- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَإِذَا عُزِلَ الْقَاضِي عَنْ الْقَضَاءِ، وَقَالَ قَدْ كُنْت قَضَيْت لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ حَتَّى يَأْتِيَ الْمَقْضِيُّ لَهُ بِشَاهِدَيْنِ عَلَى أَنَّهُ حَكَمَ لَهُ قَبْلَ أَنْ يُعْزَلَ
(قَالَ) : وَأُحِبُّ لِلْقَاضِي إذَا أَرَادَ الْقَضَاءَ عَلَى رَجُلٍ أَنْ يُجْلِسَهُ، وَيُبَيِّنَ لَهُ، وَيَقُولَ لَهُ احْتَجَجْت عِنْدِي بِكَذَا، وَجَاءَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَيْك بِكَذَا، وَاحْتَجَّ خَصْمُك بِكَذَا فَرَأَيْت الْحُكْمَ عَلَيْك مِنْ قِبَلِ كَذَا لِيَكُونَ أَطْيَبَ لِنَفْسِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ، وَأَبْعَدَ مِنْ التُّهْمَةِ، وَأَحْرَى إنْ كَانَ الْقَاضِي غَفَلَ مِنْ ذَلِكَ عَنْ مَوْضِعٍ فِيهِ حُجَّةٌ أَنْ يُبَيِّنَهُ فَإِنْ رَأَى فِيهَا شَيْئًا يُبَيِّنُ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ أَوْ يُشْكِلُ عَلَيْهِ أَنْ يَقِفَ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ فَإِنْ لَمْ يَرَ فِيهَا شَيْئًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا، وَأَخْبَرَهُ بِالْوَجْهِ الَّذِي رَأَى أَنَّهُ لَا شَيْءَ لَهُ فِيهَا، وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ جَازَ حُكْمُهُ غَيْرَ أَنَّ قَدْ تَرَكَ مَوْضِعَ الْأَعْذَارِ إلَى الْمَقْضِيِّ عَلَيْهِ عِنْدَ الْقَضَاءِ
(قَالَ) : وَأُحِبُّ لِلْإِمَامِ إذَا وَلِيَ الْقَضَاءَ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ أَنْ يُوَلِّيَ الْقَضَاءَ فِي الطَّرَفِ مِنْ أَطْرَافِهِ، وَالشَّيْءِ مِنْ أُمُورِهِ الرَّجُلَ فَيُجَوِّزُ حُكْمَهُ، وَإِنْ لَمْ يُجْعَلْ ذَلِكَ لَهُ فَمَنْ رَأَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا بِأَمْرِ وَالٍ قَالَ لَمْ يَنْبَغِ لِلْقَاضِي أَنْ يُنْفِذَ حُكْمَ ذَلِكَ الْقَاضِي الَّذِي اسْتَقْضَاهُ وَلَمْ يَجْعَلْ إلَيْهِ، وَإِنْ أَنْفَذَهُ كَانَ إنْفَاذُهُ إيَّاهُ بَاطِلًا إلَّا أَنْ يَكُونَ إنْفَاذُهُ إيَّاهُ عَلَى اسْتِئْنَافِ حُكْمٍ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ فَإِذَا كَانَ إنَّمَا هُوَ لِإِنْفَاذِ الْحُكْمِ فَلَيْسَ بِجَائِزٍ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ بَيِّنًا عِنْدَ الْقَاضِي فِيمَا يَخْتَصِمُ فِيهِ الْخَصْمَانِ فَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَأْمُرَهُمَا بِالصُّلْحِ، وَأَنْ يَتَحَلَّلَهُمَا مِنْ أَنْ يُؤَخِّرَ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا يَوْمًا أَوْ يَوْمَيْنِ فَإِنْ لَمْ يَجْتَمِعَا عَلَى تَحْلِيلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ تَرْدِيدُهُمَا، وَأَنْفَذَ الْحُكْمَ بَيْنَهُمَا مَتَى بَانَ لَهُ، وَإِنْ أَشْكَلَ الْحُكْمُ عَلَيْهِ لَمْ يَحْكُمْ بَيْنَهُمَا طَالَ ذَلِكَ أَوْ قَصُرَ عَلَيْهِ الْأَنَاةُ إلَى بَيَانِ الْحُكْمِ، وَالْحُكْمُ قَبْلَ الْبَيَانِ ظُلْمٌ، وَالْحَبْسُ بِالْحُكْمِ بَعْدَ الْبَيَانِ ظُلْمٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ) قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ إذَا قَالَ الرَّجُلُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ شَيْءٌ ثُمَّ جَحَدَ قِيلَ لَهُ أَقِرَّ بِمَا شِئْت