اسْتَقْبَلَ مِنْهَا نَاحِيَةً اسْتَدْبَرَ الْأُخْرَى وَكَرِهَ أَنْ يَسْتَدْبِرَ مِنْ الْبَيْتِ شَيْئًا فَكَبَّرَ فِي نَوَاحِيهَا وَخَرَجَ وَلَمْ يُصَلِّ فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُفْتِي أَنْ لَا يُصَلَّى فِي الْبَيْتِ»
وَغَيْرُهُ مِنْ أَصْحَابِنَا بِحَدِيثِ أُسَامَةَ. وَقَالَ بِلَالٌ صَلَّى فَمَا تَقُولُ أَنْتَ؟ قَالَ يُصَلَّى فِي الْبَيْتِ، وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: كَانَ أَحَقُّ مِنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ: لَمْ يَكُنْ؛ لِأَنَّ الَّذِي قَالَ: كَانَ شَاهِدٌ وَاَلَّذِي قَالَ: لَمْ يَكُنْ لَيْسَ بِشَاهِدٍ، قُلْت: وَجَعَلْت حَدِيثَ بِرْوَعَ بِنْتِ وَاشِقٍ سُنَّةً وَلَمْ تُبْطِلْهَا بِرَدِّ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ -، وَخِلَافِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدٍ وَثَبَتَ حَدِيثُ بِرْوَعَ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت وَجَعَلْت تَيَمُّمَ الْجُنُبِ سُنَّةً وَلَمْ تُبْطِلْهَا بِرَدِّ عُمَرَ وَخِلَافِ ابْنِ مَسْعُودٍ فِي التَّيَمُّمِ وَتَأَوُّلُهُمَا قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] وَالطُّهُورُ بِالْمَاءِ وَقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ {وَلا جُنُبًا إِلا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43] قَالَ: نَعَمْ قُلْت لَهُ، وَكَذَلِكَ تَقُولُ لَوْ دَخَلْت أَنَا وَأَنْتَ عَلَى فَقِيهٍ، أَوْ قَاضٍ فَخَرَجْت فَقُلْت حَدَّثَنَا كَذَا وَقَضَى بِكَذَا وَقُلْت أَنْتَ مَا حَدَّثَنَا وَلَا قَضَى بِشَيْءٍ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلِي لِأَنِّي شَاهِدٌ وَأَنْتَ مُضَيِّعٌ، أَوْ غَافِلٌ؟ قَالَ: نَعَمْ قُلْت فَالزُّهْرِيُّ لَمْ يُدْرِكْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَا أَكْثَرَ أَصْحَابِهِ فَلَوْ أَقَامَ عَلَى إنْكَارِ الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ أَيُّ حُجَّةٍ تَكُونُ فِيهِ إذَا كَانَ مَنْ أَنْكَرَ الْحَدِيثَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ أَصْحَابِهِ لَا يَبْطُلُ قَوْلُ مَنْ رَوَى الْحَدِيثَ كَانَ الزُّهْرِيُّ إذَا لَمْ يُدْرِكْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْلَى بِأَنْ لَا يُوهَنَ بِهِ حَدِيثُ مَنْ حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِذَا كَانَ بَعْضُ السُّنَنِ قَدْ يَعْزُبُ عَنْ عَامَّةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى يَجِدُوهَا عِنْدَ الضَّحَّاكِ بْنِ سُفْيَانَ وَحَمَلِ بْنِ مَالِكٍ مَعَ قِلَّةِ صُحْبَتِهِمَا وَبُعْدِ دَارِهِمَا وَعُمَرُ يَطْلُبُهَا مِنْ الْأَنْصَارِ، وَالْمُهَاجِرِينَ فَلَا يَجِدُهَا فَإِنْ كَانَ الْحُكْمُ عِنْدَنَا وَعِنْدَك أَنَّ مَنْ حَدَّثَ أَوْلَى مِمَّنْ أَنْكَرَ الْحَدِيثَ فَكَيْفَ احْتَجَجْت بِأَنَّ الزُّهْرِيَّ أَنْكَرَ الْيَمِينَ مَعَ الشَّاهِدِ؟ فَقَالَ لِي: لَقَدْ عَلِمْت مَا فِي هَذَا حُجَّةٌ.
