4 - الوجود المطلق:

الوجود المطلق الذي قال به الفلاسفة المتأخرون، وملاحدة الصوفية أنواع:

الأول: الوجود المطلق بشرط الإطلاق، وهو الذي لا يتعين، ولا يتخصص بحقيقة يمتاز بها عن سائر الموجودات، بل حقيقته وجود محض مطلق، بشرط نفي جميع القيود والمعينات والمخصصات1. وذلك كإنسان مطلق بشرط الإطلاق، وحيوان مطلق بشرط الإطلاق، وهذا لا يكون إلا في الأذهان دون الأعيان2.

الثاني: الوجود المطلق بشرط سلب الأمور الثبوتية، كما هو قول ابن سينا وأتباعه، ويعبرون عن هذا بأن وجوده ليس عارضاً لشيء من الماهيات والحقائق3.

الثالث: الوجود المطلق لا بشرط الإطلاق، وهو قول ملاحدة الصوفية، حيث جعلوا الله هو الوجود من حيث هو هو، مع قطع النظر عن كونه واجباً وممكناً، وواحداً وكثيراً4.

5 - الرد على القائلين بأن الوجود الواجب هو الوجود المطلق:

عندما قسم ابن سينا الوجود إلى واجب وممكن، ومورد التقسيم مشترك بين الأقسام، فلم يمكنه أن يجعل هذا الوجود المنقسم إلى واجب وممكن، هو الوجود الواجب، فجعل الوجود الواجب، هو الوجود المطلق بشرط الإطلاق، أو بشرط سلب الأمور الثبوتية، وقوله هذا يعني نفي وجود الله، وبيان ذلك من وجوه:

أولاً: أن يقال الوجود المطلق بشرط الإطلاق، أو بشرط سلب الأمور الثبوتية، أو لا بشرط، مما يعلم بصريح العقل انتفاؤه في الخارج، وإنما يوجد في الذهن. وهذا مما قرروه في منطقهم اليوناني، وبينوا أن المطلق بشرط الإطلاق؛ كإنسان مطلق بشرط الإطلاق، وحيوان مطلق بشرط الإطلاق، لا يكون إلا في الأذهان دون الأعيان. ولما أثبت قدماؤهم الكليات المجردة عن الأعيان، التي يسمونها المثل الأفلاطونية، أنكر ذلك حذاقهم، وقالوا هذه لا تكون إلا في الذهن5.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015