الْمُقَامُ بِبَلَدٍ مِنْهَا إلَّا ثَلَاثَ لَيَالٍ حَتَّى تَظْعَنُوا مِنْهُ، وَعَلَى أَنَّ مَنْ أَنْبَتَ الشَّعْرُ تَحْتَ ثِيَابِهِ، أَوْ احْتَلَمَ، أَوْ اسْتَكْمَلَ خَمْسَ عَشْرَةَ سَنَةً قَبْلَ ذَلِكَ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ لَازِمَةٌ لَهُ إنْ رَضِيَهَا فَإِنْ لَمْ يَرْضَهَا فَلَا عَقْدَ لَهُ، وَلَا جِزْيَةَ عَلَى أَبْنَائِكُمْ الصِّغَارِ، وَلَا صَبِيٍّ غَيْرِ بَالِغٍ وَمَغْلُوبٍ عَلَى عَقْلِهِ، وَلَا مَمْلُوكٍ، فَإِذَا أَفَاقَ الْمَغْلُوبُ عَلَى عَقْلِهِ وَبَلَغَ الصَّبِيُّ وَعَتَقَ الْمَمْلُوكُ مِنْكُمْ فَدَانَ دِينَكُمْ فَعَلَيْهِ جِزْيَتُكُمْ وَالشَّرْطُ عَلَيْكُمْ وَعَلَى مَنْ رَضِيَهُ وَمَنْ سَخِطَهُ مِنْكُمْ نَبَذْنَا إلَيْهِ وَلَكُمْ أَنْ نَمْنَعَكُمْ وَمَا يَحِلُّ مِلْكُهُ عِنْدَنَا لَكُمْ مِمَّنْ أَرَادَكُمْ مِنْ مُسْلِمٍ، أَوْ غَيْرِهِ بِظُلْمٍ بِمَا نَمْنَعُ بِهِ أَنْفُسَنَا وَأَمْوَالَنَا وَنَحْكُمُ لَكُمْ فِيهِ عَلَى مَنْ جَرَى حُكْمُنَا عَلَيْهِ بِمَا نَحْكُمُ بِهِ فِي أَمْوَالِنَا وَمَا يَلْزَمُ الْمَحْكُومَ فِي أَنْفُسِكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْنَا أَنْ نَمْنَعَ لَكُمْ شَيْئًا مَلَكْتُمُوهُ مُحَرَّمًا مِنْ دَمٍ، وَلَا مَيْتَةٍ، وَلَا خَمْرٍ، وَلَا خِنْزِيرٍ كَمَا نَمْنَعُ مَا يَحِلُّ مِلْكُهُ، وَلَا نَعْرِضُ لَكُمْ فِيهِ إلَّا أَنَّا لَا نَدَعَكُمْ تُظْهِرُونَهُ فِي أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ فَمَا نَالَهُ مِنْهُ مُسْلِمٌ، أَوْ غَيْرُهُ لَمْ نُغَرِّمْهُ ثَمَنَهُ؛ لِأَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وَلَا ثَمَنَ لِمُحَرَّمٍ وَنَزْجُرُهُ عَنْ الْعَرْضِ لَكُمْ فِيهِ فَإِنْ عَادَ أُدِّبَ بِغَيْرِ غَرَامَةٍ فِي شَيْءٍ مِنْهُ.
وَعَلَيْكُمْ الْوَفَاءُ بِجَمِيعِ مَا أَخَذْنَا عَلَيْكُمْ وَأَنْ لَا تَغْشَوْا مُسْلِمًا، وَلَا تُظَاهِرُوا عَدُوَّهُمْ عَلَيْهِمْ بِقَوْلٍ، وَلَا فِعْلٍ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَأَعْظَمُ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ مِنْ الْوَفَاءِ بِالْمِيثَاقِ وَلَكُمْ عَهْدُ اللَّهِ وَمِيثَاقُهُ وَذِمَّةُ فُلَانٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ بِالْوَفَاءِ لَكُمْ، وَعَلَى مَنْ بَلَغَ مِنْ أَبْنَائِكُمْ مَا عَلَيْكُمْ بِمَا أَعْطَيْنَاكُمْ مَا وَفَّيْتُمْ بِجَمِيعِ مَا شَرَطْنَا عَلَيْكُمْ فَإِنْ غَيَّرْتُمْ أَوْ بَدَّلْتُمْ فَذِمَّةُ اللَّهِ ثُمَّ ذِمَّةُ فُلَانٍ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ بَرِيئَةٌ مِنْكُمْ وَمَنْ غَابَ عَنْ كِتَابِنَا مِمَّنْ أَعْطَيْنَاهُ مَا فِيهِ فَرَضِيَهُ إذَا بَلَغَهُ فَهَذِهِ الشُّرُوطُ لَازِمَةٌ لَهُ وَلَنَا فِيهِ وَمَنْ لَمْ يَرْضَ نَبَذْنَا إلَيْهِ. شُهِدَ.
