الام للشافعي (صفحة 1719)

الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ وَكَانَ قَوْلُ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَعِيرٍ اُسْتُعِيرَ فَتَلِفَ أَنَّهُ مَضْمُونٌ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَلَوْ اخْتَلَفَ رَجُلَانِ فِي دَابَّةٍ فَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ أَكْرَيْتُكَهَا إلَى مَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا فَرَكِبْتهَا بِكَذَا وَكَذَا، وَقَالَ الرَّاكِبُ رَكِبْتهَا عَارِيَّةً مِنْك كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاكِبِ مَعَ يَمِينِهِ، وَلَا كِرَاءَ عَلَيْهِ.

(قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ) وَفِيهِ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ مُقِرٌّ بِرُكُوبِ دَابَّتِي مُدَّعٍ عَلَيَّ أَنِّي أَبَحْتُ ذَلِكَ لَهُ فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَإِلَّا حَلَّفْت، وَأَخَذْت كِرَاءَ الْمِثْلِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَلَوْ كَانَتْ الْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا فَمَاتَتْ الدَّابَّةُ كَانَ الْكِرَاءُ سَاقِطًا، وَكَانَ عَلَيْهِ ضَمَانُ الدَّابَّةِ فِي الْعَارِيَّةِ لِأَنَّ أَصْلَ مَا نَذْهَبُ إلَيْهِ تَضْمِينُ الْعَارِيَّةِ، وَسَوَاءٌ كَانَ رَبُّ الدَّابَّةِ مِمَّنْ يُكْرِي الدَّوَابَّ أَوْ لَا يُكْرِيهَا لِأَنَّ الَّذِي يُكْرِيهَا قَدْ يُعِيرُهَا، وَاَلَّذِي يُعِيرُهَا قَدْ يُكْرِيهَا.

(قَالَ الرَّبِيعُ) لِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ مَعَ يَمِينِهِ، وَعَلَى الرَّاكِبِ كِرَاءُ مِثْلِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَمَتَى قُلْت الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ أَلْزَمْته الْكِرَاءَ وَطَرَحْت عَنْهُ الضَّمَانَ إذَا تَلِفَتْ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) وَكُلُّ مَا كَانَ الْقَوْلُ فِيهِ قَوْلَ رَبِّ الدَّابَّةِ، وَلَمْ يُعِرْهَا فَتَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ جَعَلْنَاهُ مُكْتَرِيًا إلَّا أَنْ يَتَعَدَّى.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَهَكَذَا لَوْ قَالَ أَعَرْتنِيهَا، وَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ بَلْ غَصَبْتنِيهَا كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُسْتَعِيرِ، وَلَا يَضْمَنُ فَإِنْ مَاتَتْ الدَّابَّةُ فِي يَدَيْهِ ضَمِنَ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ مَضْمُونَةٌ رَكِبَهَا أَوْ لَمْ يَرْكَبْهَا، وَإِذَا رَدَّهَا إلَيْهِ سَالِمَةً فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ رَكِبَهَا أَوْ لَمْ يَرْكَبْهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَسَوَاءٌ قَالَ أَخَذْتهَا مِنْك عَارِيَّةً أَوْ قَالَ دَفَعْتهَا إلَيَّ عَارِيَّةً، وَإِنَّمَا أَضَافَ الْفِعْلَ فِي كِلَيْهِمَا إلَى صَاحِبِ الدَّابَّةِ، وَكَذَلِكَ كَلَامُ الْعَرَبِ.

