الام للشافعي (صفحة 1725)

لِحَمْلٍ نَخْلَةً أَوْ تَصَدَّقَ عَلَيْهِ بِصَدَقَةٍ غَيْرِ مَوْقُوفَةٍ لَمْ تَجُزْ بِحَالٍ قَبِلَهَا أَبُوهُ أَوْ رَدَّهَا إنَّمَا تَجُوزُ الْهِبَاتُ، وَالْبُيُوعُ، وَالنِّكَاحُ عَلَى مَا زَايَلَ أُمَّهُ حَتَّى يَكُونَ لَهُ حُكْمٌ بِنَفْسِهِ، وَهَذَا خِلَافُ الْوَصِيَّةِ فِي الْعِتْقِ، وَلَوْ أَعْتَقَ حَمْلَ جَارِيَتِهِ فَوَلَدَتْ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ أَعْتَقَهُ كَانَ حُرًّا لِأَنَّا عَلِمْنَا أَنَّهُ قَدْ كَانَ ثَمَّ حَمْلٌ، وَلَوْ وُلِدَ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ ثُمَّ عَتَقَ لِأَنَّهُ قَدْ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ هَذَا حَادِثًا بَعْدَ الْكَلَامِ بِالْعِتْقِ فَلَا يَكُونُ الْمَقْصُودُ قَصْدَهُ بِالْعِتْقِ، وَلَوْ أَقَرَّ بِحَمْلٍ لِرَجُلٍ لَمْ يَجُزْ إقْرَارُهُ إذَا كَانَ هُوَ مَالِكُ رَقَبَةِ أُمِّهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَهَبَهُ لَهُ فَإِذَا لَمْ تَجُزْ فِيهِ الْهِبَةُ لَمْ يَجُزْ فِيهِ الْإِقْرَارُ، وَلَوْ قَالَ مَعَ إقْرَارِهِ: هَذَا الْحَمْلُ لِفُلَانٍ أَوْصَى لِي رَجُلٌ بِرَقَبَةِ أُمِّهِ، وَلَهُ بِحَمْلِهَا جَازَ الْإِقْرَارُ إذَا وَلَدَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ يَوْمِ تَقَعُ الْوَصِيَّةُ، وَكُلُّ إقْرَارٍ مِنْ صُلْحٍ، وَغَيْرِ صُلْحٍ كَانَ فِيهِ خِيَارٌ مِنْ الْمُقِرِّ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ أُقِرُّ لَك بِكَذَا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أُصَالِحُك عَلَى كَذَا عَلَى أَنِّي أُقِرُّ لَك بِكَذَا عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ يَوْمًا أَوْ أَكْثَرَ أَوْ أُصَالِحُك عَلَى كَذَا، عَلَى أَنِّي أُقِرُّ لَك بِكَذَا، عَلَى أَنِّي بِالْخِيَارِ فَلَا يَجُوزُ حَتَّى يَقْطَعَ الْإِقْرَارَ، وَلَا يَدْخُلُ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمُقِرِّ، وَهَكَذَا كُلُّ إقْرَارٍ كَانَ فِيهِ اسْتِثْنَاءٌ، وَذَلِكَ أَنْ يَقُولَ لَك عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَك عِنْدِي إنْ شَاءَ اللَّهُ أَوْ إنْ شَاءَ فُلَانٌ فَلَا يَلْزَمُ حَتَّى يَكُونَ الْإِقْرَارُ مَقْطُوعًا لَا مَثْنَوِيَّةَ فِيهِ.

(قَالَ) : وَلَوْ أَقَرَّ لِرَجُلٍ أَنَّهُ تَكَفَّلَ لَهُ بِمَالٍ عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ، وَأَنْكَرَ الْمَكْفُولُ لَهُ الْخِيَارَ، وَلَا بَيِّنَةَ بَيْنَهُمَا فَمَنْ جَعَلَ الْإِقْرَارَ وَاحِدًا أَحْلَفَهُ مَا كَفَلَ لَهُ إلَّا عَلَى أَنَّهُ بِالْخِيَارِ وَأَبْرَأَهُ، وَالْكَفَالَةُ لَا تَجُوزُ بِخِيَارٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ يُبَعَّضُ عَلَيْهِ إقْرَارُهُ فَيَلْزَمُهُ مَا يَضُرُّهُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ مَا ادَّعَى الْمَخْرَجَ بِهِ أَلْزَمَهُ الْكَفَالَةَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ الْمَكْفُولُ لَهُ لَقَدْ جَعَلَ لَهُ كَفَالَةً لَا خِيَارَ فِيهِ، وَالْكَفَالَةُ بِالنَّفْسِ عَلَى الْخِيَارِ لَا تَجُوزُ، وَإِذَا جَازَتْ بِغَيْرِ خِيَارٍ فَلَيْسَ يَلْزَمُ الْكَافِلُ بِالنَّفْسِ مَالٌ إلَّا أَنْ يُسَمِّيَ مَالًا كَفَلَ بِهِ، وَلَا تَلْزَمُ الْكَفَالَةُ بِحَدٍّ، وَلَا قِصَاصٍ، وَلَا عُقُوبَةٍ، وَلَا تَلْزَمُ الْكَفَالَةُ إلَّا بِالْأَمْوَالِ.