قُلْت: فَلِمَ احْتَجَجْت.
بِهِ؟ قَالَ احْتَجَّ بِهِ أَصْحَابُنَا وَأَنَّ عَطَاءً أَنْكَرَهَا.
قُلْت وَالزَّنْجِيُّ أَخْبَرَنَا عَنْ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ عَطَاءٍ أَنَّهُ قَالَ لَا رَجْعَةَ إلَّا بِشَاهِدَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عُذِرَ فَيَأْتِي بِشَاهِدٍ وَيَحْلِفُ مَعَ شَاهِدِهِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : فَعَطَاءٌ يُفْتِي بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ فِيمَا لَا يَقُولُ بِهِ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَلَوْ أَنْكَرَهَا عَطَاءٌ هَلْ كَانَتْ الْحُجَّةُ فِيهِ إلَّا كَهِيَ فِي الزُّهْرِيِّ وَأَضْعَفُ مِنْهَا فِيمَنْ أَنْكَرَ مَا لَمْ يَسْمَعْ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؟ قَالَ لَا، قُلْت لَوْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِهَا أَكَانَ لِأَحَدٍ خِلَافُهَا وَرَدُّهَا بِالتَّأْوِيلِ؟ قَالَ لَا فَذَكَرْت لَهُ بَعْضَ مَا رَوَيْنَا فِيهَا وَقُلْت لَهُ أَتُثْبِتُ مِثْلَ هَذَا؟ قَالَ نَعَمْ وَلَكِنِّي لَمْ أَكُنْ سَمِعْته قُلْت: أَفَذَهَبَ عَلَيْك مِنْ الْعِلْمِ شَيْءٌ؟ قَالَ نَعَمْ، قُلْت فَلَعَلَّ هَذَا مِمَّا قَدْ ذَهَبَ عَلَيْك وَإِذْ قَدْ سَمِعْته فَصِرْ إلَيْهِ فَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَيْك.
قَالَ فَإِنَّهُ قَدْ بَلَغَنَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ» أَنَّ خُزَيْمَةَ بْنَ ثَابِتٍ شَهِدَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : فَسَأَلْته مَنْ أَخْبَرَهُ فَإِذَا هُوَ يَأْتِي بِخَبَرٍ ضَعِيفٍ لَا يَثْبُتُ مِثْلُهُ عِنْدَنَا وَلَا عِنْدَهُ، فَقُلْت لَهُ أَرَأَيْت لَوْ كَانَ خَبَرُك هَذَا قَوِيًّا، وَكَانَ خُزَيْمَةُ قَدْ شَهِدَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ، فَأَحْلَفَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَلَمْ تَكُنْ خَالَفْت خَبَرَك الَّذِي بِهِ احْتَجَجْت؟ قَالَ وَأَيْنَ خَالَفْته؟ قُلْت أَيَعْدُو خُزَيْمَةُ أَنْ يَكُونَ يَقُومُ مَقَامَ شَاهِدٍ فَهُوَ كَمَا قُلْنَا قَالَ لَا وَلَكِنَّهُ مِنْ بَيْنِ النَّاسِ يَقُومُ مَقَامَ شَاهِدَيْنِ قُلْت فَإِنْ جَاءَ طَالِبُ حَقٍّ بِشَاهِدَيْنِ أَتُحَلِّفُهُ مَعَهُمَا؟ قَالَ لَا، وَلَكِنْ أُعْطِيه حَقَّهُ بِغَيْرِ يَمِينٍ، قُلْت لَهُ: فَهَذِهِ إذًا سُنَّةٌ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أُخْرَى خَالَفْتهَا؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ قَضَى بِشَهَادَةِ خُزَيْمَةَ وَهُوَ يَقُومُ مَقَامَ شَاهِدَيْنِ فَقَد