يعبد فهو إله بمعنى مألوه، لا إله بمعنى آلِه، والتوحيد أن يعبد الله وحده لا شريك له، والإشراك أن يجعل مع الله إلها آخر"1.
وقد ستروا تحت قولهم في التوحيد باطلاً كثيراً، أما قولهم: إن الله واحد في ذاته لا قسيم له؛ فليس مرادهم بأنه لا ينقسم ولا يتبعض أنه لا ينفصل بعضه عن بعض، وأنه لا يكون إلهين اثنين ونحو هذا، فإن هذا حق لا ريب فيه، وإنما مرادهم بذلك أنه لا يشهد، ولا يرى منه شيء دون شيء، ولا يدرك منه شيء دون شيء، ولا يعلم منه شيء دون شيء، ولا يمكن أن يشار منه إلى شيء دون شيء، بحيث أنه ليس له في نفسه حقيقة عندهم قائمة بنفسها، يمكنه هو أن يشير منها إلى شيء دون شيء، فهذا ونحوه هو المراد عندهم بكونه لا ينقسم، ويسمون ذلك نفي التجسيم2.
وأما قولهم واحد في صفاته لا شبيه له: فهذه الكلمة –كما يقول شيخ الإسلام - أقرب إلى الإسلام، لكن أجملوها فجعلوا نفي الصفات أو بعضها داخلا في نفي التشبيه3.
وأما قولهم واحد في أفعاله لا شريك له: فهذا معنى صحيح، وهو حق، وهو أجود ما اعتصموا به من الإسلام في أصولهم، حيث اعترفوا فيه بأن الله خالق كل شيء، ومربيه ومدبره –مع خلاف المعتزلة4 في خلق أفعال العباد - 5، ولكنهم جعلوا هذا النوع هو الغاية وأطالوا في تقريره وشرحه، مع أن المشركين كانوا يقرون به وهم مع ذلك مشركون، ومن