الْأَعْيَادِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا تُرِيدُ الْخُرُوجَ إلَيْهِ إذَا كَانَ لَهُ مَنْعُ الْمُسْلِمَةِ إتْيَانَ الْمَسْجِدِ وَهُوَ حَقٌّ كَانَ لَهُ فِي النَّصْرَانِيَّةِ مَنْعُ إتْيَانِ الْكَنِيسَةِ لِأَنَّهُ بَاطِلٌ وَلَهُ مَنْعُهَا شُرْبَ الْخَمْرِ لِأَنَّهُ يُذْهِبُ عَقْلَهَا وَمَنْعُهَا أَكْلَ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ إذَا كَانَ يَتَقَذَّرُ بِهِ وَمَنْعُهَا أَكْلَ مَا حَلَّ إذَا تَأَذَّى بِرِيحِهِ مِنْ ثُومٍ وَبَصَلٍ إذَا لَمْ تَكُنْ بِهَا ضَرُورَةٌ إلَى أَكْلِهِ وَإِنْ قُدِّرَ ذَلِكَ مِنْ حَلَالٍ لَا يُوجَدُ رِيحُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهَا إيَّاهُ وَكَذَلِكَ لَا يَكُونُ لَهُ مَنْعُهَا لُبْسَ مَا شَاءَتْ مِنْ الثِّيَابِ مَا لَمْ تَلْبَسْ جِلْدَ مَيْتَةٍ أَوْ ثَوْبًا مُنْتِنًا يُؤْذِيهِ رِيحُهُمَا فَيَمْنَعُهَا مِنْهُمَا.
قَالَ وَإِذَا نَكَحَ الْمُسْلِمُ الْكِتَابِيَّةَ فَارْتَدَّتْ إلَى مَجُوسِيَّةٍ أَوْ دِينٍ غَيْرِ دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ فَإِنْ رَجَعَتْ إلَى الْإِسْلَامِ أَوْ إلَى دِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ قَبْلَ انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ فَهُمَا عَلَى النِّكَاحِ وَإِنْ لَمْ تَرْجِعْ حَتَّى تَنْقَضِيَ الْعِدَّةُ فَقَدْ انْقَطَعَتْ الْعِصْمَةُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الزَّوْجِ وَلَا نَفَقَةَ لَهَا فِي الْعِدَّةِ لِأَنَّهَا مَانِعَةٌ لَهُ نَفْسَهَا بِالرِّدَّةِ.
قَالَ وَلَا يُقْتَلُ بِالرِّدَّةِ مَنْ انْتَقَلَ مِنْ كُفْرٍ إلَى كُفْرٍ إنَّمَا يُقْتَلُ مَنْ خَرَجَ مِنْ دِينِ الْإِسْلَامِ إلَى الشِّرْكِ فَأَمَّا مَنْ خَرَجَ مِنْ بَاطِلٍ إلَى بَاطِلٍ فَلَا يُقْتَلُ وَيُنْفَى مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ أَوْ يَعُودَ إلَى أَحَدِ الْأَدْيَانِ الَّتِي يُؤْخَذُ مِنْ أَهْلِهَا الْجِزْيَةُ يَهُودِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ مَجُوسِيَّةٍ فَيُقَرُّ فِي بِلَادِ الْإِسْلَامِ. قَالَ وَلَوْ ارْتَدَّتْ مِنْ يَهُودِيَّةٍ إلَى نَصْرَانِيَّةٍ أَوْ نَصْرَانِيَّةٍ إلَى يَهُودِيَّةٍ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ كَانَ يَصْلُحُ لَهُ أَنْ يَبْتَدِئَ نِكَاحَهَا لَوْ كَانَتْ مِنْ أَهْلِ الدِّينِ الَّذِي خَرَجَتْ إلَيْهِ (قَالَ الرَّبِيعُ) الَّذِي أَحْفَظُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيُّ أَنَّهُ قَالَ إذَا كَانَ نَصْرَانِيًّا فَخَرَجَ إلَى دِينِ الْيَهُودِيَّةِ أَنَّهُ يُقَالُ لَهُ لَيْسَ لَكَ أَنْ تُحْدِثَ دِينًا لَمْ تَكُنْ عَلَيْهِ قَبْلَ نُزُولِ الْقُرْآنِ فَإِنْ أَسْلَمْتَ أَوْ رَجَعْت إلَى دِينِك الَّذِي كُنَّا نَأْخُذُ مِنْكَ عَلَيْهِ الْجِزْيَةَ تَرَكْنَاكَ وَإِلَّا أَخْرَجْنَاكَ مِنْ بِلَادِ الْإِسْلَامِ وَنَبَذْنَا إلَيْكَ وَمَتَى قَدَرْنَا عَلَيْكَ قَتَلْنَاكَ وَهَذَا الْقَوْلُ أَحَبُّ إلَى الرَّبِيعِ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ) : وَلَا يَجُوزُ نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ لِمُسْلِمٍ عَبْدٍ وَلَا حُرٍّ بِحَالٍ لِمَا وَصَفْت مِنْ نَصِّ الْقُرْآنِ وَدَلَالَتِهِ قَالَ وَأَيُّ صِنْفٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ حَلَّ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ حَلَّ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ وَأَيُّ صِنْفٍ حَرُمَ نِكَاحُ حَرَائِرِهِمْ حَرُمَ وَطْءُ إمَائِهِمْ بِالْمِلْكِ وَيَحِلُّ وَطْءُ الْأَمَةِ الْكِتَابِيَّةِ بِالْمِلْكِ كَمَا تَحِلُّ حَرَائِرُهُمْ بِالنِّكَاحِ وَلَا يَحِلُّ وَطْءُ أَمَةٍ مُشْرِكَةٍ غَيْرِ كِتَابِيَّةٍ بِالْمِلْكِ كَمَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُ نِسَائِهِمْ وَلَوْ كَانَ أَصْلُ نَسَبِ أَمَةٍ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْكِتَابِ ثُمَّ دَانَتْ دِينَ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ يَحِلَّ وَطْؤُهَا كَمَا لَا يَحِلُّ نِكَاحُ الْحَرَائِرِ مِنْهُمْ وَلَا يَحِلُّ نِكَاحُ أَمَةٍ كِتَابِيَّةٍ لِمُسْلِمٍ بِحَالٍ لِأَنَّهَا دَاخِلَةٌ فِي مَعْنَى مَنْ حَرُمَ مِنْ الْمُشْرِكَاتِ وَغَيْرُ حَلَالٍ مَنْصُوصَةٌ بِالْإِحْلَالِ كَمَا نَصَّ حَرَائِرَ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي النِّكَاحِ وَأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إنَّمَا أَحَلَّ نِكَاحَ إمَاءِ أَهْلِ الْإِسْلَامِ بِمَعْنَيَيْنِ سَوَاءٌ أَنْ لَا يَجِدَ النَّاكِحُ طَوْلًا لِحُرَّةٍ وَيَخَافَ الْعَنَتَ وَالشَّرْطَانِ فِي إمَاءِ الْمُسْلِمِينَ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ نِكَاحَهُنَّ أُحِلَّ بِمَعْنًى دُونَ مَعْنًى وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ مَنْ خَالَفَهُنَّ مِنْ إمَاءِ الْمُشْرِكِينَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ شَرْطٌ ثَالِثٌ وَالْأَمَةَ الْمُشْرِكَةَ خَارِجَةٌ مِنْهُ فَلَوْ نَكَحَ رَجُلٌ أَمَةً كِتَابِيَّةً كَانَ النِّكَاحُ فَاسِدًا يُفْسَخُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْوَطْءِ وَبَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَطِئَ فَلَا صَدَاقَ لَهَا وَإِنْ كَانَ وَطِئَ فَلَهَا مَهْرُ مِثْلِهَا وَيَلْحَقُ الْوَلَدُ بِالنَّاكِحِ وَهُوَ مُسْلِمٌ وَيُبَاعُ عَلَى مَالِكِهِ إنْ كَانَ كِتَابِيًّا وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا لَمْ يُبَعْ عَلَيْهِ. وَلَوْ وَطِئَ أَمَةً غَيْرَ كِتَابِيَّةٍ مُنِعَ أَنْ يَعُودَ لَهَا حَبِلَتْ أَوْ لَمْ تَحْبَلْ وَإِنْ حَبِلَتْ فَوَلَدَتْ فَهِيَ أُمُّ وَلَدٍ لَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِدِينِهَا كَمَا يَكُونُ أَمَةٌ لَهُ وَلَا يَحِلُّ لَهُ وَطْؤُهَا لِدِينِهَا فَإِذَا مَاتَ عَتَقَتْ بِمَوْتِهِ وَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهَا وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَهِيَ كَارِهَةٌ وَيَسْتَخْدِمَهَا فِيمَا تُطِيقُ كَمَا يَسْتَخْدِمُ أَمَةً غَيْرَهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَهَا أُخْتٌ حُرَّةٌ مُسْلِمَةٌ حَلَّ لَهُ نِكَاحُهَا وَهَكَذَا إنْ كَانَتْ لَهَا أُخْتٌ لِأُمِّهَا حُرَّةً كِتَابِيَّةً أَبُوهَا كِتَابِيٌّ فَاشْتَرَاهَا حَلَّ لَهُ وَطْؤُهَا بِمِلْكِ الْيَمِينِ وَلَمْ يَكُنْ هَذَا جَمْعًا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ لِأَنَّ وَطْءَ الْأُولَى الَّتِي هِيَ غَيْرُ كِتَابِيَّةٍ غَيْرُ جَائِزٍ لَهُ وَإِنَّمَا الْجَمْعُ أَنْ يَجْمَعَ بَيْنَ مَنْ يَحِلُّ وَطْؤُهُ عَلَى الِانْفِرَادِ.
وَإِنْ كَانَتْ لَهَا أُخْتٌ مِنْ أَبِيهَا تَدِينُ بِدِينِ أَهْلِ الْكِتَابِ لَمْ تَحِلَّ لَهُ بِالْمِلْكِ لِأَنَّ نَسَبَهَا إلَى أَبِيهَا وَأَبُوهَا غَيْرُ كِتَابِيٍّ إنَّمَا أَنْظُرُ فِيمَا يَحِلُّ مِنْ الْمُشْرِكَاتِ إلَى نَسَبِ الْأَبِ وَلَيْسَ هَذَا كَالْمَرْأَةِ يُسْلِمُ أَحَدُ أَبَوَيْهَا وَهِيَ صَغِيرَةٌ لِأَنَّ