رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ: «مَا أَذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ أَذِنَهُ لِنَبِيٍّ حَسَنِ التَّرَنُّمِ بِالْقُرْآنِ» وَأَنَّهُ «سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ قَيْسٍ يَقْرَأُ فَقَالَ لَقَدْ أُوتِيَ هَذَا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُد»
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَلَا بَأْسَ بِالْقِرَاءَةِ بِالْأَلْحَانِ وَتَحْسِينِ الصَّوْتِ بِهَا بِأَيِّ وَجْهٍ مَا كَانَ، وَأَحَبُّ مَا يُقْرَأُ إلَيَّ حَدْرًا وَتَحْزِينًا
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَمَنْ تَأَكَّدَتْ عَلَيْهِ أَنَّهُ يَغْشَى الدَّعْوَةَ بِغَيْرِ دُعَاءٍ مِنْ غَيْرِ ضَرُورَةٍ، وَلَا يَسْتَحِلُّ صَاحِبَ الطَّعَامِ فَتَتَابَعَ ذَلِكَ مِنْهُ رَدَدْت شَهَادَتَهُ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ مُحَرَّمًا إذَا كَانَتْ الدَّعْوَةُ لِرَجُلٍ بِعَيْنِهِ. فَأَمَّا إنْ كَانَ طَعَامَ سُلْطَانٍ أَوْ رَجُلٍ يَتَشَبَّهُ بِالسُّلْطَانِ فَيَدْعُو النَّاسَ إلَيْهِ فَهَذَا طَعَامٌ عَامٌّ مُبَاحٌ، وَلَا بَأْسَ بِهِ. وَمِنْ كَانَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا وَصَفْنَا أَنَّ الشَّهَادَةَ تُرَدُّ بِهِ فَإِنَّمَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ فَأَمَّا إذَا تَابَ وَنَزَعَ قُبِلَتْ شَهَادَتُهُ
(قَالَ) : وَإِذَا نَثَرَ عَلَى النَّاسِ فِي الْفَرَحِ فَأَخَذَهُ بَعْضٌ مَنْ حَضَرَ لَمْ يَكُنْ هَذَا مِمَّا يُجْرَحُ بِهِ شَهَادَةُ أَحَدٍ لِأَنَّ كَثِيرًا يَزْعُمُ أَنَّ هَذَا مُبَاحٌ حَلَالٌ لِأَنَّ مَالِكَهُ إنَّمَا طَرَحَهُ لِمَنْ يَأْخُذُهُ. فَأَمَّا أَنَا فَأَكْرَهُهُ لِمَنْ أَخَذَهُ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ يَأْخُذُهُ مَنْ أَخَذَهُ، وَلَا يَأْخُذُهُ إلَّا بِغَلَبَةٍ لِمَنْ حَضَرَهُ إمَّا بِفَضْلِ قُوَّةٍ، وَإِمَّا بِفَضْلِ قِلَّةِ حَيَاءٍ، وَالْمَالِكُ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ قَصْدَهُ إنَّمَا قَصَدَ بِهِ قَصْدَ الْجَمَاعَةِ فَأَكْرَهُهُ لِآخِذِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ حَظَّهُ مِنْ حَظِّ مَنْ قُصِدَ بِهِ بِلَا أَذِيَّةٍ، وَأَنَّهُ خِلْسَةٌ وَسُخْفٌ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَمَا يَنْبَغِي عِنْدِي لِقَاضٍ، وَلَا لِوَالٍ مِنْ وُلَاةِ الْمُسْلِمِينَ أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا ذِمِّيًّا، وَلَا يَضَعَ الذِّمِّيَّ فِي مَوْضِعٍ يَتَفَضَّلُ بِهِ مُسْلِمًا. وَيَنْبَغِي أَنْ نَعْرِفَ الْمُسْلِمِينَ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُمْ حَاجَةٌ إلَى غَيْرِ أَهْلِ دِينِهِمْ، وَالْقَاضِي أَقَلُّ الْخَلْقِ بِهَذَا عُذْرًا، وَلَا يَنْبَغِي لِلْقَاضِي أَنْ يَتَّخِذَ كَاتِبًا لِأُمُورِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يَجْمَعَ أَنْ يَكُونَ عَدْلًا جَائِزَ الشَّهَادَةِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ عَاقِلًا لَا يُخْدَعُ، وَيَحْرِصُ عَلَى أَنْ يَكُونَ فَقِيهًا لَا يُؤْتَى مِنْ جَهَالَةٍ، وَعَلَى أَنْ يَكُونَ نَزِهًا بَعِيدًا مِنْ الطَّمَعِ فَإِنْ كَتَبَ لَهُ عِنْدَهُ فِي حَاجَةِ نَفْسِهِ وَضَيْعَتِهِ دُونَ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا بَأْسَ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَتَبَ لَهُ رَجُلٌ غَيْرُ عَدْلٍ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَالْقَسَّامُ فِي هَذَا بِمَنْزِلَةِ مَا وَصَفْت مِنْ الْكُتَّابِ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْقَاسِمُ إلَّا عَدْلًا مَقْبُولَ الشَّهَادَةِ مَأْمُونًا عَالِمًا بِالْحِسَابِ أَقَلَّ مَا يَكُونُ مِنْهُ، وَلَا يَكُونُ غَبِيًّا يُخْدَعُ، وَلَا مِمَّنْ يُنْسَبُ إلَى الطَّمَعِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : وَإِذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عِنْدَ الْقَاضِي فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ نُسْخَةٌ بِشَهَادَتِهِمْ عِنْدَهُ، وَأَنْ يَتَوَلَّى خَتْمَهَا وَرَفْعَهَا، وَيَكُونَ ذَلِكَ بَيْنَ يَدَيْهِ، وَلَا يَغِيبُ عَنْهُ، وَيَلِيهِ بِيَدَيْهِ أَوْ يُوَلِّيهِ أَحَدًا بَيْنَ يَدَيْهِ. وَأَنْ لَا يَفْتَحَ الْمَوْضِعَ الَّذِي فِيهِ تِلْكَ الشَّهَادَةُ إلَّا بَعْدَ نَظَرِهِ إلَى خَاتَمِهِ أَوْ عَلَامَةٍ لَهُ عَلَيْهِ، وَأَنْ لَا