وحده من جهة ما هو فعال أنه جوهر بالصفة المذكورة، من شأنه أن يخرج العقل الهيولاني من القوة إلى الفعل، بإشرافه عليه1. والعقول الفعالة هي العقول المفارقة.

والموجودات عند الفلاسفة ثلاثة أقسام:

أجسام وهي أخسها، وعقول فعالة وهي أشرفها؛ لبراءتها عن المادة وعلاقة المادة، حتى إنها لا تحرك المواد أيضاً إلا بالشوق، وأوسطها النفوس وهي تنفعل من العقل، وتفعل في الأجسام، وهي واسطة، ويعنون بالملائكة السماوية نفوس الأفلاك؛ فإنها حية عندهم، وبالملائكة المقربين، العقول الفعالة2، وهي العقول المجردة التي هي جواهر قائمة بأنفسها، لا تتحيز ولا تتصرف في الأجسام، والصور الجزئية تفيض على النفوس السماوية منها3.

العقل الكلي: هو المعنى المعقول، المقول على كثيرين مختلفين بالعدد، من العقول التي لأشخاص الناس، فلا وجود له في القوام، بل في التصور.

عقل الكل: يقال لمعنيين، لأجل أن الكل يقال لمعنيين: أحدهما: جملة العالم، والثاني: الجرم الأقصى، أي الفلك التاسع الذي يدور في اليوم والليلة، فيتحرك كل ما هو حشوه من السماوات كلها، فيقال لجرمه جرم الكل، ولحركته حركة الكل، وهو المراد بالعرش عندهم.

فعقل الكل باعتبار المعنى الأول، هو جملة الذوات المجردة عن المادة من جميع الجهات، التي لا تتحرك لا بالذات، ولا بالعرض، ولا تحرك إلا بالشوق. وآخر رتبة هذه الجملة، هو العقل الفعال، المخرج للنفس الإنسانية، في العلوم العقلية، من القوة إلى الفعل4. وهم يقولون إن المبدأ لجميع الحوادث في هذا العالم إنما هو العقل الفعال5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015