(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -) : فَإِنْ شَرَطَ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةً، فَإِذَا فَرَغَ مِنْ ذِكْرِ الْجِزْيَةِ كَتَبَ فِي أَثَرِ قَوْلِهِ: وَلَا شَيْءَ عَلَيْكُمْ فِي أَمْوَالِكُمْ غَيْرَ الدِّينَارِ فِي السَّنَةِ وَالضِّيَافَةِ عَلَى مَا سَمَّيْنَا فَكُلُّ مَنْ مَرَّ بِهِ مُسْلِمٌ، أَوْ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فَعَلَيْهِ أَنْ يُنْزِلَهُ فِي فَضْلِ مَنَازِلِهِ فِيمَا يُمْكِنُهُ مِنْ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ لَيْلَةً وَيَوْمًا، أَوْ ثَلَاثًا إنْ شَرَطُوا ثَلَاثًا وَيُطْعِمُهُ مِنْ نَفَقَةِ عَامَّةِ أَهْلِهِ مِثْلَ الْخُبْزِ وَالْخَلِّ وَالْجُبْنِ وَاللَّبَنِ وَالْحِيتَانِ وَاللَّحْمِ وَالْبُقُولِ الْمَطْبُوخَةِ وَيَعْلِفُهُ دَابَّةً وَاحِدَةً تِبْنًا، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ فِي مَكَانِهِ فَإِنْ أَقَامَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ ضِيَافَةٌ، وَلَا عَلَفُ دَابَّةٍ وَعَلَى الْوَسَطِ أَنْ يُنْزِلَ كُلَّ مَنْ مَرَّ بِهِ رَجُلَيْنِ وَثَلَاثَةً لَا يَزِيدُ عَلَيْهِمْ وَيَصْنَعُ لَهُمْ مَا وَصَفْت وَعَلَى الْمُوسِعِ أَنْ يُنْزِلَ كُلَّ مَنْ مَرَّ بِهِ مَا بَيْنَ ثَلَاثَةٍ إلَى سِتَّةٍ لَا يَزِيدُونَ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا يَصْنَعُونَ بِدَوَابِّهِمْ إلَّا مَا وَصَفْت إلَّا أَنْ يَتَطَوَّعُوا لَهُمْ بِأَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَإِنْ قَلَّتْ الْمَارَّةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ يُفَرِّقُهُمْ وَعَدَلُوا فِي تَفْرِيقِهِمْ.
فَإِنْ كَثُرَ الْجَيْشُ حَتَّى لَا يَحْتَمِلَهُمْ مَنَازِلُ أَهْلِ الْغِنَى، وَلَا يَجِدُونَ مَنْزِلًا أَنْزَلَهُمْ أَهْلُ الْحَاجَةِ فِي فَضْلِ مَنَازِلِهِمْ وَلَيْسَتْ عَلَيْهِمْ ضِيَافَةٌ فَإِنْ لَمْ يَجِدُوا فَضْلًا مِنْ مَنَازِلِ أَهْلِ الْحَاجَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ أَنْ يُخْرِجُوهُمْ وَيَنْزِلُوا مَنَازِلَهُمْ وَإِذَا كَثُرُوا وَقَلَّ مَنْ يُضَيِّفُهُمْ فَأَيُّهُمْ سَبَقَ إلَى النُّزُولِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، وَإِنْ جَاءُوا مَعًا أَقْرَعُوا فَإِنْ لَمْ يَفْعَلُوا وَغَلَبَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا ضُيِّفَ الْغَالِبُ، وَلَا ضِيَافَةَ عَلَى أَحَدٍ أَكْثَرَ مِمَّا وَصَفْت، فَإِذَا نَزَلُوا بِقَوْمٍ آخَرِينَ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ أَحْبَبْت أَنْ يَدَعَ الَّذِينَ قَرَوْا الْقِرَى وَيُقْرِيَ الَّذِينَ لَمْ يُقْرُوا، فَإِذَا ضَاقَ عَلَيْهِمْ الْأَمْرُ فَإِنْ لَمْ يُقْرِهِمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ لَمْ يَأْخُذْ مِنْهُمْ ثَمَنًا لِلْقِرَى، فَإِذَا مَضَى الْقِرَى لَمْ يُؤْخَذُوا بِهِ إذَا سَأَلَهُمْ الْمُسْلِمُونَ، وَلَا يَأْخُذُ الْمُسْلِمُونَ مِنْ ثِمَارِ أَهْلِ الذِّمَّةِ، وَلَا أَمْوَالِهِمْ شَيْئًا بِغَيْرِ إذْنِهِمْ، وَإِذَا لَمْ يَشْتَرِطُوا عَلَيْهِمْ ضِيَافَةً فَلَا ضِيَافَةَ عَلَيْهِمْ وَأَيُّهُمْ قَالَ أَوْ فَعَلَ شَيْئًا مِمَّا وَصَفْته نَقْضًا لِلْعَهْدِ وَأَسْلَمَ لَمْ يُقْتَلْ إذَا كَانَ ذَلِكَ قَوْلًا، وَكَذَلِكَ إذَا كَانَ فِعْلًا لَمْ يُقْتَلْ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي دِينِ الْمُسْلِمِينَ إنْ فَعَلَهُ قُتِلَ حَدًّا أَوْ قِصَاصًا فَيُقْتَلُ بِحَدٍّ، أَوْ قِصَاصٍ لَا نَقْضَ عَهْدٍ، وَإِنْ فَعَلَ مَا وَصَفْنَا وَشَرَطَ أَنَّهُ نَقَضَ لِعَهْدِ الذِّمَّةِ فَلَمْ يُسْلِمْ، وَلَكِنَّهُ قَالَ: أَتُوبُ وَأُعْطِي الْجِزْيَةَ كَمَا كُنْت