الام للشافعي (صفحة 1318)

[مَا جَاءَ فِي أَمْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ]

ِ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَمَّا خَصَّ بِهِ رَسُولَهُ مِنْ وَحْيِهِ وَأَبَانَ مِنْ فَضْلِهِ مِنْ الْمُبَايَنَةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ خَلْقِهِ بِالْفَرْضِ عَلَى خَلْقِهِ بِطَاعَتِهِ فِي غَيْرِ آيَةٍ مِنْ كِتَابِهِ فَقَالَ {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80] وَقَالَ {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63] وَقَالَ {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا} [النور: 63] وَقَالَ {إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً} [المجادلة: 12] وَقَالَ {لا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ} [الحجرات: 2] .

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ -: افْتَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَشْيَاءَ خَفَّفَهَا عَنْ خَلْقِهِ لِيَزِيدَهُ بِهَا إنْ شَاءَ اللَّهُ قُرْبَةً إلَيْهِ وَكَرَامَةً وَأَبَاحَ لَهُ أَشْيَاءَ حَظَرَهَا عَلَى خَلْقِهِ زِيَادَةً فِي كَرَامَتِهِ وَتَبَيُّنًا لِفَضِيلَتِهِ مَعَ مَا لَا يُحْصَى مِنْ كَرَامَتِهِ لَهُ وَهِيَ مَوْضُوعَةٌ فِي مَوَاضِعِهَا.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - فَمِنْ ذَلِكَ مَنْ مَلَكَ زَوْجَةً سِوَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ أَنْ يُخْبِرَهَا فِي الْمُقَامِ مَعَهُ أَوْ فِرَاقِهَا لَهُ وَلَهُ حَبْسُهَا إذَا أَدَّى إلَيْهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَهَا وَإِنْ كَرِهَتْهُ وَأَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُخَيِّرَ نِسَاءَهُ فَقَالَ {قُلْ لأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا} [الأحزاب: 28] إلَى قَوْلِهِ {أَجْرًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 29] فَخَيَّرَهُنَّ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاخْتَرْنَهُ فَلَمْ يَكُنْ الْخِيَارُ إذَا اخْتَرْنَهُ طَلَاقًا وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ أَنْ يُحْدِثَ لَهُنَّ طَلَاقًا إذَا اخْتَرْنَهُ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَانَ تَخْيِيرُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ كَمَا أَمَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إنْ أَرَدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا وَلَمْ يَخْتَرْنَهُ وَأَحْدَثَ لَهُنَّ طَلَاقًا لَا لِيَجْعَلَ الطَّلَاقَ إلَيْهِنَّ لِقَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ {فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلا} [الأحزاب: 28] أُحْدِثُ لَكُنَّ إذَا اخْتَرْتُنَّ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا مَتَاعًا وَسَرَاحًا فَلَمَّا اخْتَرْنَهُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْدِثَ لَهُنَّ طَلَاقًا وَلَا مَتَاعًا فَأَمَّا «قَوْلُ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - قَدْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاخْتَرْنَاهُ» أَفَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا؟ فَتَعْنِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ لَمْ يُوجِبْ ذَلِكَ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُحْدِثَ لَنَا طَلَاقًا (قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَإِذَا فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنْ اخْتَرْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا أَنْ يُمَتِّعَهُنَّ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلَمْ يُطَلِّقْ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَكُلُّ مَنْ خَيَّرَ امْرَأَتَهُ فَلَمْ تَخْتَرْ الطَّلَاقَ فَلَا طَلَاقَ عَلَيْهِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ خَيَّرَ فَلَيْسَ لَهُ الْخِيَارُ بِطَلَاقٍ حَتَّى تُطَلِّقَ الْمُخَيَّرَةُ نَفْسَهَا أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ «أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ قَدْ خَيَّرَنَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» فَكَانَ ذَلِكَ طَلَاقًا أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا الثِّقَةُ عَنْ مَعْمَرٍ عَنْ الزُّهْرِيِّ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - بِمِثْلِ مَعْنَى هَذَا الْحَدِيثِ.

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ} [الأحزاب: 52] (قَالَ الشَّافِعِيُّ) قَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ أُنْزِلَتْ عَلَيْهِ {لا يَحِلُّ لَكَ} [الأحزاب: 52] بَعْدَ تَخْيِيرِهِ أَزْوَاجَهُ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ أَخْبَرَنَا الشَّافِعِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ عَطَاءٍ عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ قَالَ قَالَ الشَّافِعِيُّ كَأَنَّهَا تَعْنِي اللَّاتِي حَظَرْنَ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ} [الأحزاب: 52] .

(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَأَحْسَبُ قَوْلَ عَائِشَةَ أُحِلَّ لَهُ النِّسَاءُ لِقَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى

طور بواسطة نورين ميديا © 2015