مِمَّا يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ شَيْءٍ تَمْرَةٍ أَوْ فَلْسٍ أَوْ مَا أَحْبَبْت ثُمَّ أُحْلِفَ مَا هُوَ إلَّا هَذَا، وَمَا لَهُ عَلَيْك شَيْءٌ غَيْرُ هَذَا، وَقَدْ بَرِئْت فَإِنْ أَبَى أَنْ يَحْلِفَ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي الْمَقَرِّ لَهُ فَقِيلَ لَهُ سَمِّ مَا شِئْت فَإِذَا سَمَّى قِيلَ لِلْمُقِرِّ إنْ حَلَفْت عَلَى هَذَا بَرِئْت، وَإِلَّا رَدَدْنَا عَلَيْهِ الْيَمِينَ فَحَلَفَ فَأَعْطَيْنَاهُ، وَلَا نَحْبِسُهُ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَهَكَذَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَى مَالٍ قِيلَ لَهُ أَقِرَّ بِمَا شِئْت لِأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ مَالٍ، وَهَكَذَا إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٍ كَثِيرٍ أَوْ مَالٍ عَظِيمٍ فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ مَا الْحُجَّةُ فِي ذَلِكَ؟ قِيلَ قَدْ ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَمَلَ فَقَالَ {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: 7 - 8] فَإِذَا كُوفِئَ عَلَى مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْخَيْرِ وَالشَّرِّ كَانَتْ عَظِيمًا، وَلَا شَيْءَ مِنْ الْمَالِ أَقَلُّ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فَأَمَّا مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّهُ يَقْضِي عَلَيْهِ بِمَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ فَلَا أَعْلَمُهُ ذَهَبَ إلَيْهِ خَبَرًا، وَلَا قِيَاسًا وَلَا مَعْقُولًا أَرَأَيْت مِسْكَيْنَا يَرَى الدِّرْهَمَ عَظِيمًا فَقَالَ لِرَجُلٍ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ وَمَعْرُوفٌ مِنْهُ أَنَّهُ يَرَى الدِّرْهَمَ؟ عَظِيمًا أُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ مِائَتَيْ دِرْهَمٍ، وَرَأَيْت خَلِيفَةً أَوْ نَظِيرًا لِلْخَلِيفَةِ يَرَى أَلْفَ أَلْفٍ قَلِيلًا أَقَرَّ لِرَجُلِ فَقَالَ لَهُ عَلَيَّ مَالٌ عَظِيمٌ كَمْ يَنْبَغِي أَنْ أُعْطِيَهُ مِنْ هَذَا؟ فَإِنْ قُلْت مِائَتَيْ دِرْهَمٍ فَالْعَامَّةُ تَعْرِفُ أَنَّ قَوْلَ هَذَا عَظِيمٌ مِمَّا يَقَعُ فِي الْقَلْبِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَتُعْطَى مِنْهُ التَّافِهَ فَتَظْلِمُ فِي مَعْنَى قَوْلِك الْمُقَرَّ لَهُ إذَا لَمْ يَكُ عِنْدَك فِيهِ مَحْمَلٌ إلَّا كَلَامُ النَّاسِ، وَتَظْلِمُ الْمِسْكِينَ الْمُقِرَّ الَّذِي يَرَى الدِّرْهَمَ عَظِيمًا.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ دَرَاهِمُ فَقَالَ كَثِيرَةٌ أَوْ عَظِيمَةٌ أَوْ لَمْ يَقُلْهَا فَسَوَاءٌ، وَأُجْبِرُهُ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ ثَلَاثَةَ دَرَاهِمَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْمُقَرُّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَأَحْلِفُ الْمُقِرَّ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ أَزِدْهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ، وَإِنْ نَكَلَ قُلْت لِلْمُدَّعِي إنْ شِئْت فَخُذْ ثَلَاثَةً بِلَا يَمِينٍ، وَإِنْ شِئْت فَاحْلِفْ عَلَى أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ، وَخُذْ
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