(قَالَ) : وَلَوْ كَفَلَ لَهُ بِمَا لَزِمَ رَجُلًا فِي جُرْحٍ، وَقَدْ عَرَفَ الْجُرْحَ، وَالْجُرْحُ عَمْدٌ فَقَالَ أَنَا كَافِلٌ لَك بِمَا لَزِمَهُ فِيهِ مِنْ دِيَةٍ أَوْ قِصَاصٍ فَإِنْ أَرَادَ الْمَجْرُوحُ الْقِصَاصَ فَالْكَفَالَةُ بَاطِلَةٌ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقْتَصَّ مِنْ الْمُتَكَفِّلِ، وَإِنْ أَرَادَ أَرْشَ الْجِرَاحِ فَهُوَ لَهُ، وَالْكَفَالَةُ لَازِمَةٌ لِأَنَّهَا كَفَالَةٌ بِمَالٍ

وَهَكَذَا إذَا اشْتَرَى رَجُلٌ دَارًا مِنْ رَجُلٍ فَضَمِنَ لَهُ رَجُلٌ عُهْدَتَهَا وَخَلَاصَهَا فَاسْتُحِقَّتْ الدَّارُ رَجَعَ الْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ عَلَى الضَّامِنِ إنْ شَاءَ لِأَنَّهُ ضَمِنَ لَهُ خَلَاصَهَا أَوْ مَالًا، وَالْخَلَاصُ مَالٌ يُسَلَّمُ لَهُ

وَإِذَا أَقَرَّ رَجُلٌ لِرَجُلٍ بِشَيْءٍ مُشَاعٍ أَوْ مَقْسُومٍ فَالْإِقْرَارُ جَائِزٌ، وَسَوَاءٌ قَالَ لِفُلَانٍ نِصْفُ هَذِهِ الدَّارِ مَا بَيْن كَذَا إلَى كَذَا أَوْ لِفُلَانٍ نِصْفُ هَذِهِ الدَّارِ يَلْزَمُهُ الْإِقْرَارُ كَمَا أَقَرَّ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ هَذِهِ الدَّارُ إلَّا نِصْفَهَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ هَذِهِ الدَّارُ إلَّا ثُلُثَيْهَا كَانَ لَهُ الثُّلُثُ شَرِيكًا مَعَهُ، وَإِذَا قَالَ لَهُ هَذِهِ الدَّارُ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ كَانَتْ لَهُ الدَّارُ إلَّا ذَلِكَ الْبَيْتَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ لَهُ هَذَا الرَّقِيقُ إلَّا وَاحِدًا كَانَ لَهُ الرَّقِيقُ إلَّا وَاحِدًا فَلَهُ أَنْ يَعْزِلَ أَيَّهُمْ شَاءَ، وَكَذَلِكَ لَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ، وَهَذَا الْبَيْتُ لِي كَانَ مِثْلَ قَوْلِهِ إلَّا هَذَا الْبَيْتَ إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ مُتَّصِلًا لِأَنَّ هَذَا كَلَامٌ صَحِيحٌ لَيْسَ بِمُحَالٍ، وَلَوْ قَالَ هَذِهِ الدَّارُ لِفُلَانٍ بَلْ هِيَ لِفُلَانٍ كَانَتْ لِلْأَوَّلِ، وَلَا شَيْءَ لِلثَّانِي، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتهَا مِنْ فُلَانٍ، وَمِلْكُهَا لِفُلَانٍ غَيْرِهِ فَهِيَ لِلَّذِي أَقَرَّ أَنَّهُ غَصَبَهَا مِنْهُ، وَهُوَ شَاهِدٌ لِلثَّانِي، وَلَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُ لِأَنَّهُ غَاصِبٌ، وَلَوْ قَالَ غَصَبْتهَا مِنْ فُلَانٍ لَا بَلْ مِنْ فُلَانٍ جَازَ إقْرَارُهُ لِلْأَوَّلِ، وَلَمْ يَغْرَمْ لِلثَّانِي شَيْئًا، وَكَانَ الثَّانِي خَصْمًا لِلْأَوَّلِ، وَإِذَا أَقَرَّ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لِوَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا إذَا كَانَ الْآخَرُ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ إلَّا هَذِهِ الدَّارَ فَلَيْسَ فِي إقْرَارِهِ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ حَكَمَ لَهُ بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ لِوَاحِدٍ أَوْ أَكْثَرَ لَمْ يَضْمَنْ شَيْئًا إذَا كَانَ الْآخَرُ لَا يَدَّعِي عَلَيْهِ إلَّا هَذِهِ الدَّارَ فَلَيْسَ فِي إقْرَارِهِ لِغَيْرِهِ، وَإِنْ حَكَمَ لَهُ بِشَيْءٍ يَكُونُ حَائِلًا دُونَهُ يَضْمَنُهُ، وَإِنَّمَا يَضْمَنُ مَا كَانَ حَائِلًا دُونَهُ، وَلَا يَجِدُ السَّبِيلَ إلَيْهِ، وَمِثْلُ هَذَا لَوْ قَالَ أَوْدَعَنِيهَا فُلَانٌ لَا بَلْ فُلَانٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015