُوزَانِ وَمُحَرَّمٌ أَنْ يَجُوز إلَّا مَا زَعَمْت وَوَصَفْت أَنَّهُمْ شَرَطُوا فِي الْكِتَابِ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت فَلِمَ أَجَزْت أَهْلَ الذِّمَّةِ فِيمَا بَيْنَهُمْ.

وَالْآيَتَانِ بَيِّنَتَانِ أَنَّهُمَا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015