أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهَا فِي أَيِّ يَوْمٍ أَوْ أَيِّ لَيْلَةٍ شَاءَ مِنْ لَيَالِي نِسَائِهِ (قَالَ) : وَلَا أُحِبُّ فِي مُقَامِهِ عِنْدَ بِكْرٍ وَلَا ثَيِّبٍ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ صَلَاةٍ وَلَا بِرٍّ كَانَ يَعْمَلُ قَبْلَ الْعُرْسِ وَلَا شُهُودِ جِنَازَةٍ وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَخَلَّفَ عَنْ إجَابَةِ دَعْوَةٍ.
ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) - رَحِمَهُ اللَّهُ -: أَخْبَرَنِي عَمِّي مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ شَافِعٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا أَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَإِذَا كَانَ لِلرَّجُلِ نِسْوَةٌ فَأَرَادَ سَفَرًا فَلَيْسَ بِوَاجِبٍ أَنْ يَخْرُجَ بِهِنَّ وَلَا بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ بِهِنَّ أَوْ بِبَعْضِهِنَّ فَذَلِكَ لَهُ فَإِنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ بِوَاحِدَةٍ أَوْ اثْنَتَيْنِ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ فَأَيَّتُهُنَّ خَرَجَ سَهْمُهَا خَرَجَ بِهَا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَخْرُجَ بِغَيْرِهَا وَلَهُ أَنْ يَتْرُكَهَا إنْ شَاءَ، وَهَكَذَا إنْ أَرَادَ الْخُرُوجَ بِاثْنَتَيْنِ أَوْ ثَلَاثٍ لَمْ يَخْرُجْ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إلَّا بِقُرْعَةٍ فَإِنْ خَرَجَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ بِغَيْرِ قُرْعَةٍ كَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَقْسِمَ لِمَنْ بَقِيَ بِقَدْرِ مَغِيبِهِ مَعَ الَّتِي خَرَجَ بِهَا (قَالَ) : فَإِذَا خَرَجَ بِامْرَأَةٍ بِالْقُرْعَةِ كَانَ لَهَا السَّفَرُ خَالِصًا دُونَ نِسَائِهِ لَا يَحْتَسِبُ عَلَيْهَا وَلَا لَهُنَّ مِنْ مَغِيبِهَا مَعَهُ فِي السَّفَرِ مُنْفَرِدَةً شَيْءٌ وَسَوَاءٌ قَصُرَ سَفَرُهُ أَوْ طَالَ (قَالَ) : وَلَوْ أَرَادَ السَّفَرَ لِنَقْلِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْتَقِلَ بِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ إلَّا أَوْفَى الْبَوَاقِيَ مِثْلَ مُقَامِهِ مَعَهَا (قَالَ) : وَلَوْ خَرَجَ مُسَافِرًا بِقُرْعَةٍ ثُمَّ أَزْمَعَ الْمُقَامَ لِنَقْلِهِ كَانَ لِلَّتِي سَافَرَ بِهَا بِالْقُرْعَةِ مَا مَضَى قَبْلَ إزْمَاعِهِ الْمُقَامَ عَلَى النَّقْلَةِ وَحُسِبَ عَلَيْهَا مُقَامُهُ مَعَهَا بَعْدَ النَّقْلَةِ فَأَوْفَى الْبَوَاقِيَ حُقُوقَهُنَّ فِيهَا
(قَالَ) : وَلَوْ أَقْرَعَ بَيْنَ نِسَائِهِ عَلَى سَفَرٍ فَخَرَجَ سَهْمُ وَاحِدَةٍ فَخَرَجَ بِهَا ثُمَّ أَرَادَ سَفَرًا قَبْلَ رُجُوعِهِ مِنْ ذَلِكَ السَّفَرِ كَانَ ذَلِكَ كُلُّهُ كَالسَّفَرِ الْوَاحِدِ مَا لَمْ يَرْجِعْ فَإِذَا رَجَعَ فَأَرَادَ سَفَرًا أَقْرَعَ
(قَالَ) : وَلَوْ سَافَرَ بِوَاحِدَةٍ فَنَكَحَ فِي سَفَرِهِ أُخْرَى كَانَ لِلَّتِي نَكَحَ مَا لِلْمَنْكُوحَةِ مِنْ الْأَيَّامِ دُونَ الَّتِي سَافَرَ بِهَا ثُمَّ اسْتَأْنَفَ الْقَسْمَ بَيْنَهُمَا بِالْعَدَدِ وَلَا يَحْسِبُ لِنِسَائِهِ اللَّاتِي خَلَفَ مِنْ الْأَيَّامِ الَّتِي نَكَحَ فِي سَفَرِهِ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ حَيْثُ يُمْكِنُهُ الْقَسْمُ لَهُنَّ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: 34] إلَى قَوْلِهِ {سَبِيلا} [النساء: 34] (قَالَ الشَّافِعِيُّ) أَخْبَرَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ عَنْ إيَاسِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «لَا تَضْرِبُوا إمَاءَ اللَّهِ قَالَ فَأَتَاهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ذَئِرَ النِّسَاءُ عَلَى أَزْوَاجِهِنَّ فَأَذِنَ فِي ضَرْبِهِنَّ فَأَطَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ فَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَقَدْ أَطَافَ اللَّيْلَةَ بِآلِ مُحَمَّدٍ سَبْعُونَ امْرَأَةً كُلُّهُنَّ يَشْتَكِينَ أَزْوَاجَهُنَّ وَلَا تَجِدُونَ أُولَئِكَ خِيَارَكُمْ» (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فِي نَهْيِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ.
ثُمَّ إذْنِهِ فِي ضَرْبِهِنَّ وَقَوْلِهِ «لَنْ يَضْرِبَ خِيَارُكُمْ» يُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نَهَى عَنْهُ عَلَى اخْتِيَارِ النَّهْيِ وَأَذِنَ فِيهِ بِأَنَّ مُبَاحًا لَهُمْ الضَّرْبُ فِي الْحَقِّ وَاخْتَارَ لَهُمْ أَنْ لَا يُضْرَبُوا لِقَوْلِهِ «لَنْ يَضْرِبَ خِيَارُكُمْ» (قَالَ) : وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ نُزُولِ الْآيَةِ بِضَرْبِهِنَّ ثُمَّ أَذِنَ لَهُمْ بَعْدَ نُزُولِهَا بِضَرْبِهِنَّ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَفِي قَوْلِهِ «لَنْ يَضْرِبَ خِيَارُكُمْ» دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ ضَرْبَهُنَّ مُبَاحٌ لَا فَرْضٌ أَنْ