(قَالَ الرَّبِيعُ) رَجَعَ الشَّافِعِيُّ فَقَالَ الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الدَّابَّةِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : فَإِنْ قَالَ تَكَارَيْتُهَا مِنْك بِكَذَا، وَقَالَ رَبُّ الدَّابَّةِ اكْتَرَيْتهَا بِكَذَا لِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ لَمْ يَرْكَبْ تَحَالَفَا وَتَرَادَّا، وَإِنْ رَكِبَ تَحَالَفَا وَرَدَّ عَلَيْهِ كِرَاءَ مِثْلِهَا كَانَ أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى رَبُّ الدَّابَّةِ أَوْ أَقَلَّ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ لِأَنِّي إذَا أَبْطَلَتْ أَصْلَ الْكِرَاءِ، وَرَدَدْتهَا إلَى كِرَاءِ مِثْلِهَا لَمْ أَجْعَلْ مَا أَبْطَلْتُ عِبْرَةً بِحَالٍ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَلَا يَضْمَنُ الْمُسْتَوْدَعُ إلَّا أَنْ يُخَالِفَ فَإِنْ خَالَفَ فَلَا يَخْرُجُ مِنْ الضَّمَانِ أَبَدًا إلَّا بِدَفْعِ الْوَدِيعَةِ إلَى رَبِّهَا، وَلَوْ رَدَّهَا إلَى الْمَكَانِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُ لَهَا كَانَ أَمِينًا فَخَرَجَ مِنْ حَدِّ الْأَمَانَةِ فَلَمْ يُجَدِّدْ لَهُ رَبُّ الْمَالِ أَمَانَةً، وَلَا يَبْرَأُ حَتَّى يَدْفَعَهَا إلَيْهِ، وَهَكَذَا الرَّهْنُ إذَا قَضَى الْمُرْتَهِنُ مَا فِيهِ ثُمَّ تَعَدَّى فِيهِ ثُمَّ رَدَّهُ إلَى بَيْتِهِ فَهَلَكَ فِي يَدَيْهِ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهُ حَتَّى يَرُدَّهُ إلَى صَاحِبِهِ، وَسَوَاءٌ كُلُّ عَارِيَّةٍ انْتَفَعَ بِهَا صَاحِبُهَا أَوْ لَمْ يَنْتَفِعْ بِهَا فَهِيَ مَضْمُونَةٌ مَسْكَنٌ أَوْ مَا أَشْبَهَهُ أَوْ دَنَانِيرُ أَوْ دَرَاهِمُ أَوْ طَعَامٌ أَوْ عَيْنٌ أَوْ مَا كَانَ

(قَالَ) : وَلَوْ قَالَ الرَّجُلُ هَذَا الثَّوْبُ فِي يَدَيْ بِحَقٍّ لِفُلَانٍ أَوْ فِي مِلْكِهِ أَوْ فِي مِيرَاثِهِ أَوْ لِحَقِّهِ أَوْ لِمِيرَاثِهِ أَوْ لِمِلْكِهِ أَوْ لِوَدِيعَةٍ أَوْ بِعَارِيَّةٍ أَوْ بِوَدِيعَةٍ أَوْ قَالَ عِنْدِي فَهُوَ سَوَاءٌ، وَهُوَ إقْرَارٌ لِفُلَانٍ بِهِ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ لَفْظًا غَيْرَ هَذَا فَيَقُولَ هُوَ عِنْدِي بِحَقِّ فُلَانٍ مَرْهُونٌ لِفُلَانٍ آخَرَ فَيَكُونَ مِلْكُهُ لِلَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِالْمِلْكِ، وَلَا يَكُونُ لِهَذَا عَلَى الْآخَرِ فِيهِ رَهْنٌ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْآخَرُ، وَلَوْ قَالَ قَبَضْته عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ أَوْ هُوَ عِنْدِي عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ أَوْ فِي مِلْكِي عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ لَمْ يَكُنْ هَذَا إقْرَارًا مِنْهُ بِهِ لِفُلَانٍ لِأَنَّ ظَاهِرَهُ إنَّمَا هُوَ قَبَضْته عَلَى يَدَيْ فُلَانٍ بِمَعُونَةِ فُلَانٍ أَوْ بِسَبَبِهِ

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا قَالَ لِفُلَانٍ عَلَيَّ أَلْفُ دِينَارٍ أَوْ مِائَةُ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ هِيَ نَقْصٌ أَوْ هِيَ زَيْفٌ لَمْ يُصَدَّقْ، وَلَوْ قَالَ هِيَ مِنْ سِكَّةِ كَذَا، وَكَذَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ كَانَتْ تِلْكَ السِّكَّةُ أَدْنَى الدَّرَاهِمِ أَوْ وَسَطَهَا أَوْ جَائِزَةً فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْبَلَدِ أَوْ غَيْرَ جَائِزَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ أَعْطَيْنَاهُ أَيَّ ثَوْبٍ أَقَرَّ بِهِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ الثَّوْبُ مِمَّا لَا يَلْبَسُهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْبَلَدِ، وَلَا مِثْلُ الرَّجُلِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ ثَمَنِ هَذَا الْعَبْدِ فَتَدَاعَيَا فِيهِ فَقَالَ الْبَائِعُ، وَضَحٌ، وَقَالَ الْمُشْتَرِي غَلَّةٌ تَحَالَفَا، وَتَرَادَّا، وَهَذَا مِثْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015